محكمة أميركية ترفض دعوى لمنع واشنطن من قتل العولقي

وزارة العدل: زعيم تنظيم إرهابي أجنبي يرفض نظام عدالتنا لا يمكن أن يتمتع بحماية محاكمنا

TT

رفض قاض فيدرالي قضية سعت لمنع الحكومة الأميركية من محاولة قتل أنور العولقي، وهو مواطن أميركي ورجل دين مسلم يختبئ بالخارج ومتهم بالمساعدة في التخطيط لهجمات نفذها تنظيم القاعدة في اليمن.

ويمثل الحكم، الذي يمهد الطريق أمام إدارة أوباما للاستمرار في محاولتها اغتيال العولقي انتصارا لها في إطار جهودها للحيلولة دون إجراء مراجعة قضائية لما يسمى «القتل المستهدف»، إحدى أبرز السياسات لمكافحة الإرهاب.

في بيان المحكمة الصادر في 83 صفحة أول من أمس، قال القاضي جون دي. بيتس إن والد العولقي، المدعي، ليس في وضع يؤهله لرفع دعوى قضائية نيابة عن نجله. وأشار أيضا إلى أن القرارات المرتبطة بالقتل المستهدف في مثل هذه الظروف تعد «مسألة سياسية» على مسؤولي التنفيذية، وليس القضاة، البت فيها. واعترف القاضي بيتس بأن القضية أثارت «تساؤلات قوية ومحيرة» ـ مثل ما إذا كان بمقدور الرئيس «إصدار أوامر باغتيال مواطن أميركي من دون أن يوفر له أولا أي صورة من صور العمليات القضائية، بناء على مجرد التأكيد على أنه عضو خطير بمنظمة إرهابية».

وذكر القاضي أنه في الوقت «الذي تتسم القضايا القانونية والسياسية التي تنطوي عليها هذه القضية بكونها مثيرة للجدل ومحل اهتمام عام شديد»، فإنه يتعين تسويتها في وقت آخر، ربما خارج قاعات المحاكم. يذكر أن القاضي بيتس يعمل بمحكمة محلية في ضاحية كولومبيا.

في الوقت الذي أثنى ماثيو ميلر، المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل، على الحكم مؤكدا أن «زعيم تنظيم إرهابي أجنبي يرفض نظام عدالتنا لا يمكن أن يتمتع بحماية محاكمنا في وقت يخطط لشن هجمات ضد أميركيين. لقد تصرفت المحكمة على النحو اللائق برفضها هذه القضية وامتناعها عن الولوج في قضايا عسكرية واستخباراتية حساسة».

على النقيض، وصف جميل جعفر، المحامي التابع لـ«الاتحاد الأميركي للحريات المدنية»، القرار بأنه «خطأ فادح» من شأنه توسيع دائرة الصلاحيات الرئاسية على نحو خطير. يذكر أن الاتحاد و«مركز الحقوق الدستورية» مثلا والد العولقي، ناصر العولقي، في القضية من دون مقابل.

وأضاف جعفر: «إذا كان قرار المحكمة صحيحا، فإن هذا يعني أن للحكومة سلطة لا تخضع للمراجعة تتيح لها تنفيذ أعمال قتل مستهدف ضد أي أميركي بأي مكان يعتبره الرئيس تهديدا للأمة. ربما يكون هذا الرأي الأكثر تعارضا مع الدستور، والأكثر تهديدا للحريات الأميركية».

لكن القاضي بيتس رفض فكرة أن الحكم الذي أصدره يمنح القيادة التنفيذية «سلطة لا تخضع للمراجعة لإصدار أمر باغتيال أي أميركي تعده عدوا للدولة».

واستطرد القاضي موضحا أن «المحكمة خلصت فحسب إلى افتقارها القدرة على تحديد ما إذا كان شخص ما يختبئ بالخارج أعلن مدير الاستخبارات الوطنية أنه يعد (عضوا عاملا) في تنظيم القاعدة باليمن، يشكل بالفعل تهديدا للأمن الوطني للولايات المتحدة على نحو يجيز استخدام القوة المميتة ضده».

من جانبه، قال روبرت تشسني، أستاذ القانون في جامعة تكساس، إن حدود النتيجة التي خلص إليها القاضي بيتس مثيرة للجدل. واعتبر الحكم «حجة كاسحة ضد المراجعة القضائية لقرارات القتل المستهدف».

وأضاف تشسني: «من الواضح أن إمكانية الانزلاق لمنحدر خطر مصدر قلق هنا. وقد بذل القاضي بيتس جهدا مضنيا لحسم هذه المسألة فيما يخص ظروف أخرى، لكن يبقى التساؤل: ما هي العناصر الأخرى بخلاف هذه الحقائق القادرة على تمكين الحكومة من التوصل للنتيجة ذاتها؟».

من جهته، نوه جعفر بأنه لم يتخذ قرارا بعد بشأن التقدم باستئناف.

يذكر أن العولقي ولد في نيومكسيكو عام 1971، وانتقل لليمن عام 2004 وأطلق الكثير من التصريحات العلنية المؤيدة لهجمات إرهابية. وأشار مسؤولون إلى أنه يضطلع حاليا بدور «عملي» مع جماعة تطلق على نفسها «القاعدة بشبه جزيرة العرب».

من جهتها، ادعت وزارة العدل أن العولقي قدم مساعدة مباشرة في محاولة تفجير طائرة ركاب متجهة لديترويت في 25 ديسمبر (كانون الأول) 2009. وفي أعقاب هذا الهجوم الفاشل، نقلت وسائل إعلام عن مسؤولين لم تكشف هويتهم قولهم إن العولقي وضع في قائمة بالإرهابيين المشتبه فيهم الذين تمت الموافقة على قتلهم.

إلا أن العولقي لم يخضع للمحاكمة، وطلب والده من القاضي بيتس منع محاولات قتل ابنه إلا إذا كان يشكل خطرا وشيكا. في المقابل، طلبت الإدارة، التي لم تؤكد على ما إذا كان العولقي في أي قائمة للاغتيالات، من القاضي بيتس رفض القضية.

الملاحظ أن القاضي اتفق مع الحجج التي طرحتها الحكومة بدرجة كبيرة، حيث رفض فكرة أن الوالد مؤهل لرفع هذه القضية، مشيرا إلى أن العولقي بإمكانه رفعها بنفسه حال تسليمه نفسه للسلطات الأميركية، مضيفا أنه ليس هناك مؤشر على أن العولقي سعى لرفع دعوى قضائية.

علاوة على ذلك، توصل القاضي بيتس إلى أنه من غير الملائم طرح انتقاد مسبق لتقدير مسؤولي الأمن القومي لما إذا كانت هناك معلومات استخباراتية تكشف أن شخصا ما بالخارج ـ حتى وإن كان مواطنا أميركيا ـ يشكل تهديدا بدرجة تجعل من الضروري قتله.

وقد تجنب القاضي بيتس عدة نقاط، منها ما إذا كانت السلطة التي خولها الكونغرس للسلطة التنفيذية باستخدام القوة العسكرية ضد مرتكبي هجمات 11 سبتمبر (أيلول) تغطي اليمن أو الجماعة الإرهابية هناك، والتي يسيطر الغموض على صلتها بتنظيم القاعدة الأساسي.

وأشار بيان المحكمة إلى أنه من غير الضروري البت فيما إذا كان يمكن رفض الدعوى بناء على «امتياز أسرار الدولة» الذي يسمح للسلطة التنفيذية بإعاقة دعاوى قضائية من شأنها الكشف عن معلومات تخص الأمن الوطني. وقد استشهدت الإدارة بهذا الامتياز في المذكرة التي تقدمت بها، لكنها حثت القاضي بيتس على رفض القضية بناء على أسباب مغايرة.

* خدمة «نيويورك تايمز»