بريطانيا تقر رفع رسوم الدراسة الجامعية على وقع المظاهرات

نيك كليغ يفشل في إقناع حزبه بالالتفاف حوله.. والتصويت أول امتحان حقيقي للائتلاف الحاكم

الشرطة تحاول منع المتظاهرين من التقدم أمام مبنى البرلمان في لندن أمس (أ.ف.ب)
TT

على وقع مظاهرات الطلاب الغاضبة، مرر النواب في البرلمان البريطاني أمس قانونا يسمح برفع أقساط الجامعات في إنجلترا من 3 جنيهات إسترلينية سنويا إلى 6 آلاف جنيه إسترليني كحد أدنى، و9 آلاف جنيه إسترليني كحد أقصى، في أول اختبار حقيقي للائتلاف الحاكم. وفشل نيك كليغ، زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين ونائب رئيس الوزراء، في لمّ نواب حزبه حوله، إذ اختار بعضهم التصويت ضد القرار وآخرون امتنعوا عن التصويت.

وتقدم ثلاثة نواب من حزب الليبراليين الديمقراطيين باستقالاتهم من مناصبهم كمساعدين لوزراء في الحكومة، اعتراضا على قرار زعيم حزبهم تأييد حزب المحافظين في خطة رفع الأقساط. وكان حزب الليبراليين الديمقراطيين قد وعد في حملته الانتخابية بالتصويت ضد أي محاولة لرفع أقساط الجامعات، بل إنه سيعمل على إلغاء الأقساط الجامعية تدريجيا.

ونزل عشرات الآلاف من الطلاب في أنحاء بريطانيا إلى الشوارع منذ صباح أمس في مسيرات استمرت حتى الليل في البرد القارس، في محاولة أخيرة لإقناع النواب برفض التعديلات في أقساط الجامعات. وتوعد الطلاب بالاستمرار في التظاهر رغم تمرير البرلمان للقانون بأغلبية 21 صوتا، علما أن الحكومة الائتلافية تملك أغلبية 84 مقعدا في البرلمان. ومرر القانون بـ323 صوتا مؤيدا مقابل 302 صوت معارض وممتنع.

اندلعت اشتباكات عنيفة بين الشرطة وطلبة محتجين في وسط لندن، وسط تقارير عن وقوع إصابات في صفوف الجانبين، حسبما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). واقتحمت شرطة الخيالة الحشد خارج، وستمنستر آبي، لإبعاد المتظاهرين عن مجلسي البرلمان، في خطوة أثارت انتقادات واسعة بسبب استعمال الشرطة للقوة المفرطة ضد المتظاهرين. واقتحمت مجموعات المحتجين في وقت سابق صفوف الشرطة ورشقوهم بالحواجز المعدنية ومواد أخرى.

وأظهرت لقطات تلفزيون (بي بي سي) الشرطة بينما تنقل متظاهرين مصابين حسبما تردد.

وذكرت تقارير أن عناصر من الشرطة أصيبوا أيضا في الاشتباكات.

وتأتي خطوة رفع الأقساط الجامعية في إطار سلسلة من الخطوات التي اتخذتها الحكومة لخفض النفقات العامة بهدف خفض العجز القياسي في الميزانية. ووضعت الشرطة في حالة تأهب قصوى أمس بعد خروج آلاف الطلاب والأساتذة والتلاميذ إلى شوارع وسط لندن، فيما اجتمع المشرعون للتصويت على الاقتراح. وكانت أعمال العنف قد شابت المظاهرات الطلابية في الأسابيع الماضية حيث هاجم المتظاهرون مبنى يضم مقر الحزب المحافظ الشهر الماضي.

وعقد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون اجتماعا مع حكومته قبل التصويت. ورغم أن حجم الغالبية التي تحظى بها الحكومة في مجلس العموم يفترض أن تضمن المصادقة على الاقتراح، فإن هذه المسألة التي أثارت جدلا واسعا وضعت عبئا ثقيلا على كاهل الائتلاف الذي تشكل عقب انتخابات مايو (أيار).

وصب الطلاب جام غضبهم على كليغ بسبب نكثه وعده الذي أطلقه خلال الحملة الانتخابية. ووصف كليغ، الذي بدا منزعجا خلال الأيام القليلة الماضية بشأن هذه المسألة، معارضي سياسة الائتلاف بالنسبة للأقساط الجامعية بأنهم «حالمون». وأكد كليغ أنه لا يخجل من دعمه الخطط لأنه يتعامل مع «العالم كما هو في الحقيقة». وأقر كليغ أن رفع الأقساط «ليس السياسة المثالية التي كان يرغب حزب الديمقراطيين الأحرار في تطبيقها» إلا أنه قال إنه «ليس من غير المعقول» الطلب من الطلاب الجامعيين المساهمة بشكل أكبر في تكاليف تعليمهم.

وفي مؤشر على الانقسامات العميقة داخل حزبه، قال غريغ مولهولاند أحد نواب حزب الديمقراطيين الأحرار، إنه سيصوت ضد الاقتراح لأنه سيجعل من الصعب على الطلاب منخفضي الدخل الالتحاق بالجامعات. وأضاف لصحيفة «الغارديان»، «ليس من مصلحة أحد القيام بذلك في هذه المرحلة». وأضاف «أحيانا من الشجاعة أن تعترف بأن عليك أن تعيد التفكير في مسألة ما. أفضل شيء بالنسبة للتعليم العالي هو عدم الدفع باتجاه هذا التصويت».

ويأتي اقتراح رفع الرسوم الجامعية من مستواها الحالي وهو 3290 جنيها إسترلينيا سنويا، على خلفية الخفض الكبير في تمويل التعليم العالي في بريطانيا في إطار خفض كبير للميزانيات لمعالجة العجز القياسي الذي تعاني منه البلاد. وتدعم غالبية الجامعات رفع قيمة الأقساط وتقول إنها بحاجة إلى تمويل إضافي. وجرت مواجهة بين كاميرون، الذي تخرج من جامعتي ايتون وأكسفورد المرموقتين، وزعيم حزب العمال المعارض إد ميليباند الذي اتهم رئيس الوزراء بأنه «بعيد عن الناس العاديين». وأعلن وزير الأعمال فينس كيبل، وهو من حزب الليبراليين الديمقراطيين، عن تنازلات بشأن الاقتراحات عشية التصويت في محاولة لكسب المتشككين، من بينها إحداث تغييرات للعتبة التي يبدأ الطلاب عندها تسديد قروضهم الدراسية.

وكان الائتلاف الحكومي تشكل في مايو بعد انتخابات نتج عنها برلمان معلق حيث فاز المحافظون، اليمين الوسط، بمعظم المقاعد في مجلس العموم، ولكن تلك المقاعد لم تكن كافية لتمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده. وتشكلت الحكومة بالتحالف مع حزب الديمقراطيين الأحرار الوسطي الذي احتل المرتبة الثالثة في الانتخابات، والذي خرج من السلطة بعد 13 عاما من الإمساك بزمامها.