أنصار مؤسس «ويكيليكس» يكثفون حربهم الإنترنتية.. وزعماء عالميون يتعاطفون معه

المفوضة الدولية لحقوق الإنسان قلقة بشأن استهداف الموقع.. وبوتين: اعتقال أسانج غير ديمقراطي

متظاهرون يحتجون على توقيف جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس في مدينة مولتان الباكستانية أمس (إ.ب. أ)
TT

تعرض موقع «ويكيليكس» خلال الأيام الماضية إلى سلسلة ضربات بدا أنها قد تهدد بقاءه، حيث ألغي تنشيط عنوانه الرئيسي على الإنترنت، كما تم تجميد حساب «باي بال» الخاص به، وطرد من على خادم الإنترنت الرئيسي الذي كان يستخدمه، لكن الحملة جاءت بنتيجة عكسية، إذ أصبح الموقع أقوى مما كان عليه في أي وقت مضى، على الأقل في ما يتعلق بقدرته على النشر على الإنترنت. وبعد حرمانه من استخدام شركة معينة لاستضافة مواقع الإنترنت، انتقل الموقع إلى مضيف آخر. وفي الوقت نفسه، فإن عدد مواقع الإنترنت، التي تعيد نشر محتواه، ارتفع من بضع عشرات الأسبوع الماضي إلى نحو 200 بحلول الأحد، ليتجاوز الألف موقع بحلول أول من أمس.

ويعتمد بقاء موقع «ويكيليكس» على عدد من الشخصيات المجهولة، بمن فيهم مؤسسه جوليان أسانج، المحتجز منذ الثلاثاء في بريطانيا في انتظار تسليمه إلى السويد لمحاكمته في قضية تتعلق بادعاءات حول تورطه في اعتداءات جنسية. لكن صمود الموقع في مواجهة الهجمات المتكررة أكد على درس استوعبته بالفعل حكومات أكثر قمعية حاولت السيطرة على الإنترنت، وهو أنه من المستحيل تقريبا القيام بذلك. وأكد عدد من الخبراء، من بينهم بعض مصممي عالم الإنترنت الحديث، على أن تصميم شبكة الإنترنت يجعل من الصعب على المعارضين لـ«ويكيليكس» حجبه لأكثر من بضع ساعات.

وقال فينت سيرف، نائب رئيس عملاق الإنترنت «غوغل» والمؤلف المشارك لنظام «TVP/IP»، وهو اللغة الأساسية للاتصال بين أجهزة الكمبيوتر عبر الإنترنت «الإنترنت نظام مفتوح للغاية ليس به حواجز. كما أن سهولة نقل المعلومات الرقمية من مكان لآخر تجعل من الصعب جدا حجب هذه المعلومات بمجرد نشرها».

وقد هب أنصار «ويكيليكس» للدفاع عنه، عن طريق شن هجمات مضادة على شركات الإنترنت التي حجبت الموقع. وقالت مجموعة من القراصنة تطلق على نفسها اسم «أنونيموس» لإذاعة الـ«بي بي سي» إن «الحملة (الهجمات) لم تنته. ستتعزز، ومزيد من الأشخاص ينضمون إلينا لمساعدتنا». وأوضح أحد أفراد المجموعة يطلق على نفسه اسم «دم بارد» (كولد بلاد) أن «مزيدا من الأشخاص يقومون بتحميل برنامج (بوتنت)» الذي يسمح بشن هجمات معلوماتية مكثفة على موقع انطلاقا من آلاف أجهزة الكمبيوتر في وقت واحد. وكانت هذه المجموعة قد شنت أول من أمس هجوما واسعا منسقا على مواقع الشركات التي حرمت «ويكيليكس» من خدماتها المالية، خصوصا جمع تبرعات. وبعد «فيزا» و«ماستر كارد» وشركات مالية أخرى استهدفت لأنها علقت تسديد أموال لـ«ويكيليكس»، قالت وسائل الإعلام السويدية إن موقع الحكومة السويدية تعطل مؤقتا.

وقالت صحيفة «افتونبلاديت» إن موقع الحكومة توقف بضع ساعات ليل الأربعاء الخميس. كما استهدف القراصنة موقع سارة بالين، أهم شخصيات الجمهوريين المحافظين المتشددين في الولايات المتحدة. وكانت بالين قالت إن «يدي أسانج ملوثتان بالدم». وقال كولد بلاد «إنها حرب معلوماتية. نريد أن تبقى شبكة الإنترنت حرة ومفتوحة للجميع تماما كما كانت دائما». وتكشف المقابلة مع «دم بارد» سمات القراصنة المتعاطفين مع أسانج. فقد قال إنه مهندس معلوماتي يبلغ من العمر 22 عاما ولم يمارس العمل السياسي من قبل.

في غضون ذلك، عبرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، نافي بيلاي، عن قلقها أمس بشأن ما تردد عن ممارسة ضغوط على شركات خاصة لوقف الخدمات المالية أو الإنترنتية لموقع «ويكيليكس». وقالت بيلاي إن هذه الإجراءات مجتمعة يمكن أن تفسر على أنها محاولة لمنع «ويكيليكس» من النشر ومن ثم تمثل انتهاكا لحقه في حرية التعبير. وقالت في مؤتمر صحافي «أنا قلقة بشأن تقارير عن ممارسة ضغط على شركات خاصة من بينها بنوك وشركات للبطاقات الائتمانية وشركات لتقديم خدمة الإنترنت لإغلاق خطوط ائتمان للتبرعات لـ(ويكيليكس) وأيضا لوقف استضافة الموقع».

وفي موسكو، قال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أمس إن اعتقال أسانج مؤسس «ويكيليكس» يعد عملا «غير ديمقراطي». وفي رد على سؤال حول الرسائل الدبلوماسية الأميركية التي سربها الموقع والتي توصف فيها روسيا بأنها دولة غير ديمقراطية، قال بوتين «لماذا وضع السيد أسانج في السجن؟ هل هذه هي الديمقراطية؟. وكما نقول في القرية: الطنجرة تصف المقلاة بأنها سوداء». كذلك، احتج الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أمس على اعتقال أسانج، وأعرب عن تضامنه مع موقعه. وأعرب لولا خلال حفل في برازيليا عن «تضامنه في كشف الوثائق والاحتجاج على (انتهاك) حرية التعبير». وكان من المفترض أن يلتقي محامو أسانج موكلهم أمس في السجن، وحسبما ذكروا مسبقا فإن «معنوياته مرتفعة»، وواثق من كسب المعركة ضد تسليمه. وقالت المحامية جنيفر روبنسون إنهم سيناقشون طرق التوصل إلى الإفراج عنه في الجلسة التي ستعقد في 14 من الشهر الحالي بشأن تسليمه إلى السويد ليمثل أمام القضاء بتهمة الاغتصاب.