علاوي: مثلما عارضت صدام منفردا سأعارض المالكي إذا لم تتوافر شروط مشاركتنا في الحكومة

أمام استمرار الجدل حول صلاحيات المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية المقرر أن يتولاه

TT

كان إياد علاوي يأمل أن يدعم الحضور السياسي القوي لائتلافه في الانتخابات البرلمانية العراقية سعيه لتولي رئاسة الوزراء، لكن بعد أكثر من 8 أشهر من المفاوضات المريرة، خسر الشيعي العلماني المعركة وأصبح توليه المنصب غير مؤكد إلى حد بعيد، مع سعي نوري المالكي، رئيس الوزراء الشيعي، إلى تشكيل حكومة جديدة.

وتحول علاوي، في ظل دولة تمزقها الطائفية والعرقية، إلى رمز للعلمانيين والعرب السنة الذين يمثلون أقلية. ويثير احتمال عدم مشاركته في الحكومة قلق الكثير من المسؤولين الأميركيين الذين يؤيدون تقاسم السلطة بين المالكي وعلاوي، بينما أبدى آخرون قلقهم من احتمال اعتبار الحكومة، التي ستشهد انسحاب القوات الأميركية من العراق بحلول نهاية عام 2011، غير شرعية، وهو الأمر الذي يزيد الموقف الأمني السيئ بالفعل.

وحصدت القائمة العراقية بقيادة علاوي 91 مقعدا في الانتخابات التي أجريت في 7 مارس (آذار) الماضي بزيادة مقعدين على المقاعد التي حصل عليها ائتلاف دولة القانون بقيادة المالكي، لكن هذا لم يكن كافيا للحصول على الأغلبية البرلمانية في البرلمان الذي يبلغ عدد أعضائه 325.

ويقول علاوي، بينما يتناول طعام الغداء على منضدة في مطبخه في منزله مساء أحد الأيام: «يدرك المالكي جيدا صعوبة قبول دول إقليمية وأخرى تسعى لنشر الديمقراطية للعملية السياسية من دون مشاركتي. إذا لم يقبل بتقاسم حقيقي للسلطة، فسيكون علينا أن نودع الديمقراطية إلى الأبد ونفكر في وسائل أخرى سلمية لتغيير القرارات».

وتقيم أسرة علاوي في لندن، بينما لا يسكن أحد منزله في غرب بغداد، فيما عدا الخادمات الفلبينيات اللاتي يعتنين بشؤون المنزل من طهي وتنظيف. وتحيط الجدران المقاومة للانفجارات بالمنطقة وتقبع سيارات «هامفي» تابعة للجيش أمام المنزل، فقد تلقى الرجل تهديدات بالقتل وحذره مسؤولون أميركيون من تعرضه لمحاولة قتل بحسب قول مساعديه.

ويوضح استطلاع رأي قام به المعهد الجمهوري الدولي، وهو منظمة غير ربحية تمولها الحكومة الأميركية، أن 56% من العراقيين يرون الحكومة العراقية في حالة عدم مشاركة علاوي غير شرعية، بينما يعتقد 31% أنها ستكون «شرعية» أو «شبه شرعية». وأوضح استطلاع رأي آخر، أجراه المعهد القومي الديمقراطي، وهو منظمة غير ربحية، أن شعبية علاوي تفوق شعبية المالكي وقيادات سياسية أخرى.

وصرح جيمس جيفري، السفير الأميركي في العراق، لمجموعة من الصحافيين في اجتماع صحافي الشهر الماضي: «نحن معنيون بمشاركة كل الأطراف الرئيسية الفاعلة. إياد واحد من أهم الشخصيات بناء على عملنا معه ونجاحه في الانتخابات».

وبات علاوي، الذي تولى رئاسة الوزراء في الحكومة الانتقالية عامي 2004 و2005، رمزا للتغيير قبيل الانتخابات البرلمانية التي أجريت العام الحالي، فقد عقد العرب، الذين شعروا بتهميشهم في العملية السياسية، الآمال على علاوي لوضع حد للحكم الشيعي. كذلك كان يأمل العلمانيون العراقيون أن يستطيع علاوي إنهاء سنوات من الطائفية السياسة التي أصابتهم لعنتها منذ الغزو الأميركي في 2003. لكن علاوي أصبح أيضا من دون قصد رمزا لعودة حزب البعث السني المحظور الذي كان يتزعمه صدام حسين على الرغم من انفصاله عنه منذ ما يزيد على 30 عاما ومناهضة ذلك الديكتاتور لعقود.

كان المسؤولون الأميركيون يدركون، على الرغم من دعمهم لعلاوي، عدم قبول خصومه من الشيعة أن يتولى منصب رئيس الوزراء، بينما كانت إيران تؤيد التحالف الشيعي بشدة وألقت بثقلها دعما للمالكي الذي يحظى كذلك بدعم أميركي مرحلي. وكان ائتلاف علاوي يلقى دعم السنة بالأساس وكان يضم قادة مثيرين للجدل من السنة في دولة ما زال أغلبيتها من الشيعة والأكراد يخافون عودة حزب البعث.

يقول سامي العسكري، النائب الشيعي وأحد المقربين للمالكي: «يرى أغلب الشيعة تقريبا القائمة العراقية كائتلاف سني ويشعرون أنهم غير مستعدين بعد للسماح لائتلاف سني بتشكيل الحكومة».

ويرى البعض علاوي، مثل المالكي، أنه رجل سلطوي. وقال مسؤول رفيع بالجيش الأميركي رفض الكشف عن اسمه لعدم التصريح له بالتحدث إلى وسائل الإعلام: «إنه يعتبر رمزا للفئات المحرومة التي تراه كأفضل وسيلة للوصول إلى الحكم».

وحصل علاوي على وعد بتولي منصب رئيس المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية الذي لم ينشأ بعد أو تتضح سلطاته واختصاصاته. وقال علاوي، قبل موافقته على المشاركة، إنه يريد ضمانات على تمتع هذا المجلس بسلطة توجيه عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بالدفاع والاقتصاد والمصالحة الوطنية والنظر في سلطات رئيس الوزراء. وأضاف علاوي: «إن لم يتوصلوا إلى اتفاق مناسب بشأن هذا المجلس، لن أشارك أو يشارك أغلب أعضاء القائمة العراقية في هذه الحكومة الزائفة. إن كنت في موقف المالكي، وبعد تقديمنا لهذا التنازل (رئاسة الوزراء)، لكنت رددت بالمثل وحاولت فتح صفحة جديدة واتجهت إلى التعاون سويا». لكن مسؤولي ائتلاف دولة القانون يصفون وظيفة المجلس بـ«الاستشارية» ويقولون إنهم لا يتوقعون أن يتمتع بسلطات كثيرة.

وانفرط عقد ائتلاف علاوي، الذي كان يضم 5 أحزاب رئيسية، مع سعي أعضائهم إلى تحقيق مصالحهم الشخصية. وقال مسؤولو القائمة العراقية، قبل التوصل إلى اتفاق لدعم المالكي الشهر الماضي: إن علاوي وافق على الصفقة للحيلولة دون انقسام ائتلافه السياسي.

وحذر علاوي قائلا إنه سيظل في العراق وسيعمل داخل البرلمان على معارضة حكومة المالكي «سلميا» في حالة اتخاذه قرارا بعدم المشاركة في الحكومة. وقال علاوي: «دون عقد مقارنات، لكنني عارضت صدام وحيدا وعندما عارضته كنا فقط 5 في الترتيب الهرمي بحزب البعث. لم يثر انتمائي للأقلية خوفي يوما.. ولن أشعر أبدا بالعزلة حتى إن تم استبعادي. أعلم أن الناس يتعاطفون معي ومع القائمة العراقية».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»