ضغوط على وزراء «العمل» للاستقالة.. وترك نتنياهو يقود حكومة أقلية متطرفة

ميتشل يعود إلى المنطقة ليضع مسار تفاوض غير مباشر حول قضيتي الحدود والأمن

TT

يتعرض وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، وغيره من وزراء حزب العمل لحملة ضغوط واسعة من قواعد الحزب مطالبة إياهم بالاستقالة لأن حكومة بنيامين نتنياهو فشلت في التوصل إلى مفاوضات سلام وبدأت تدخل إسرائيل إلى أزمة خطيرة في علاقاتها الدولية، بما في ذلك مع الولايات المتحدة. وقال إيتان كابل، الأمين العام الأسبق لحزب العمل، إن على حزب العمل الانسحاب فورا من الحكومة وإبقاء نتنياهو رئيسا لحكومة تلائمه.. حكومة ضيقة يمينية متطرفة.

وجاءت هذه الضغوط في أعقاب قرار الإدارة الأميركية إلغاء الجهود لاستئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، «بعد فشلنا في التوصل إلى اتفاق يضمن تجميد البناء الاستيطاني مقابل استئناف المفاوضات»، وبالتالي إلغاء الصفقة التي اقترحتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على نتنياهو في نيويورك الشهر الماضي التي بموجبها تمنح إسرائيل 20 طائرة «إف - 35» ورزمة مساعدات أمنية وسياسية.

وأشار وزير الأقليات في الحكومة، ابيشاي برافرمان، وهو أيضا من حزب العمل، إلى أن «السياسة الإسرائيلية باتت ضربا من الهوس. فرئيس الحكومة، فقط قبل ثلاثة أسابيع، عاد من نيويورك وهو يصور لنا أنه يحمل صفقة تاريخية تستحق أن نجمد البناء الاستيطاني في سبيلها. وفجأة، يتضح أن رئيس الحكومة نفسه يتنازل عن هذه الصفقة بسهولة، لأنه لا يستطيع أن يواجه معارضيه في اليمين، الذين لا يسمحون له بتجميد البناء الاستيطاني».

وكانت الولايات المتحدة قد تداركت خطورة التدهور المتوقع جراء إلغاء المفاوضات المباشرة، فقررت إرسال السيناتور جورج ميتشل، مبعوث الرئاسة إلى الشرق الأوسط، على عجل لمقابلة نتنياهو والرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، وغيرهما من القادة في المنطقة، والاتفاق معهما حول مسار تفاوض غير مباشر يديره ميتشل ويتم فيه التركيز على موضوعي الأمن والحدود.

وذكرت مصادر سياسية في تل أبيب أن وزير الدفاع، إيهود باراك، سيسافر اليوم إلى واشنطن للمشاركة في ملتقى «معهد صبان». وسيلتقي مع كلينتون، ليطرح أمامها المصاعب التي يواجهها من داخل حزبه لكي ينسحب من الحكومة. ويوضح لها أنه وعد ناخبيه بالبحث في الانسحاب من الحكومة في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، إذا لم تتحرك مسيرة السلام بشكل جدي مع الفلسطينيين. وأن رفاقه في الحزب يمارسون الضغط عليه لكي ينفذ وعده.

والمعروف أن حكومة نتنياهو تقوم حاليا على أكثرية 78 نائبا من مجموع 120 في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). فإذا انسحب حزب العمل (لديه 12 نائبا)، تهبط أكثريته إلى 66 نائبا. وهذا يعني أن نتنياهو سيكون أسيرا دائما للحزبين المتطرفين: «إسرائيل بيتنا»، بزعامة وزير الخارجية أفيغدور لبرمان، وحزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين بزعامة وزير الداخلية، إيلي يشاي. وهذه ستكون فعلا حكومة يمين متطرف ذات أكثرية مهزوزة. وقد أدى وضع كهذا في الماضي إلى سقوط الحكومة، خاصة في زمن حكومة نتنياهو الأولى (1966 - 1999) وحكومة إسحق شمير (1989 - 1992). وكان أحد الأسباب الأساسية لهذا التطور، هو الصدام مع الولايات المتحدة على خلفية التخريب الإسرائيلي لعملية السلام.

من جهة أخرى، خرج أفرايم هليفي، رئيس جهاز «الموساد» الأسبق، بدعوة إلى الولايات المتحدة أن تترك إسرائيل والفلسطينيين لوحدهما. فهما قادران على إدارة المفاوضات بينهما بشكل حر وناجع أكثر، وبسرية، بعيدا عن أعين الصحافة ورقابتها الصاخبة. وقال إن الضغوط الأميركية أثبتت أنها لن تحقق شيئا، وإن الإجراءات الأحادية الجانب أيضا لم تحقق شيئا، بل عادت على أصحابها بالويلات، مثل الانسحاب من قطاع غزة، بينما المفاوضات السرية الثنائية حققت دائما نتائج أفضل، مثل مفاوضات أوسلو. وأضاف: «على الأميركيين أن لا يخافوا، فهذا الاقتراح لم يأت ضدهم. ففي نهاية المطاف كل اتفاق يتوصل إليه الطرفان، سيتم توقيعه على العشب الأخضر أمام البيت الأبيض تحت إشراف الرئيس الأميركي؛ فالقضية قضية نجاعة لا أكثر ولا أقل».