ساركوزي يبدأ زيارة للهند تمهد لاتفاق تعاون نووي بين البلدين

قال إن الهند شريك سياسي كبير أولا وقوة لا يمكن الالتفاف عليها

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا بروني خلال زيارة لمعرض أقيم بمعهد البحوث الفضائية في بنغالور بالهند أمس (إ.ب.أ)
TT

بدأ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس زيارة عمل للهند تستمر 4 أيام سعيا لتوقيع «مشاريع اتفاق» مع «هذه القوة التي لا يمكن الالتفاف عليها» ولا سيما في مجالي النووي المدني والدفاع. ووصل ساركوزي إلى بنغالور جنوب عاصمة الهند التي تعتبر بمثابة «وادي السيليكون» الهندية والتي تؤوي صناعة التكنولوجيا والمعلوماتية في هذا البلد.

وتشمل الصفقات المهمة التي يتوقع أن يتم توقيعها خلال زيارة ساركوزي اتفاقية إطارية بين شركة «أريفا إس إيه» الفرنسية وشركة «الطاقة النووية» الهندية من أجل توفير ما يصل إلى 6 مفاعلات لمحطة نووية مملوكة للدولة. وتقع المحطة في ولاية ماهاراشترا غرب الهند، وحصلت على تصاريح بيئية مهمة في وقت سابق الشهر الماضي.

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن هذه الزيارة لن تؤدي إلى اتفاقات نهائية بل إلى «مشاريع اتفاقات» على حد تعبير ساركوزي، خصوصا في القطاع النووي المدني مع تولي مجموعة «أريفا» الفرنسية العملاقة بناء أول مفاعلين نوويين من أصل 6 مقررة، وفق ما أوضح ساركوزي لصحيفة «تايمز أوف إنديا». كما ستتواصل المحادثات التجارية حول تحديث أسطول طائرات الميراج الهندية وحول المناقصة التي طرحتها الهند لشراء 126 طائرة قتالية في صفقة تقارب قيمتها 9 مليارات يورو وتشهد منافسة شرسة.

وأكد ساركوزي، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، أمام حشد من العلماء في مركز الأقمار الصناعية بمنظمة أبحاث الفضاء الهندية في بنغالور على دعمه لمسعى الهند للحصول على طاقة نووية. واختارت فرنسا الاعتماد على الطاقة النووية التي توفر لها 80% من احتياجاتها من الطاقة. وترغب الهند حاليا في زيادة الطاقة النووية الخاصة بها إلى 10 أضعاف. وقال ساركوزي إن «تعاون الهند وفرنسا في مجال الطاقة النووية كبير للغاية». وقال إنه من المجحف التوقع أن دولة نامية مثل الهند تستخدم تكنولوجيات لا تتسبب في حدوث تلوث ثم يتم منعها من الحصول على الطاقة النووية.

وأضاف ساركوزي أنه يتعين أن تكون الهند عضوا كامل العضوية في كافة الهيئات المتعددة بما في ذلك مجموعة موردي المواد النووية. وذكر ساركوزي أن باريس فخورة وتواقة للتعاون في إجراء أبحاث فضائية جديدة مع الهند، مضيفا أنه «لا يمكن أن تكون مغامرات الفضاء حكرا على دولة، أو دولتين فقط». وشاهد ساركوزي في مركز الأقمار الصناعية العمل الجاري على القمر الصناعي «ميغاتروبيك» الخاص بأبحاث الطقس والذي تقوم الدولتان بتطويره معا.

وذكرت مصادر دبلوماسية أن الوفد المرافق لساركوزي شمل رؤساء الشركة الأوروبية للصناعات الجوية والدفاعية والفضائية «إي إيه دي إس» وشركة «داسو» للطيران، لكن لم يتم الإعلان عن صفقات دفاع على الرغم من توقعات بعقد مناقشات في هذا الصدد.

كما تطرق ساركوزي خلال كلمته في بنغالور إلى قضية الإرهاب والوضع في أفغانستان وباكستان وقضايا من المؤكد أنه سيتناولها في مناقشاته مع رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ في نيودلهي بعد غد. وقال ساركوزي إن «الإرهاب والاضطراب في باكستان وأفغانستان هما مصدران رئيسيان للتهديدات التي تكتنف السلام والاستقرار العالميين. لا يمكن قبول رؤية طالبان تحرز نجاحا في أفغانستان». وتوجه ساركوزي وزوجته إلى مدينة «أغرا» حيث سيقضيان ليلتهما ويزوران ضريح «تاج محل» قبل التوجه إلى نيودلهي.

ومن المقرر أن يتوجه الرئيس الفرنسي إلى مومباي حيث يضع إكليلا من الزهور على نصب ضحايا الهجوم الإرهابي عام 2008 ويعقد اجتماعا تجاريا قبل مغادرته عائدا إلى باريس يوم الثلاثاء المقبل. يذكر أن 7 فرنسيين كانوا ضمن الذين تم احتجازهم في الفندقين الفاخرين اللذين كانا ضمن الأهداف الكثيرة التي استهدفها الإرهابيون في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008. ولقي فرنسيان على الأقل حتفهما بين الضحايا الذين قضوا والبالغ عددهم 166 قتيلا في الحصار الذي دام 3 أيام. وهي الزيارة الثانية لساركوزي إلى الهند بعد زيارة الدولة التي قام بها في يناير (كانون الثاني) 2008. وهي تتضمن مثل الأولى شقا سياسيا بأهمية شقها الاقتصادي في بلد يسجل ثاني أسرع نمو في العالم بعد الصين. وقال ساركوزي في مقابلة نشرتها صحيفة «ذي هيندو» أمس إن «العلاقة بين فرنسا والهند لا يمكن أن تقتصر على البعد الاقتصادي وحده مع أنه أساسي جدا». وأضاف أن «الهند شريك سياسي كبير أولا وقوة لا يمكن الالتفاف عليها ولا نستطيع من دونها رفع التحديات التي يواجهها العالم».

وفي وقت لا تزال الأزمة الاقتصادية العالمية تثير مخاوف قادة دول العالم، قال ساركوزي للصحيفة إن مجموعة العشرين ستكون «في صلب» لقائه مع رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ صباح الاثنين في نيودلهي. وتسلمت فرنسا في 12 نوفمبر رئاسة مجموعة الدول الغنية والناشئة الكبرى العشرين وبينها الهند.

وتبدي الدول الكبرى اهتماما متزايدا بهذا البلد الذي صنفه صندوق النقد الدولي في المرتبة الـ11 بين القوى الاقتصادية في العالم والبالغة نسبة نموه السنوية نحو 9% لـ1.18 مليار نسمة ثلثهم تقريبا ما دون الـ15 من العمر. وتأتي زيارة ساركوزي بعد زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في مطلع نوفمبر، وقبل زيارتين مقررتين للرئيسين الصيني هو جينتاو والروسي ديمتري مديفيديف.

ومن الطائرات المطروحة في المنافسة طائرة رافال من إنتاج مجموعة «داسو»، إلى جانب 5 طائرات أخرى من إنتاج مجموعات كبرى مثل «ميغ» الروسية و«بوينغ» الأميركية و«ساب» السويدية. ولا يتضمن جدول أعمال ساركوزي أي برنامج رسمي بين نهاية محطته في بنغالور وبدء محطة نيودلهي اعتبارا من مساء اليوم حيث يقيم رئيس الوزراء الهندي مأدبة عشاء على شرفه وشرف زوجته كارلا بروني. ومن المتوقع أن يزور الرئيس وزوجته في هذه الأثناء موقع تاج محل الذي يعتبر من روائع العالم الهندسية في أغرا بوسط الهند.