موقد صغير للنارجيلة يشعل حريق الكرمل

43 قتيلا و4 ملايين شجرة على 40 ألف دونم حصيلة الكارثة في إسرائيل

TT

في تقدير مرحلي أعلنه الدفاع المدني في إسرائيل، اتضح أن الحريق الهائل في غابات الكرمل في منطقة حيفا، حصد 43 قتيلا وثلاثة مفقودين ونحو 50 جريحا، ثلاثة منهم يصارعون الموت، والتهمت 40 ألف دونم، وحرقت أربعة ملايين شجرة، وأدت إلى إخلاء ثلاثين ألف مواطن من بيوتهم. وجاء في هذه التقديرات أن سلطة الحدائق القومية، ستحتاج إلى (40 – 50) عاما لإعادة هذه الغابات إلى طبيعتها. وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أن التحقيقات الأولية تدل على أن الحريق وقع بسبب إهمال مواطنين أوقدوا نارا ليشعلوا نراجيلهم، ولم ينتبهوا لإخمادها في الوقت المناسب.

وامتدت النيران أمس، بفعل الرياح لأحد الأحياء الكبرى في مدخل قرية عسفيا العربية، وحي دينيا الحيفاوي وبلدتين يهوديتين صغيرتين. وأخليت هذه المناطق من أهلها.

وكانت قوات الإطفاء الإسرائيلية والعربية والدولية قد استأنفت، منذ فجر أمس، أعمال الإطفاء باستخدام 12 طائرة إطفاء أجنبية و10 طائرات رش مبيدات إسرائيلية، تم تحويلها إلى طائرات إطفاء. ولكن أحد قادة العمليات، قال إن السيطرة التامة على النيران لن تنتهي قبل أسبوع. وأضاف: «نحن في حرب مع النيران. ومشكلتنا الكبرى تكمن في الرياح وفي اضطرارنا إلى وقف عمليات الإطفاء في ساعات الليل. فالطائرات لا تستطيع العمل في الليل. ولذلك، فإن النيران تزداد اشتعالا في الليل وتنتشر بسرعة مذهلة بفعل الرياح».

وكان أبرز أحداث أمس، وصول الطائرة الروسية من طراز «اليوشين 76»، التي تحمل 42 ألف لتر من المياه. فعلى الرغم من أن كل طلعة لها تحتاج إلى تحضير ساعة ونصف الساعة، نصفها للطيران ونصفها الآخر لملء خزاناتها بالمياه، فإنها خلال ست طلعات تمكنت من السيطرة على قسم كبير من النيران. وينتظر أن تصل طائرة روسية أخرى لتنضم إلى هذا الجهد. كما أن الإسرائيليين ينتظرون طائرة أميركية من طراز «بوينغ 747»، قادرة على حمل 95 ألف لتر ماء، وتعتبر أكبر طائرات الإطفاء في العالم، والمتوقع وصولها اليوم.

وتستخدم الطائرات الأوروبية (اليونان وبلغاريا وتركيا وإسبانيا وبريطانيا) مياه البحر المتوسط القريبة في عمليات الإطفاء، حيث تتزود بالوقود من مطار عسكري في مرج ابن عامر شرق حيفا، ثم تتجه غربا لغرف المياه من البحر وتعود شرقا لإسقاطها على النيران. بينما تقوم طائرات رش المبيدات الإسرائيلية برش مادة عازلة لمنع اتساع الحريق.

وأعلن نير حيفتس، الناطق بلسان الحكومة الإسرائيلية، أمس، أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يواصل الاتصالات مع زعماء العالم لجلب المزيد من الطائرات، علما بأن هناك اثنتي عشرة طائرة حاليا، ويتوقع وصول 10 طائرات أخرى. ورفض حيفتس الانتقادات التي توجه لحكومته بأنها عاجزة، وقال: «في الكوارث الوطنية، تحتاج كل دولة للمساعدات الأجنبية. ونحن كنا قد قدمنا مساعدات لدول كثيرة، ولا حرج في تلقي مساعدات من دول أخرى». وأضاف، معقبا على التقديرات بأن السيطرة على الحريق تحتاج إلى أسبوع، أن الحرائق التي نشبت في روسيا واليونان وكندا، وكلها دول ذات إمكانات كبيرة، استغرقت من 16 إلى 20 يوما.

وتعاني قوات المطافئ من اندلاع حرائق إضافية في مواقع أخرى من إسرائيل، فاشتعلت أمس خمس حرائق جديدة في أحراج القدس والمثلث وكذلك في الجليل، تبين أنها مفتعلة. وأرسلت الطواقم الفلسطينية والأردنية، التي حضرت للمساعدة، إلى مناطق الحرائق الجديدة في المناطق العربية (لدى فلسطينيي 48) ونجحت في إخمادها. وفي محادثة هاتفية مع نتنياهو، أبدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، استعداده لتقديم كل مساعدة ممكنة في هذه المهمة الإنسانية.

وتكلم مع نتنياهو، أمس، أيضا الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وأبلغه باستعداده لإرسال عدد من الطائرات، لكن ثمة مشكلة، وهي أن هذه الطائرات لن تصل قبل 3 – 6 أيام. فوافق نتنياهو قائلا إن إخماد الحريق يحتاج لفترة أطول. وذكرت الشرطة الإسرائيلية، أن تحقيقاتها الأولية تشير إلى أن الحريق لم ينجم عن عمل تخريبي، بل بسبب الإهمال. وأضافت أن عدة عائلات من قرية عسفيا وغيرها كانت موجودة يوم الخميس الماضي في الأحراج المجاورة وأوقدت النيران بالقش وأغصان الشجر الجافة. وأن إحدى هذه العائلات، وربما أكثر من عائلة واحدة، استخدمت الفحم للنرجيلة، ولكنها لم تطفئها كما يجب. وبسبب الرياح الشديدة في المنطقة، اشتعلت النيران في أكثر من موقع، وراحت تنتشر بسرعة مذهلة إلى مناطق أخرى في الغابة.

من جهة ثانية، خرج رئيس بلدية حيفا، العميد في جيش الاحتياط يونا ياهف، بانتقادات جريئة حادة إلى قيادتي الجيش والحكومة، فقال إنهما تنشغلان وتشغلان العالم خلال السنة الأخيرة في الاستعدادات للحرب الخارجية المقبلة، بينما الجبهة الداخلية تفتقد للقدرة على حماية السكان. وقال إن مثل هذا الإهمال خطير عموما، ولكنه في حيفا خطير أضعافا وأضعافا، «فكل حريق هنا نتائجه مدمرة، وبمقاييس صغيرة يشبه القنبلة النووية، لأن في حيفا مصانع كيماوية خطيرة ومراكز حساسة، وأي انفجار فيها يهدد أرواح نصف المليون إنسان (في حيفا وحدها ربع مليون نسمة ومثلهم يسكنون في الضواحي).