أشرطة مسجلة لنيكسون تكشف انتقاداته لليهود والسود

أبدى استياءه من «تصرفات الآيرلنديين» ورفض «دعوة أي يهودي لم يدعمنا» لعشاء مع غولدا مائير

TT

أشار الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون في سلسلة حوارات مع كبار مساعديه وسكرتيرته الخاصة، إلى ما ينم عن ازدرائه لليهود والسود والأميركيين من ذوي الأصول الإيطالية والآيرلندية. وقد سُجلت هذه الحوارات داخل المكتب البيضاوي قبل 16 شهرا من استقالته من الرئاسة.

وتبلغ مدة هذه الأشرطة، التي سجلها نظام تنصت سري كان نيكسون قد أمر بتركيبه في البيت الأبيض، 265 ساعة. وقد نشرت مكتبة ومتحف نيكسون هذه التسجيلات الأسبوع الحالي. وفي حين أوضحت تسجيلات سابقة تفاصيل عداء نيكسون لليهود، بمن فيهم مسؤولو إدارته مثل هنري كيسنجر، مستشاره لشؤون الأمن القومي، فإن هذه التسجيلات توضح جانبا آخر من التعقيد الذي يكتنف مشاعر نيكسون. ويبدو أن نيكسون ومساعديه يميزون بين اليهود الإسرائيليين، الذين كان معجبا بهم، واليهود الأميركيين.

وقال تشارلز كولسون، أحد كبار مستشاري نيكسون، في محادثة بتاريخ 13 فبراير (شباط) 1973، إنه دائما ما يبدو «متحاملا شيئا ما»، فأجاب نيكسون بأنه ليس كذلك. لكنه أضاف «لقد عرفت أن لكل شعب صفات محددة، فلليهود صفات محددة، وكذلك الآيرلنديين. على سبيل المثال، لا يستطيع الآيرلندي تناول الخمر. عليك أن تتذكر دائما أن الآيرلندي يتصرف بصورة سيئة. وفي الغالب يتصرف كل آيرلندي أعرفه، خاصة الآيرلندي الأصلي، بصورة سيئة عندما يتناول الخمر».

واستطرد نيكسون قائلا «بطبيعة الحال لا يقيم الإيطاليون الأمور بصورة جيدة. هم شعب رائع لكن..»، ثم بدأ صوته ينخفض تدريجيا. وبعد ذلك بلحظة، عاد نيكسون إلى التحدث عن اليهود، وقال «الشخصية اليهودية شديدة العدوانية وخشنة وكريهة للنفس».

وفي محادثة مطولة أخرى تناولت موضوعات مختلفة مع سكرتيرته الخاصة ماري وودز، تنوعت ما بين اختيار المدعوين إلى عشاء رسمي، وصولا إلى ما إذا كان يجب على ماري الذهاب لتصفيف شعرها لدى مصفف الشعر، شكك نيكسون في آراء وزير خارجيته ويليام روجرز بشأن مستقبل الأميركيين من ذوي الأصول الأفريقية. وقال «لدى بيل روجرز مشاعر جديرة بالاحترام بشأن السود، لكنه أغفل شيئا مهما لأنه كان في نيويورك. فقد قال إنهم يندمجون في المجتمع، وإنهم في نهاية الأمر سيدعمون دولتنا اعتمادا على قوتهم البدنية وذكاء بعضهم وأمور من هذا القبيل». وأضاف «أعتقد أنه على صواب إن كنا نتحدث في إطار 500 عام. وأعتقد أن هذا خطأ إن كنا نتحدث في إطار 50 عاما. ما ينبغي أن يحدث هو أن يكونوا مولودين هنا، فهذا يحقق ذلك، يا روز».

وتوضح هذه التسجيلات، التي سُجلت في فبراير (شباط) ومارس (آذار) 1973، فترة مهمة من رئاسة نيكسون، وهي الشهور الأخيرة قبل أن «تقضي عليه فضيحة ووترغيت»، على حد قول تيموثي نافتالي، المدير التنفيذي بمكتبة نيكسون. وأشار نافتالي إلى أن مدة باقي التسجيلات التي لم يتم الكشف عنها بعد تبلغ 400 ساعة، وهي تغطي الشهور الأخيرة قبل إنهاء العمل بنظام التنصت في يوليو (تموز) 1973 بعدما أكد على وجوده ألكسندر باترفلاي، الذي كان نائب مساعد لنيكسون، أمام لجنة التحقيق في واقعة ووترغيت. ويقول نافتالي إنه كان يعتزم نشر تلك التسجيلات - وهي في الواقع عبارة عن أسطوانات مدمجة ويمكن الاستماع إليها على الموقع الإلكتروني للمكتبة - بحلول 2012.

وتجلت إشارة إلى علاقة نيكسون المعقدة باليهود في ظهيرة زيارة قامت بها غولدا مائير، رئيسة الوزراء الإسرائيلية، في الأول من مارس 1973، حيث تسجل عبارات شكر دافئة من مائير لنيكسون بفضل معاملته لها ولإسرائيل.

لكن بعد لحظات من مغادرتها، لم يعن نيكسون وكيسنجر بطلب قدمته للولايات المتحدة للضغط على الاتحاد السوفياتي للسماح لليهود بالهجرة هربا من الاضطهاد هناك، حيث قال كيسنجر «هجرة اليهود من الاتحاد السوفياتي ليست هدفا من أهداف السياسة الخارجية الأميركية. ولا يهم أميركا أن يلقوا باليهود في غرف غاز داخل الاتحاد السوفياتي. ربما يهم من الناحية الإنسانية». ورد نيكسون قائلا «أعلم، فليس بوسعنا أن ندمر العالم من أجل هذا».

أرسى نيكسون في مناقشته مع وودز قواعد واضحة بشأن المدعوين إلى حفل العشاء الرسمي على شرف غولدا مائير، الذي أطلق عليه اسم «العشاء اليهودي»، بعد معرفة أن هناك كما هائلا من الطلبات المقدمة للبيت الأبيض لحضور حفل العشاء. وقال نيكسون «لا أريد أي يهودي لم يدعمنا في تلك الحملة. هل هذا واضح؟ لا تتم دعوة أي شخص يهودي لم يدعمنا».

ووضع نيكسون أسماء كبار مستشاريه اليهود على قائمة المدعوين ومن ضمنهم كيسنجر وويليام سافير، الذي أصبح كاتب عمود بصحيفة «نيويورك تايمز»، وأوضح أنهما يشتركان في صفة واحدة هي الحاجة إلى تعويض عقدة نقص. وقال «ما هي؟ هل هي الشعور بعدم الأمن؟ إنه الشعور الكامن بعدم الأمن. يشعر الكثير من اليهود بانعدام الأمن، ولهذا يجب أن يثبتوا بعض الأمور».

كذلك لمح نيكسون بوضوح إلى تردده في التفكير في إصدار عفو عن شبان أميركيين ذهبوا إلى كندا حتى لا يتم تجنيدهم في حرب فيتنام لأن الكثير منهم يهود، بحسب ما قاله لكولسون. وقال «لم ألحظ الكثير من الأسماء اليهودية على قوائم العائدين من فيتنام. لا أدري كيف استطاعوا التهرب منها». وأضاف «إذا ألقيت نظرة على البعثة الكندية - السويدية ستجد أن بينهم الكثير من اليهود بصورة غير متناسبة. إنهم الهاربون من الخدمة».

* خدمة «نيويورك تايمز»