كلام الأسد عن غياب تسوية سعودية ـ سورية يعيد الأزمة اللبنانية إلى المربع الأول

«المستقبل» يحبذ تفاهما لا يلغي المحكمة وقرارها الاتهامي

TT

أعاد موقف الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أطلقه من قصر الإليزيه في باريس، وأكد فيه أن لا وجود لتسوية سورية - سعودية لحل الأزمة اللبنانية بل أفكار تبحثها سورية مع المملكة العربية السعودية وفرنسا، الوضع اللبناني إلى المربع الأول. وخالف كلام الرئيس السوري ما سبق أن أعلنه مسؤولون في حزب الله وفريق «8 آذار» مرات عدة عن قرب ولادة التسوية، وتقاطع مع ما أدلى به السفير السعودي لدى لبنان علي عواض العسيري عندما تحدث عن أفكار قيد النقاش وليست تسوية مكتوبة.

لكن عضو كتلة حزب الله، النائب بلال فرحات، اعتبر أن «ما قاله الرئيس بشار الأسد دقيق جدا وواضح، ولا يتعارض مع ما يقول حزب الله حول مساعي الحل القائمة». وشدد على أن «موقف الرئيس الأسد والمسعى السعودي يصبان في خانة تقريب وجهات النظر ليكون الحل من الداخل اللبناني، وبالتالي تجنيب لبنان الفتنة التي تحاك له من خلال المحكمة الدولية». وأكد أن «المساعي ما زالت قائمة وفرص الحل قائمة أيضا برعاية العاهل السعودي (الملك عبد الله بن عبد العزيز) والرئيس بشار الأسد، وهي تنطلق من أن المشكلة اللبنانية يجب أن تحل على المستوى اللبناني وأن يحظى هذا الحل بمباركة سعودية - سورية، انطلاقا من إدراكهم أن ما يحضر للبنان لا يقف بوجهه إلا اللبنانيون». وأشار إلى أن «سورية والسعودية تحرصان على أن يبقى لبنان بمنأى عن العواصف، وبالتالي لا بد أن نعي كلبنانيين مهما تباعدنا في السياسة هذه الحقائق ونسارع إلى تجنيب بلدنا نتائج ما يخطط له على مستوى الخارج، وهذا ما قصده الرئيس الأسد في كلامه من باريس».

في المقابل، أوضح عضو كتلة المستقبل، النائب غازي يوسف، أن «ما عبر عنه الأسد في قصر الإليزيه هو ما سبق أن قلناه منذ وقت طويل»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن على يقين أنه لا يمكن القبول بأي تسوية على قاعدة رفض المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي، إنما الأفكار المطروحة للنقاش هي أنه بعد صدور القرار الاتهامي نجلس كقوى سياسية مع بعضنا للبحث في السبل التي تجنب بلدنا الفتنة». وأضاف: «أعتقد أن الرئيس الأسد سمع من الرئيس الفرنسي (نيكولا ساركوزي) كلاما مشابها لما نقوله الآن، وأكد له أنه ليس بمقدور أحد رفض المحكمة الدولية أو تجاهلها أو القفز فوقها»، وردا على سؤال أكد يوسف أن «المطلوب من السوريين ومن موقع المؤنة على مقربين منهم في لبنان ألا يوفروا الدعم المادي أو المعنوي لكل من يريد أن يشعل الفتنة في لبنان متخذا من القرار الاتهامي ذريعة لذلك».

إلى ذلك، أعلن السفير السعودي لدى لبنان علي عواض العسيري أن «مسعى المملكة العربية السعودية المشترك مع سورية للحل في لبنان مستمر، لكنه يتطلب جهدا لبنانيا لينجح»، مشيرا في حديث لقناة الـ«بي بي سي» إلى أن «السعودية حريصة على استقرار لبنان، وأن على اللبنانيين تمتين وحدتهم الداخلية في مواجهة التحديات بما في ذلك القرار الظني الذي قد يصدر عن المحكمة الدولية». وأشاد بـ«الدور الذي تلعبه إيران إلى جانب المملكة وسورية لحفظ الاستقرار في لبنان»، مؤكدا أن «اتصال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قبل زيارته لبنان بخادم الحرمين الشريفين، وزيارة الرئيس سعد الحريري لطهران خير دليل على هذا الدور الإيجابي». وأشار إلى أن «مشكلة لبنان هي في اللبنانيين»، داعيا إياهم إلى «بناء الثقة بينهم من خلال الحوار البناء».

وأكد العسيري «العلاقة الجيدة التي تربط السعودية مع الأطراف اللبنانيين جميعا بما في ذلك حزب الله»، واصفا هذا الحزب بأنه «جزء أساسي من التركيبة اللبنانية». وعن القرار الظني، قال السفير السعودي: «لا يمكن الكلام عن أمر في الغيب، خصوصا أن كل ما يقال عنه يبقى في إطار التكهنات»، مشيرا إلى أن «صدور القرار واستهدافه فريقا لبنانيا يتطلبان في المقابل خطوات لتوحيد الموقف اللبناني وتقديم الردود المناسبة بما في ذلك من طعون وإثباتات»، لافتا إلى أن «الأهم في ذلك هو سحب التداول في هذا الأمر من الشارع والإعلام».

من جهته، رأى عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري أن «القمة الفرنسية - السورية التي عُقدت في باريس توضح أن المسعى السعودي - السوري لا يزال مستمرا ويحظى بالدعم الفرنسي»، شارحا أن «الأشقاء والأصدقاء في العالم يقومون بدعم الجهد اللبناني وليس بدور بديل عنه؛ لذلك لا يمكننا كلبنانيين أن نستقيل من مهماتنا في المحافظة على الاستقرار والسلم الأهلي والوحدة الوطنية والعيش المشترك».

ورحب عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب علاء الدين ترو بالمشاورات السورية - الفرنسية، والسورية - السعودية، ورأى أنها «تقرب وجهات النظر، لكن لا يمكن لأحد صناعة الحلول غير اللبنانيين أنفسهم»، وإذ أشار إلى «وجود مفاوضات سورية - سعودية حول لبنان، ولكن من دون وجود مبادرات محددة تعالج الموضوعات المختلف عليها»، لفت إلى أن «ثمة أفكارا مطروحة على الفرقاء اللبنانيين لم تجر الموافقة عليها بعد».