الفريق الأفغاني النسوي للكرة سعيد بمشاركته في أول بطولة دولية

يضم 4 لاعبات يقمن بأميركا ويتدرب تحت حراسة طائرات الأطلسي

المنتخب الأفغاني لكرة القدم للسيدات خلال حصة تدريبية («نيويورك تايمز»)
TT

قبل يومين من سفرهن للعب في أول بطولة دولية يشارك فيها منتخبهن لكرة القدم، أخذت اللاعبات الأفغانيات دورهن في التدريب على التمريرات الطويلة أمام المرمى وتسديد ركلات الجزاء والمراوغة بالكرة حول دائرة وسط الملعب.

وبعد ذلك، اقتحم جنود مسلحون البوابة الموجودة في أحد أركان الملعب، وطالبوهن بأدب، بالتوجه إلى أطراف الملعب. وفي الأعلى، كان هناك أزيز مخيف، بسبب تحليق سرب من المروحيات التي تسببت في إثارة الأتربة والحطام الذي كان يتطاير في وجوههن. ومرة أخرى، استعاد حلف شمال الأطلسي مهبط الطائرات المخصص له، وكان يتعين على لاعبات المنتخب الأفغاني إخلاء المكان الوحيد في العاصمة الذي يمكن لهؤلاء النساء ممارسة كرة القدم فيه بأمان.

وقالت خالدة بوبال، وهي مسؤولة بالاتحاد الأفغاني لكرة القدم للسيدات وإحدى أقدم اللاعبات في الفريق: «أكره الطائرات المروحية، لكننا لا نستطيع اللعب أمام العامة في أي مكان آخر، خشية التعرض لهجوم». وتلعب بوبال كمدافعة في الفريق، ولكنها تبدو مهاجمة لا تكل عندما يتعلق الأمر بالترويج للعبة كرة القدم للسيدات. وصرحت قائلة: «هذه هي الطريقة التي أقاتل بها. نحن نريد أن نرسل رسالة إلى العالم لإظهار أن النساء قادرات على لعب كرة القدم والدراسة والعمل».

ولم تكن أي من هذه الأنشطة سهلة للنساء الأفغانيات، ولكن ممارسة الألعاب الرياضية على وجه الخصوص كانت صعبة. وقد حققت الرياضة النسائية، التي كانت محظورة تماما خلال فترة حكم حركة طالبان، عودة متقطعة. فقد تعرضت لمعوقات بفعل الميزانيات المحدودة وغياب الأمن، كما تعاني في معظم الأحيان من غياب الأماكن الصالحة للعب في مجتمع يتعامل مع أبسط كشف للجسد على أنه جريمة اجتماعية. وقالت بوبال: «في كل مكان نذهب إليه، يقول لنا الناس: لماذا تلعبن كرة القدم؟ هذه ليست لعبة للنساء».

وفي حين أن أفغانستان لديها بعض الفرق الدولية في 22 رياضة نسائية، فإن معظم هذه الجهود استأنفت للتو فقط. وفي أولمبياد بكين عام 2008، شاركت امرأة أفغانية فقط في تلك الدورة، بينما شاركت رياضيتان أفغانيتان فقط في عام 2004، حسبما ذكرت شكرية حكمت، رئيسة اللجنة الأولمبية الأفغانية للسيدات.

وعلى الجانب الآخر، في الألعاب الرياضية للرجال، نجحت أفغانستان في الضرب بقوة تفوق قدرتها رغم الحرب. ويعتبر لاعبو المنتخب الأفغاني للكريكت أبطالا قوميين في بلادهم، خصوصا بعدما تغلبوا على المنتخب الاسكوتلندي مؤخرا، ويعد فريق التايكوندو الأفغاني من القوى الآسيوية في هذه اللعبة.

وقد سافر المنتخب الأفغاني لكرة القدم للسيدات أمس إلى بنغلاديش للمشاركة في أول منافسة دولية رسمية له؛ حيث يشارك في دورة يرعاها اتحاد جنوب آسيا لكرة القدم. وقال وحيد الله وحيدي، مدرب الفريق: «مجرد المشاركة في المنافسات الدولية يمثل انتصارا كافيا خصوصا أن المنتخب الأفغاني للسيدات سيواجه فرقا من دول أخرى تتمتع لعبة كرة القدم النسائية فيها بمكانة راسخة».

ويواجه الفريق الأفغاني العديد من المعوقات؛ حيث كان يسمح له باستخدام ملعب كرة القدم داخل قاعدة عسكرية تابعة لحلف الأطلسي في كابل، ثلاث مرات أسبوعيا فقط، حسبما تسمح عمليات هبوط الطائرات (وقد حدث هذا فقط لأن الرئيس حميد كرزاي أمر بإتاحة الملعب للفريق بعد تقديمه لعرض قوي غير متوقع في مباراة ودية أمام باكستان) .

وقائدة الفريق طالبة في المدرسة الثانوية عمرها 16 عاما، تدعى رقية نوري، وهي مهاجمة قصيرة القامة تتميز بتسديداتها القوية. ويعيش أربع من أصل أبرز اللاعبات في الولايات المتحدة الأميركية، ولم يحصلن على أي فرصة للتدريب مع الفريق قبل الدورة التي تقام حاليا في بنغلاديش. وحتى ملابسهن وأحذيتهن الرياضية هي مزيج من الأدوات المتنوعة، ولا تدخل السراويل القصيرة أو القمصان قصيرة الكم ضمن ملابسهن.

ولكن معظم اللاعبات تخلين عن أغطية الرأس، وهو غطاء يطلب من النساء ارتداؤه بخلاف ذلك في الأماكن العامة هنا. وقالت بوبال: «غطاء الرأس يمكن أن يكون مصدر خطورة على اللاعبات، حيث يمكن للاعبة أخرى أن تنتزعه وتشنق اللاعبة المنافسة به».

وتجدر الإشارة إلى أن بوبال، 23 عاما، طالبة في كلية الهندسة تنتمي لأسرة محافظة في إقليم البشتون. وعندما أظهرت كفاءتها في اللعبة أثناء دراستها في المرحلة الثانوية، عارض والدها وأخوتها فكرة سعيها لممارسة هذه اللعبة في أحد الأندية الرياضية. وتوود كل الأندية الرياضية للفتيات تحت سن 21 عاما تقريبا في العاصمة الأفغانية. وقالت بوبال: «نجحت في إقناع أسرتي بممارسة اللعبة بفضل حبي لكرة القدم، وقد وافقوا في النهاية». وحدث هذا منذ خمس سنوات. وتابعت قائلة: «الآن، يبدو أفراد أسرتي فخورين بي». ولكنهم يشعرون بالقلق أيضا. ولكونها المتحدثة البارزة باسم فريق كرة القدم للنساء، تعرضت بوبال لتهديدات بالقتل، وغالبا ما تتعرض للسخرية أثناء سيرها في الشارع.

وقال وحيدي: «هذا حق مدني لكرة امرأة. ويجب ألا تكون ممارسة الرياضة حكرا على الرجال فقط. المشكلة القائمة في بلادنا هي وجود عدد كبير من الأميين، الذين يمثلون نسبة 85 في المائة من تعداد الشعب الأفغاني».

وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض المنتخب الأفغاني لكرة القدم مباراة استعراضية ضد فريق نسائي مكون من قوات المساعدة الأمنية الدولية التي يقودها حلف الناتو. وقالت بوبال: «أردنا أن نظهر لهم أن الأفغان أناس طيبون، وليسوا مثل الأشخاص الحمقى الذين يقاتلون». وتمكن المنتخب الأفغاني، الذي لم توقفه عمليات هبوط الطائرات المروحية، من التغلب على فريق حلف الأطلسي بهدف دون مقابل.

* خدمة «نيويورك تايمز»