الجزائر تؤكد لاشتراكي يتطلع لخلافة ساركوزي شروطها لتطبيع العلاقات

هولاند تعهد بالارتقاء بعلاقات البلدين

TT

أنهى القيادي الاشتراكي الفرنسي فرانسوا هولاند، أمس، زيارة إلى الجزائر التقى خلالها شخصيات كبيرة في الدولة. وتعهد هولاند، الزعيم السابق للحزب الاشتراكي، بالارتقاء بالعلاقات مع الجزائر إلى مستوى أعلى، في حال ترشحه لانتخابات الرئاسة وفوزه بغالبية أصوات الناخبين عام 2012.

وفيما طغت مواضيع التاريخ «وواجب الذاكرة» والاستعمار، على المحادثات التي جمعت هولاند بالمسؤولين الجزائريين الذين التقاهم، فإن هؤلاء أبلغوا قيادي الحزب الاشتراكي الفرنسي بضرورة أن تعلن بلاده صراحة، أنها ارتكبت جرائم خلال فترة استعمار الجزائر (1830 - 1962)، كشرط لإنهاء حالة التوتر الشديد الذي يميز العلاقات الثنائية منذ وصول نيكولا ساركوزي إلى الحكم في فرنسا.

وقال عبد العزيز بلخادم، وزير الدولة، الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لهولاند عندما التقاه: «إننا لا نفهم (يقصد الجزائريين) لماذا تصر فرنسا على التنكر لماضيها الاستعماري»، في إشارة إلى رفض الطبقة السياسية الفرنسية، خصوصا اليمين، الاعتراف بأن ما حدث خلال أواسط خمسينات القرن الماضي، لم يكن حربا ولا حتى احتلال أرض وإنما جرائم إبادة. وعند هذا الحد قال هولاند أمام صحافيين جزائريين وفرنسيين: «إن الاستعمار فعل مأساوي، وجدير بنا إدانته». ثم رد عليه بلخادم بنبرة صارمة: «الاستعمار جريمة وينبغي التعامل معه على هذا الأساس».

وتعكس نظرتا بلخادم وهولاند، حجم الخلاف التاريخي الكبير بين البلدين. فالفرنسيون يقترحون أمرا اسمه «الاشتغال على الذاكرة» ويقصدون به إفساح المجال للمؤرخين من الجانبين، لدراسة أحداث الفترة الاستعمارية وشهادات أشخاص عايشوها. وهؤلاء المؤرخون، وفق هذا المفهوم، هم الذين يحددون ماذا حدث بالضبط في تلك الفترة، وما إذا كان احتلالا أم جريمة أم أن «الوجود الفرنسي في شمال أفريقيا كان فعلا حضاريا»، بحسب مفهوم قطاع من الطبقة السياسية الفرنسية. أما الطرف الجزائري، فيريد أمرا آخر تماما. وهو يصر على أن تعلن فرنسا أنها أذنبت عندما استعمرت الجزائر وأن أفعالها كانت إجرامية. وأكثر من ذلك، يريد الجزائريون دفع تعويضات مثلما فعلت إيطاليا مع مستعمرتها السابقة ليبيا.

وقد ذكر ساركوزي عندما زار الجزائر، كوزير للداخلية مطلع 2006، أنه لا يمكن أن يوافق على «أن يتحمل الأبناء أخطاء آبائهم».

وبهذا المفهوم، ترى الجزائر أن فرنسا غير مستعدة لتحمل مسؤولية ماضيها الاستعماري. وبسبب تناقض الرؤية والمواقف حيال هذه القضية، لم تتقدم العلاقات الثنائية، لا في شقها السياسي ولا الاقتصادي، منذ ثلاث سنوات على الأقل.

وصرح هولاند للصحافيين في موضوع التاريخ والذاكرة قائلا: «لقد تطرقت مع الصديق بلخادم للكثير من المسائل، خاصة واجب الذاكرة، وهو نشاط خاص بمؤرخين يؤدونه على أحسن وجه وينبغي تثمينه واستكماله دون أن نخشى شيئا، وهذا من أجل فتح طريق جديد نحو المستقبل». وأضاف: «لا ينبغي أن يكون هناك أي غموض ولا سوء فهم في العلاقات بين البلدين، حتى نتمكن من أن نخطو خطوات نحو الأمام». وفهم من كلام هولاند أن تشبث الجزائر بمطلب «الاعتراف بالجريمة» لن يساعد على تطبيع العلاقات. وتعهد بتحسين العلاقة في حال ترشح لانتخابات الرئاسة وفاز بأغلبية الأصوات في 2012.

وكرست زيارة قيادي الحزب الاشتراكي الفرنسي، معاني التاريخ المشترك بين البلدين لما زار رجل التاريخ وأحد أبرز قادة الثورة، أحمد بن بلا، رئيس الجزائر الأسبق (1963 - 1965). وقال بن بلا (94 سنة) للصحافة: «أتمنى إقامة علاقة جيدة مع فرنسا». أما هولاند فقال عن لقائه الرئيس الأسبق: «إنها سابقة بالنسبة لرجل سياسي فرنسي». وأضاف: «إنني أعرف ماذا فعل السيد بن بلا من أجل استقلال الجزائر، وأدري ماذا يمثل بالنسبة للجزائريين».