نوبل للسلام تسلم رمزيا لصاحبها المسجون.. ممثلا بكرسي شاغر

الصين تضيق على معارضين وتمنع برامج تلفزيونية حول الحدث

رئيس لجنة نوبل ياغلاند ينظر إلى كرسي شاغر إلى جانبه حيث كان يفترض أن يجلس تشياوبو الحائز على جائزة نوبل للسلام لهذا العام في أوسلو أمس (إ.ب.أ)
TT

شارك معارضون صينيون ودبلوماسيون بالإضافة إلى ملك النرويج وزوجته في مراسم التسليم الرمزي لجائزة نوبل للسلام أمس إلى المعارض الصيني المسجون ليو تشياوبو الذي تمثل بكرسي شاغر.

وقال رئيس لجنة نوبل ثوربجورن ياغلاند قبل أن يضع رمزيا شهادة وجائزة نوبل السلام على كرسي شاغر :«لم يقم ليو سوى بممارسة حقوقه المدنية. لم يرتكب أي سوء ويجب الإفراج عنه». ودعم الرئيس الأميركي باراك أوباما والمسؤولة عن السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون هذا الموقف وطالبا بالإفراج عن المنشق فورا. ويمضي ليو الشخصية السابقة في حركة تيانانمين في 1989 عقوبة بالسجن 11 عاما بتهمة «المس بسلطة الدولة» بعد التوقيع على «ميثاق 2008» الداعي إلى الديمقراطية في الصين. وبعد عامين بالتحديد من نشر هذا الميثاق، زين مقر بلدية أوسلو أمس لهذه المناسبة بصورة عملاقة لليو. وقال ياغلاند: «يتساءل كثيرون ما إذا كانت الصين تظهر رغم قوتها الحالية نوعا من الضعف ظنا منها أن عليها حبس رجل 11 عاما لأنه عبر عن آرائه والطريقة التي يجب أن تحكم بها بلاده». وبغياب الحائز على جائزة نوبل للسلام أو أحد ممثليه من الأقرباء، تعد هذه المرة الثانية في تاريخ هذه الجائزة المرموقة الممتد منذ أكثر من مائة عام التي يتعذر فيها تسليم الجائزة شخصيا. وحصلت حالة مشابهة وحيدة عام 1936 عندما تعذر على المناضل ضد النازية كارل فون اوسييتزكي تسلم جائزته لأنه كان محتجزا في أحد معسكرات الاعتقال.

وأمس، تلت الممثلة النرويجية ليف أولمان أمام صينيين يعيشون في المنفى ورئيسة مجلس النواب الأميركي المنتهية ولايتها نانسي بيلوسي وملك النرويج وزوجته تصريحات ليو الهادئة قبل إدانته. وكتب الأستاذ السابق البالغ اليوم 54 عاما «ليس لدي أعداء أو أحقاد». وأضاف: «لا أعتبر أيا من الشرطيين الذين اعتقلوني واستجوبوني وراقبوني وأيا من المدعين الذين وجهوا التهم إلى وأيا من القضاة الذين حاكموني أعداء لي». وعلى هامش الحفل تظاهر نحو خمسين صينيا في وسط مدينة أوسلو احتجاجا على خيار لجنة نوبل. وكتب على لافتات صفراء بالصينية والإنجليزية: «مجرم = حائز جائزة نوبل السلام؟». وقال متظاهر يدعى يا مينغ: «يريدون أن تكون الصين على النموذج الأميركي». واتهمت منظمة العفو الدولية هذا الأسبوع السلطات الصينية بأنها «مارست ضغوطا» على الصينيين في أوسلو للمشاركة في مظاهرات مضادة. وبعد أن وصفت المعارض بـ«المجرم» حاولت الصين الحد من وقع جائزة نوبل من خلال التدخل لدى دول لحملها على مقاطعة الحفل وتهديد دول داعمة للمنشق «بعواقب».

وأفاد معهد نوبل أن نحو 20 دولة منها الصين وروسيا وأفغانستان وكوبا وفنزويلا وإيران والعراق تغيبت عن حضور الحفل «لأسباب مختلفة». وحضرت 45 دولة الحفل خصوصا أعضاء في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان والهند وكوريا الجنوبية. وفي الصين حيث خضعت مواقع الإعلام الأجنبية وعبارة «كرسي شاغر» و«أوسلو» للرقابة، انتقدت السلطات «المسرحية السياسية» للجنة نوبل. كما أحكمت السلطات أمس تضييقها على المعارضين ومنعت بث برامج تلفزيونية أجنبية وعززت الحضور الأمني حول مقر إقامة تشياوبو. وشوهدت عدة سيارات شرطة عادية أو مموهة في محيط منزل أسرة تشياوبو الكائن في مجمع أبراج سكنية في غرب بكين حيث تقيم زوجة المنشق منذ إعلان فوزه بجائزة نوبل، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية التي ذكرت أن قوات الأمن كانت تسجل أسماء الصحافيين الذين يقتربون من مقر إقامة الزوجة ليو تشيا. وبعد أن تمكنت ليو تشيا من التواصل عبر الهاتف و«تويتر» في الأيام الأولى من حصول زوجها على الجائزة، فإنه سريعا ما تم حرمانها من وسائل الاتصال مع الخارج.

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية، نقلا عن جمعيات، إنه تعذر الاتصال أمس مع الكثير من أقارب الزوجين وناشطي حقوق الإنسان في حين خضع البعض الآخر لرقابة لصيقة، بحسب جمعيات. وطرد بعضهم من المطار خشية أن يتوجهوا إلى أوسلو. كما تم إبعاد العديد منهم عن بكين قبل الحفل في حين اختار آخرون الابتعاد تفاديا للمشكلات.

وعطلت السلطات بث برامج قنوات التلفزيون الأجنبية الخاصة ببث الحفل الرمزي لجائزة نوبل المقرر في أوسلو كما تعذر الدخول إلى المواقع الإلكترونية. وقطع بث شبكات «سي إن إن» و«بي بي سي» و«تي في 5» عندما كانت تخصص برامج حول تسليم الجائزة من قبل اللجنة التي وصف متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أعضاءها هذا الأسبوع بـ«المهرجين». وقال خايمي فلوركروز مدير مكتب بكين لشبكة «سي إن إن» إن «(موقع) سي إن إن.كوم متوقف تماما. وكل بث لأي من برامجنا حول حائز جائزة نوبل يتم قطعه على الشاشة». وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في بيان «إن كافة مواقع بي بي سي وليس الإخبارية منها فقط، تم قطعها في الصين». وأضافت: «لسنا الوحيدين الذين تعرضنا لذلك. الأمر ذاته حصل مع مواقع لوسائل إعلام أجنبية أخرى». كما تم قطع الموقع الإلكتروني لقناة التلفزيون النرويجية «إن آر كيه».