حزب الله يمنح «الفريق الآخر» 4 أيام قبل موقف الحسم.. وإلا فإن لبنان يدخل مرحلة جديدة

رئيس قلم محكمة الحريري يعلن الانتقال من التحقيق إلى الإجراءات القضائية

TT

أعطى رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد مهلة ثلاثة أو أربعة أيام للفريق الآخر «لانتهاز الفرصة قبل الموقف الحسم»، لافتا إلى أن «الوقت بدأ يقصر وقد أدلينا بحجج وبراهين حتى لا نبقي لأحد ذريعة يتذرع بها». وأضاف: «موقف الحسم أصبح يقترب وعلى الجميع أن يراجعوا حساباتهم في ضوء رؤيتهم للمصلحة الوطنية ولمصلحة شعبهم». وتابع يقول في مجلس عاشوراء مساء أمس: «نحن نضع معادلة. المتعاون مع الظالم ضد المقاومة عليه أن يراجع حساباته. توجد فرصة حاليا قد تمتد يومين، ثلاثة أو أربعة، عليهم أن ينتهزوا هذه الفرصة، وإذا ما حان الوقت لموقف الحسم فإن لبنان سيدخل مرحلة جديدة، لذلك نحرص على أن يكون هؤلاء قد راجعوا حساباتهم قبل فوات الأوان».

حزب الله يمنح «الفريق الآخر» 4 أيام قبل موقف الحسم.. وإلا فإن لبنان يدخل مرحلة جديدة وجاء ذلك في وقت أعلن فيه رئيس قلم المحكمة الجديد الذي تم تعيينه أمس، هارمان فون هايبل، أن المحكمة تمر «بوقت هام، إذ هي قيد الانتقال من مرحلة التحقيق بصورة أساسية إلى مرحلة الإجراءات القضائية»، وذلك في بيان صادر عن المحكمة الخاصة بلبنان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس. وجاء ذلك في وقت انطلق فيه حزب الله في حملة مبرمجة لشن أعنف هجماته على المحكمة الدولية والقرار الظني المنتظر. فوصفها قياديوه بـ«المهزلة والمسخرة» مشبهين إياها بـ«محاكم القرون الوسطى»، وحذروا من أن «الاستمرار بالنهج الحالي الذي نسير عليه، يهدد الاستقرار اللبناني».

وقال البيان الصادر عن المحكمة أمس إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عين نائب رئيس قلم المحكمة هيرمان فون هايبل، رئيسا للقلم. وأعلن فون هايبل أول أمس في تصريحات صحافية أن القرار الاتهامي سيقدم لقاضي الإجراءات التمهيدية «قريبا جدا». وكان منصب رئيس القلم لا يزال شاغرا منذ استقالة رئيس القلم السابق الأميركي دايفيد تولبرت مطلع العام، لكي يتولى منصبا آخر في نيويورك.

وجاء في البيان أن فون هايبل، وهو هولندي الجنسية، عمل طوال عدة عقود في مجال القانون الدولي ضمن ثلاث محاكم مختلفة منها المحكمة الخاصة بلبنان، إلى جانب عمله في الحكومة الهولندية. ونقل البيان عن رئيس القلم الجديد قوله: «يأتي تعييني في هذا المنصب في وقت هام بالنسبة إلى المحكمة، إذ هي قيد الانتقال من مرحلة التحقيق بصورة أساسية إلى مرحلة الإجراءات القضائية، وسيكون عمل قلم المحكمة في أثناء هذه المرحلة حاسما لضمان حسن سير الإجراءات».

ويعتبر رئيس قلم المحكمة الرئيس التنفيذي للمحكمة، وهو مسؤول عن كل أوجه إدارتها، لا سيما الميزانية، وجمع الأموال، والعلاقات مع الدول، ونظام إدارة المحكمة. كما تشمل مهامه الواسعة النطاق الإشراف على وحدة المتضررين المشاركين في الإجراءات، وحماية الشهود، ومرفق الاحتجاز. وذكر بيان المحكمة أن «سائر كبار مسؤولي المحكمة ربحوا بتعيين فون هايبل»، ونقلت عن رئيس المحكمة القاضي أنطونيو كاسيزي: «عمل هرمان فون هايبل في خدمة العدالة الجنائية الدولية طوال سنوات عدة، بكفاءة واستقلالية. وإنني على يقين أنه سيستمر في أداء وظائفه بدرجة عالية من الكفاءة المهنية والنزاهة». أما المدعي العام دانيال بلمار فقال إن تعيين فون هايبل يمثل «اعترافا جديرا بجهوده الرامية إلى تعزيز عمل المحكمة منذ نشأتها». وأضاف: «أنا واثق من أن خبرتنا والتزامنا المشتركين سيسهمان بصورة قيمة في تقدم مهمّة المحكمة الصعبة».

وشغل فون هايبل سابقا مناصب رئيس قلم المحكمة بالنيابة، ومسجّل المحكمة الخاصة لسيراليون، وموظف قانوني أقدم في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. كما اضطلع بدور فعال في المفاوضات بشأن نظام روما الأساسي الذي أُنشئت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية.

أما في بيروت، حيث صعد حزب الله من تهجمه على المحكمة، فقال رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين: «إن الحمق بدأ يتسرب إلى بعض اللبنانيين، وإن هذا البعض يعتقد أن في إمكانه أن يضغط على المقاومة بقرار ظني أو بمحكمة دولية أو غير ذلك»، مؤكدا «أن كل ذلك لن ينفعهم بشيء وأنهم سيخسرون». واعتبر صفي الدين، أنه «أصبح واضحا وبعد كل المعطيات والبيانات التي قدمتها المقاومة، أن هذه المحكمة المدعوة محكمة دولية، تشبه كل شيء إلا المحكمة، وربما هي تشبه المحاكم في القرون الوسطى بل هي أسوأ من محاكم القرون الوسطى، وهذه ليست محكمة بل مسخرة ومهزلة»، وقال: «هم يريدون من خلالها أن يتغلغلوا ويدخلوا إلى البلد، لكنهم لن يحققوا شيئا».

واعتبر عضو كتلة حزب الله النيابية علي المقداد أن «هدف المحكمة الدولية قطع رأس المقاومة وأن الاستمرار بهذا النهج الذي نسير عليه اليوم يهدّد الاستقرار». بينما قال عضو الكتلة نفسها النائب حسين الموسوي: «ما يطلبونه منا أن نترك السلاح ويعطونا كل ما نريد بما فيه الحكم.. جوابنا هو أننا لن نترك السلاح ونحن مصرون على حمله ومتابعة المسيرة فنحن عملنا أن نقف مع الحق وندافع عنه ولا نفكر في المناصب والسلطات».

وكان النائب في حزب الله محمد رعد قد قدم «مقاربة قانونية» في مؤتمر صحافي قبل يومين، حول «عدم دستورية المحكمة الدولية». إلا أن أوساط تيار المستقبل وضعت المقاربة القانونية في إطار «حملات التهويل والمزايدات التي لا تفيد البلد»، مجددة الإشارة إلى أنه لن تكون هناك أي تسوية على حساب المحكمة أو القرار الظني.

في المقابل، رأى عضو تكتل «لبنان أولا» النائب زياد القادري أن «حزب الله يردد الأمور عينها فيما يخص المحكمة ولكن بقوالب مختلفة»، معربا عن ارتياحه لانتقال الحزب من مرحلة «التهديد والوعيد وتحميل الشعب اللبناني مسؤولية ما سيصدر من قرار ظني لمرحلة المقارعة القانونية والدستورية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا إن دل على شيء فعلى إقرار حزب الله بأن للمحكمة الدولية مسارها القضائي والقانوني وبالتالي لا إمكانية للتأثير على عملها حتى ولو كان بالتهديد والصوت العالي».

واعتبر القادري أن ما أتى به حزب الله من خلال رعد لضرب قانونية المحكمة، «مجرد استعراض يفتقد للجدية القانونية» داعيا حزب الله للعودة «لرشده السياسي والكف عن سياسة التعطيل من خلال اقتناعه بأن هناك مسارين مختلفين يجب الإصرار على فصلهما ألا وهما مسار الاستقرار والسياسة ومصالح اللبنانيين ومسار العملية القضائية والمحكمة الدولية» وأضاف: «المحكمة لم ولن تكون وسيلة لغلبة فريق سياسي على فريق آخر كما أننا لن نقبل بأن نكون أداة من أدوات الضغط على أي شريك من شركائنا في الوطن».