عشية قدوم ميتشل.. قلق وبلبلة في إسرائيل من تصريحات كلينتون حول السلام

الفلسطينيون متشككون.. ووزير إسرائيلي: ليس من المنطقي التفاوض مع «ساعة توقيت في اليد»

صورة العالِم النووي الإسرائيلي موردخاي فعنونو خلف منصة تتوسطها جائزة ناشط السلام والصحافي الألماني كارل فون أوسيتسكي، بعد أن منعت السلطات الإسرائيلية العالِم النووي من الذهاب إلى ألمانيا لتسلم الجائزة، في برلين أمس (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي كانت فيه الحكومة الإسرائيلية تدرس كيف ستدير أبحاثها مع المبعوث الأميركي للسلام، جورج ميتشل، الذي يصل اليوم إلى تل أبيب، أعربت مصادر سياسية عن قلقها من التوجه الأميركي الجديد للتعاطي مع مسيرة السلام. وجاء ذلك بينما تضاربت ردود الأفعال الإسرائيلية حيال التوجه الأميركي الجديد حول مفاوضات السلام مع الفلسطينيين.. بين من اعتبرها سلبية وأن «رائحة سيئة جدا» تفوح منها، وبين من اعتبرها إيجابية، أما الفلسطينيون فقد جددوا التأكيد على أنها عودة إلى المربع الأول.

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قد ألقت خطابا في «منتدى سابان» بواشنطن، يوم الجمعة الماضي، أعلنت فيه أسس السياسة الجديدة بعد الاعتراف بفشل خطة تجميد البناء الاستيطاني مقابل المفاوضات المباشرة. وأوضحت أن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تتخل عن مسيرة السلام وأنها ستركز حاليا على مفاوضات غير مباشرة يتم فيها البحث في كل القضايا الجوهرية للصراع، الحدود والأمن والقدس واللاجئون والمياه وغيرها، وأنها ستطالب الطرفين، الفلسطينيين والإسرائيليين، بطرح مشاريع حلول لهذه القضايا على الطاولة، وفي حالة عدم التفاهم معهما حول هذه الحلول فسوف تطرح مقترحات حلول أميركية.

وتقرر إرسال المبعوث ميتشل إلى المنطقة على الفور، حيث سيصل إلى المنطقة اليوم وسيلتقي كلا من نتنياهو والرئيس الفلسطيني، محمود عباس.

وقالت المصادر إن التوجه الأميركي الجديد، الذي وصل إلى إسرائيل علنيا من خلال خطاب وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وتسريبات مخططة إلى الصحف الإسرائيلية عبر مراسليها في واشنطن، يثير القلق، وإن هناك اتجاها خفيا لتحميل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مسؤولية فشل المفاوضات، ناهيك بهجوم وغضب أميركي على وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، الذي تشعر واشنطن أنه خدعها وروج فكرة أن «نتنياهو اليوم ليس نتنياهو السابق، وأنه جاد في عملية السلام».

وقد امتنعت الحكومة الإسرائيلية عن الرد الرسمي على خطاب كلينتون، ولكن عددا من الوزراء الإسرائيليين علقوا عليه بآراء دلت على البلبلة والتلبك والاختلاف القطبي في وجهات النظر، حيث علق وزير كبير عضو في المجلس الوزاري الأمني المصغر، بشكل سلبي وقال لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، إن «رائحة سيئة جدا تفوح من هذا الخطاب»، وأضاف هذا الوزير الذي رفض أن ينشر اسمه، أن «طرح مقترحات أميركية لجسر الهوة بين إسرائيل والفلسطينيين هو أمر سيئ، وقد حاولت إسرائيل طيلة سنين منعه، والآن تطرحه كلينتون علنا، وهي تعرف أنه غير مريح لنا».

وأشارت مصادر أخرى في رئاسة الوزراء إلى أن كلينتون هاجمت بشكل حاد القرار الإسرائيلي بعدم تجميد البناء الاستيطاني، ولمحت إلى أن بناء كهذا، حتى في القدس، سيواجه بموقف أميركي علني حازم. وهذا أيضا أمر سلبي.

لكن وزير شؤون المخابرات في الحكومة الإسرائيلية وعضو اللجنة السباعية التي تقود الحكومة الإسرائيلية، دان مريدور، الذي استمع إلى خطاب كلينتون وهو في واشنطن، اعتبره خطابا «إيجابيا بشكل عام»، حيث إنه دل على أن الإدارة الأميركية تخلت عن مطلب تجميد البناء الاستيطاني وتخلت عن بدء المفاوضات بموضوعي الحدود والأمن أولا، وستفتح كل الملفات معا.

وقال مريدور إن كلينتون حسمت الموقف الأميركي ضد طرح مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الأمن من دون اتفاق إسرائيلي - فلسطيني، وإن طرح المقترحات الأميركية لجسر الهوة لن يكون فوريا، بل في مراحل متقدمة من المفاوضات.

أما نائب رئيس الحكومة، سلفان شالوم، فقد رأى أن الإدارة الأميركية فهمت أخيرا أن طرح موضوع تجميد البناء الاستيطاني كان خطأ فاحشا، وأنها تخلت عنه بكل وضوح، وهذا هو الأمر الأهم.

ولكن وزراء حزب العمل، الذين يواجهون وضعا حرجا في صفوف أعضاء الحزب ومؤيديه، فقد راحوا يحذرون من الوضع الجديد ويقولون إنه بداية أزمة مع واشنطن. وقال وزير التجارة والصناعة، بنيامين بن أليعازر، الذي شهدت علاقته مع رئيس الحزب، إيهود باراك، تراجعا كبيرا في الآونة الأخيرة، إن وزراء كتلة «العمل» سينسحبون من الحكومة إذا لم تطلق العملية السياسية مع الفلسطينيين لتشمل أيضا مختلف القضايا الجوهرية العالقة. وأعرب عن اعتقاده بأن «الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حاسمة لجهة الاختيار بين سلوك طريق الحوار حول القضايا الجوهرية، أو مواصلة انتهاج أسلوب المماطلة الذي سيجلب في نهاية المطاف فرض الحلول على إسرائيل وممارسة ضغوط دولية عليها وعزلها عن الساحة الدولية».

وفي سياق متصل، حذر وزير البيئة الإسرائيلي جلعاد اردان، من حزب «الليكود»، من أن حكومته غير مستعدة لبحث مواضيع جوهرية في النزاع مع الفلسطينيين تحت ضغوط المهل الزمنية، وذلك ردا على تصريحات كلينتون.

وقال اردان الذي يعتبر مقربا من نتنياهو: «ليس من المنطقي وليس من مصلحة إسرائيل التفاوض مع ساعة توقيت في اليد». وأضاف أن رئيس الوزراء «سيواصل العمل من أجل السلام على ألا ينطوي ثمنه بالطبع على تهديد لوجود ومستقبل إسرائيل».

وانتقد في الوقت نفسه موقف وزير الدفاع إيهود باراك الذي تحدث في واشنطن عن فكرة تقسيم القدس في إطار تسوية سلمية، وهي وجهة نظر متعارضة مع وجهة نظر نتنياهو.

وحول هذه المسألة رد اردان قائلا إن إيهود باراك «لا يمثل لا الحكومة ولا رئيس الوزراء».

وفي الجانب الفلسطيني، استقبل المسؤولون الفلسطينيون تصريحات كلينتون ببرودة كبيرة ومن دون إخفاء تشكيكهم.