أوضاع المسيحيين تتصدر مباحثات وزير الخارجية الألماني في بغداد

400 عائلة مسيحية نزحت من العاصمة إلى سهل نينوى خلال الأسبوعين الماضيين

وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، ونظيره الألماني، غيدو فسترفيلي، في مؤتمر صحافي مشترك في بغداد، أمس (أ.ب)
TT

وصل وزير الخارجية الألماني، غيدو فسترفيلي، إلى بغداد، أمس، في زيارة لم يعلن عنها مسبقا، ويتصدر جدول أعمالها بحث العلاقات الثنائية وأوضاع مسيحيي العراق.

ونقل مصدر في مكتب رئيس البرلمان، أسامة النجيفي، عنه قوله خلال اجتماع مع فسترفيلي بحضور نائبه الأول، قصي عبد الوهاب، إن «البرلمان ناقش موضوع المسيحيين، وشكلنا لجنة أصدرت توجيهات أصبحت قرارا نأمل أن ينفذ لمعالجة مشكلتهم». وأضاف: «يجب توفير كافة المستلزمات الأمنية للمسيحيين والتأكيد على التسامح الديني. قمنا بطمأنة المسيحيين خلال زيارتي للكنائس (...) يجب أن تسود ثقافة التسامح الديني، والبرلمان اتخذ إجراءات لضمان بقائهم». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن النجيفي قوله: «لا نريد إفراغ العراق من المسيحيين، هذا مرفوض من قبلنا».

وأعلنت وزارة الخارجية الألمانية في وقت سابق أن فسترفيلي سيلتقي ممثلين عن الطوائف المسيحية التي تتعرض في الآونة الأخيرة لأعمال قتل أبرزها مجزرة كنيسة سيدة النجاة في بغداد التي راح ضحيتها 46 مصليا بينهم كاهنان.

كما أعرب فسترفيلي خلال لقائه نظيره، هوشيار زيباري، عن «قلقه الشديد حيال ما تتعرض له الأقليات في العراق من عنف، وخصوصا موجة العنف الأخيرة»، بحسب مصادر مقربة من الوفد الألماني. ونقلت المصادر عن زيباري قوله إن «الحكومة أدانت أعمال العنف هذه والهدف هو رؤية المسيحيين يعيشون في سلام. نريد الحفاظ على المسيحيين في هذا البلد لأن هجرتهم ستشكل خسارة كبرى للعراق».

وقالت مصادر في الوفد المرافق: إن فسترفيله التقى رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي أكد أن العراق يريد الحفاظ على المسيحيين، معبرا عن الأسف؛ لأن «إرهابيين» يهاجمون الكنائس بهدف إرغامهم على الهجرة. وحول الحكومة، قال المالكي: «إن جميع الكتل السياسية مستعدة للمشاركة وتريد احترام المهل الدستورية! فنسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 68%، وهي مرتفعة كثيرا إذا أخذنا بالاعتبار الأوضاع الصعبة في المنطقة». إلى ذلك، أكد المالكي نيته إقامة علاقات «جيدة مع الجيران كافة، لكن المشكلة تكمن في تدخل البعض في الشؤون الداخلية للعراق».

إلى ذلك، أكد المدير العام لدائرة الهجرة في وزارة المهجرين، سمير الناهي، لـ«الشرق الأوسط» إن وزارته «تتابع، وعن كثب، موضوع هجرة العوائل المسيحية من بغداد إلى بقية المحافظات أو إلى إقليم كردستان، وحتى خارج العراق». وأضاف أنه «بعد حادثة كنيسة سيدة النجاة في بغداد تفاقمت مشكلة نزوح المسيحيين وتضاعفت أعدادهم بشكل لافت للنظر، وللأسف غادر البعض إلى فرنسا بناء على مناشدات الأخيرة، وقسم آخر غادر إلى السليمانية، وقدمنا لهم دعما ماليا ومعنويا عبر مكاتبنا ولجان شكلت لهذا الغرض وأيضا لإحصائهم». وبشأن موقف الدول، قال الناهي إن الحكومة «ردت على دعوات الدول الأوروبية لاستقبال المسيحيين بتأكيد أن العراق لكل العراقيين وأن الحكومة قادرة على إيجاد ملاذ آمن للمسيحيين داخل بلدهم».

الناشط المسيحي ويليام وردا أكد لـ«الشرق الأوسط» أن اللجنة البرلمانية التي شكلت لإيجاد حل للمسيحيين «لم تتبلور أعمالها بالشكل الصحيح إلى الآن، ولم يتمخض عنها شيء يمكن وصفه بالحل السريع والإيجابي، بسبب خلافات داخل اللجنة نفسها، وهذا ما أكده لي نائبان عن المكون المسيحي، هما عضوان في اللجنة»، مشيرا إلى أن أي مطالب لم ترفع حتى الآن، وأن أحزابا مسيحية عقدت اجتماعا موسعا في أربيل لأجل توحيد المطالب ورفعها إلى البرلمان.

وبشأن إعداد العائلات المسيحية التي غادرت بغداد بعد الأحداث الأخيرة والتهديدات المباشرة لهم من تنظيم القاعدة، قال وردا: «نحن كمنظمة حقوق إنسان أحصينا، وحتى الآن، ما يقرب من 400 عائلة مسيحية غادرت بغداد إلى سهل نينوى، وأتوقع أن أكثر من هذا العدد غادر إلى محافظات إقليم كردستان ونحن بصدد إحصائهم بشكل دقيق». وعن موقف المسيحيين من عرض فرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى استقبالهم، أوضح ويليام وردا أنه قابل، وبشكل شخصي، السفيرين الفرنسي والبريطاني في بغداد، «وأبلغتهما برفض أبناء الطائفة المسيحية تلبية دعواتهم كون لجوء المسيحيين إلى دول أخرى غير بلدهم ليس بحل للقضية». وأضاف: «طرحت عليهم حلا آخر يكمن في توفير حماية لهم داخل بلدهم إن عجزت الدولة العراقية عن ذلك، والمطالبة بحماية حيادية بإشراف الأمم المتحدة وإيجاد منطقة مؤمنة إما في بغداد أو في الموصل، وهنا يستطيع المواطن المسيحي الاستمرار في العيش داخل بلده».