اتهام أميركي اعتنق الإسلام بمحاولة تفجير مركز تجنيد عسكريين

تعاون مع شخص لقبه «أخي الأفغاني» كان عميلا لمكتب التحقيقات الفيدرالي

TT

وجهت التهمة لعامل بناء من مدينة بالتيمور بالتخطيط لنسف مركز تجنيد عسكري في ولاية ميريلاند، بعدما علم مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي بميوله المتشددة على موقع «فيس بوك»، وانضم إلى مخططه وزوده بقنبلة زائفة حاول تفجيرها في سيارة، حسبما ذكر مسؤولون فيدراليون. وكان أنطونيو مارتينيز (21 عاما)، وهو مواطن أميركي تحول إلى الإسلام مؤخرا، وغير اسمه إلى محمد حسين، قد أعلن على صفحته على موقع «فيس بوك» أنه يكره «أي فرد يعادي الله». وأثارت هذه الأنواع من الإعلانات، التي حازت على اهتمام مكتب التحقيقات الفيدرالي، تحقيقات مكثفة، شارك فيها عميل سري بالإضافة إلى مخبر سري، أدت إلى إحباط مخطط وحشي لقتل موظفين عسكريين في الولايات المتحدة «لأنهم كانوا يقتلون المسلمين في الخارج»، حسبما ذكرت شهادة خطية تحت القسم قدمت أول من أمس. وذكرت مستندات المحكمة أن مارتينيز كان مصمما جدا على تنفيذ هجوم على مركز كاتونسفيل للتجنيد، لدرجة أنه اتصل بثلاثة أفراد على الأقل من أجل الانضمام إليه في تنفيذ رسالته الأساسية، حسبما كان يعتقد. وكان هناك شخص آخر - عرفه مارتينيز باسم «أخي الأفغاني» - كان عميلا سريا تابعا لمكتب التحقيقات الفيدرالي بالفعل. وهذا الاعتقال هو الأحدث في سلسلة من القضايا التي استخدمت السلطات الفيدرالية فيها عملاء سريين من أجل مراقبة متطرفين، حيث يصادق هؤلاء العملاء بشكل سري أشخاصا متهمين بالتخطيط لتنفيذ هجمات إرهابية، ويزودونهم بوسائل لتنفيذ هذه المخططات في بعض الأحيان. وخلال الشهر الماضي، ساعد عملاء سريون في ولاية أوريغون رجلا كان يخطط لقتل الآلاف خلال حفل إضاءة شجرة أعياد الميلاد، في تجهيز قنبلة (كانت مزيفة)، وبعد ذلك اعتقلوه بعدما حاول تفجيرها في ساحة عامة مزدحمة. وخلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التقى عملاء فيدراليون، كانوا يتظاهرون بأنهم متشددون إسلاميون، مع رجل من شمال فيرجينيا اتهم فيما بعد بالتخطيط لتفجير منطقة محطات المترو في واشنطن. وقد تعرضت خطط مكتب التحقيقات الفيدرالي لانتقادات من قبل بعض المسلمين، الذين يتهمون عملاء حكوميين بالتسلل إلى المساجد ومحاولة خداع أعضاء جاليتهم. ولكن هذه الاستراتيجية حققت نتائجها المرجوة، حسبما ذكر برايان جينكينس، الخبير المتخصص في شؤون الإرهاب بمؤسسة راند الأميركية. وقال جينكينس: «ليس ثمة شك في أن هذه الاستراتيجية حالت دون تنفيذ هجمات إرهابية». وأضاف أن المسؤولين الإرهابيين قد أصبحوا أكثر حرصا في السنوات الأخيرة من أجل تجنب الوقوع في فخ عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي. ويتم السماح لهذه المخططات بالتقدم إلى النقطة التي يعتقد المتهمون بأنها سوف تشهد تنفيذ هجوم حقيقي. وقال جينكينس إن هذا الأمر يسهل من مهمة الحكومة في توجيه تهم أكثر خطورة تتعلق بالإرهاب إلى المتهمين. وفي قضية بالتيمور، أكد المسؤولون الفيدراليون على أن مارتينيز جاء بالفكرة وهدف الخطة، وحاول تجنيد آخرين ومنحه العملاء السريون عدة فرص للتراجع عن مخططه. وحاز مارتينيز الذي كان يذهب إلى مدرسة في مقاطعة برينس جورج كاونتي، على انتباه المسؤولين الفيدراليين للمرة الأولى خلال شهر أكتوبر الماضي عندما علم مخبر سري أن مارتينيز أراد قتل أعضاء من الجيش. وقد أدى هذا إلى بدء سلسلة من المحادثات المسجلة ضمت في نهاية الأمر عميلا سريا تابعا لمكتب التحقيقات الفيدرالي اعتقد مارتينيز أنه من أفغانستان وأنه سوف يساعده على إعداد قنبلة ناسفة وسوف يعلمه كيف يقوم بتفجيرها. وذكر مسؤولون فيدراليون أن مارتينيز كان يتصرف بمفرده، دون توجيه من أي مجموعة إرهابية خارجية. وتصف وثائق المحكمة رجلا شغوفا بـ«الجهاد» كان يتوق للعثور على آخرين من أجل الانضمام إليه. وكتب مارتينيز في سيرته الذاتية على صفحته على موقع «فيس بوك»: «أنا فقط أخ صغير من الجانب الخاطئ للمسارات التي اعتنقت الإسلام. وسوف نقاتل أعداء الإسلام». وشاهد مارتينيز مقاطع فيديو لأسامة بن لادن وخلع على أنور العولقي وصف «شيخه المفضل». وكان العولقي، الموضوع على قائمة المراقبة لأشخاص في صلاتهم بالإرهاب، الملهم الروحي وراء حادث التفجير المستهدف لطائرة فوق ولاية ديترويت وحادث إطلاق نار في منطقة فورت هود بولاية تكساس تسبب في مقتل 13 شخصا. وأكد رود روسين شتاين، وهو مدع أميركي في ولاية ميريلاند، خلال مقابلة، على أن مارتينيز لم يمض قدما في تنفيذ مخططاته فحسب، ولكنه حاول تجنيد آخرين من أجل الانضمام إليه، ولكنه رفض أيضا طلبات من شخص طالبه بالتخلي عن مخططاته. وقال روسين شتاين: «تواصل مارتينيز مع أربعة أشخاص وطالبهم بالمشاركة في هذا المخطط. ورفض شخصان المشاركة معه، في حين رفض الشخص الثالث وحاول التحدث معه وإثناءه عن مخططاته، وحوله الرابع إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي». واتهم مارتينيز بمحاولة قتل موظفين فيدراليين ومحاولة استخدام أسلحة دمار شامل ضد ملكية أميركية، ويواجه خطر التعرض للسجن المؤبد إذا تمت إدانته. وتروي شهادة خطية كتبت تحت القسم، وقدمت لتعزيز الاتهامات من قبل كيث بيندر، العميل الخاص في مكتب التحقيقات الفيدرالي، الخطة التي صعدت من فكرة مارتينيز للحصول على بندقية و«إطلاق النار على كل الأفراد» في مركز التجنيد إلى تفجير المركز. ويصف بيندر مارتينيز بأنه شخص متحمس، وقال إن هجوم كاتونسفيل كان أول هجوم من بين عدة هجمات كان ينوي تنفيذها ضد الجيش الأميركي. وكتب بيندر أن: «كل ما كان يفكر فيه مارتينيز هو الجهاد». وعندما لم يتمكن مارتينيز من العثور على أشخاص آخرين للانضمام إليه، قدم المخبر السري التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي نفسه إليه على أنه «أخوه الأفغاني». وهذا الرجل كان عميلا سريا تابعا لمكتب التحقيقات الفيدرالي اقترح أن هذا الأمر يمكن أن يساعد مارتينيز على تنفيذ عملية تفجير بسيارة يستهدف مركز التجنيد. ومنذ أيام قليلة مضت، سأل المخبر السري التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي مارتينيز عما إذا كان متأكدا من أنه يرغب في مواصلة استعداداته لتنفيذ الهجوم في كاتونسفيل، عندها رد مارتينيز بقوله: «لقد أخبرتك بهذا يا أخي». وكان مارتينيز قد أخبر العميل السري خلال وقت سابق أنه كان يرغب في «توجيه ضربة مؤلمة لهم». وقال: «سوف نذهب.. إلى مراكزهم، وإلى قواعدهم.. وإلى كل مكان يوجد جندي فيه. وسوف يتم قتل كل جندي نراه مرتديا زيه العسكري في موقعه». وتحدث مارتينيز عن نسف قاعدة أندروز للقوات الجوية، وقال إنه كان يرغب في الحصول على شاحنة مليئة بالبنزين، حسبما ذكرت سجلات المحكمة. وفي وقت آخر، ذكر أن الأمر سوف يكون أكثر فعالية إذا ما نفذنا هجمات صغيرة وكمائن. وقال إن هدفه كان أن يصبح شهيدا. وخلال جلسة استماع في محكمة جزئية أميركية بمدينة بالتيمور، حيث حكم عليه بالحجز دون دفع كفالة تمهيدا لجلسة الاستماع المزمع عقدها يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، التي سوف تنظر في مسألة اعتقاله. وقد أخبر مارتينيز قاضي التحقيق جيمس بريدر بأن اسمه هو محمد حسين. وسأله القاضي عما إذا كان يدعى أيضا باسم أنطونيو مارتينيز. عندها رد مارتينيز بقوله: «هذا اسمي الآخر الذي ولدت به». وذكر مارتينيز على صفحته على موقع «فيس بوك» بأنه كان طالبا في مدرسة لوريل العليا خلال عام 2005. وقال في المحكمة إنه متزوج. وأفادت السلطات بأنه ليس لديه عنوان ثابت. وذكرت أسانات أكيبو، التي كانت زميلة لمارتينيز في مدرسة لوريل العليا أنها تتذكر أنه كان تلميذا هادئا لا يسترعي الاهتمام. وقالت: «لقد كان يميل دائما إلى الجلوس مع نفسه وكان متحفظا بشكل محدود». وأضافت أنها لا تعتقد أنه كان مسلما أثناء دراسته في المدرسة العليا. ولم يعلق أفراد أسرة مارتينيز على محاكمته أول من أمس. وتقول وثائق التحقيق إن مارتينيز أخبر العميل السري بأن أمه كانت قد رفضت خياراته، ولكنه قال إنه «سعيد لأنه لم يكن يشبه كل الأفراد الآخرين في سنه.. الذين يخرجون للمتعة والدراسة في الكلية والقيام بكل هذه الأمور. هذه الأشياء لا تخصني.. إنها ليست الأشياء التي قدرها الله لي». وأظهرت سجلات المحكمة أن مارتينيز كان قد أدين في حادث سرقة بسيط وقع في مقاطعة مونتغمري عام 2008 وأنه كان قد وضع تحت المراقبة. وذكرت وثائق المحكمة أن مارتينيز والعميل والمخبر السري ذهبوا إلى مركز التجنيد يوم الأربعاء الماضي بشكل منفصل. وقرر مارتينيز، الذي كان يستخدم خريطة رسمها بنفسه، مكان توقف الشاحنة التي تحتوي على المتفجرات الزائفة وفحص القنبلة، حسبما تذكر الشهادة الخطية. وكتب العميل التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي أن مارتينيز قاد الشاحنة بعيدا. وعندما علم بوجود جنود داخل مركز التجنيد، حاول تفجير القنبلة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»