السعودية: عاصفة شرق المتوسط تضرب الشرقية.. وتطل برأسها على العاصمة

تسببت في وقوع 19 حادثة مرورية بالرياض وجدة مستثناة.. والدمام تشهد حادثة جماعية لـ28 سيارة

العاصمة الرياض خلال اللحظات الأولى من تعرضها للعاصفة (تصوير: خالد الخميس)
TT

ضربت عاصفة شرق المتوسط أمس المنطقة الشرقية في السعودية، وأطلت برأسها على العاصمة الرياض قبل أن تغادر سريعا، لتتسبب في وقوع نحو 19 حادثة مرورية، من ضمنها 8 حوادث تحت التأمين شهدتها بعض أحياء الرياض وشوارعها الصغيرة، في حين سجلت الطرق السريعة ما يقارب من 11 حادثا، أحدها أسفر عن تصادم أربع سيارات، غير أنها لم تسفر عن أي إصابات أو وفيات.

وبينما كانت مدينة جدة السعودية، مستثناة من موجة الغبار تلك، تسببت هذه الموجة في وقوع حادثة جماعية في مدينة الدمام (شرق البلاد)، لـ28 سيارة، حيث أكد المقدم علي الزهراني، الناطق الإعلامي باسم مرور المنطقة الشرقية، أن طريق بقيق – الظهران، أغلق لما يقارب الساعة بسبب حادثة جماعية وقعت نتيجة تدني الرؤية الأفقية لأقل من 500 متر، نتجت عنهت 7 إصابات، غالبيتها طفيفة، واثنتان منها متوسطة.

وذكر الرائد حسن صالح الحسن، رئيس مركز القيادة والتحكم المروري في مرور الرياض، أنه تم استقبال نحو 19 بلاغا عن حوادث مرورية لم تسفر إلا عن تلفيات بسيطة جدا، وذلك خلال موجة الغبار التي استمرت قرابة ساعة واحدة، إلى جانب 28 بلاغا لخدمات عامة جاءت معظمها عن سقوط أشجار أو أجسام صلبة في وسط الطرق.

وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «تمت مباشرة تلك البلاغات على الفور إما عن طريق إزالتها مباشرة أو الاستعانة بالجهات ذات الاختصاص المعنية بمثل هذه الحوادث»، مشيرا إلى أن الحوادث المرورية التي شهدتها العاصمة أمس ربما لا تكون جميعها نتيجة الغبار، وإنما وقعت أثناء الموجة.

وأشار إلى أن موجة الغبار جاءت بشكل مفاجئ من جهة الشمال، وهو ما مكن مقر المرور الموجود في منطقة مطار الملك خالد الدولي من إرسال التنبيهات إلى الإدارة داخل الرياض، وذلك بعد التأكد من الأرصاد الجوية لتصل المعلومة قبل البلاغ الرسمي عنها بنحو ربع ساعة.

وأضاف: «تم تعميم هذه التنبيهات على كافة الفرق الموجودة بالميدان كي تتواجد في المواقع الحساسة التي من ضمنها طريق الملك فهد وكوبري الخليج وكافة الطرق الدائرية، من أجل تهدئة الحركة المرورية استعدادا للموجة»، مبينا أنه تم نشر تلك الفرق في المواقع وتشغيل المنبهات الموجودة بها كإنذار مبكر لتغير حالة الجو، فضلا عن إظهار سيارات المرور السري في الطرق.

يأتي ذلك في وقت أطلقت المديرية العامة للدفاع المدني فيه أمس تحذيراتها من التقلبات الجوية التي تشهدها مناطق السعودية خلال الفترة الحالية، نتيجة رياح سطحية شديدة السرعة تتسبب في هبوب عواصف رملية وترابية تؤدي إلى تدني مستوى الرؤية الأفقية إلى أقل من كيلومتر.

وجاءت تلك التحذيرات الصادرة من قبل الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة لتشمل كلا من الحدود الشمالية للسعودية والمتضمنة تبوك والجوف وحائل والقصيم، إلى جانب المنطقة الشرقية، في حين يمتد تأثيرها حتى منطقة الرياض، فضلا عن كونها تشمل أيضا المدينة المنورة ومكة المكرمة والمحافظات الساحلية والأجزاء الداخلية لهما، مما يؤدي إلى تدني الرؤية الأفقية بسبب الأتربة المثارة، خاصة على الطرق السريعة والمناطق المفتوحة، بينما لا تزال الفرصة مهيأة لهطول أمطار رعدية على مناطق جازان وعسير والباحة التي تمتد حتى مرتفعات نجران.

مصدر مسؤول في المديرية العامة للدفاع المدني، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن تنبيهات الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة تبعها على الفور تحذير من هبوب رياح شديدة السرعة مصحوبة بعواصف ترابية رملية على الأجزاء الشمالية من المنطقة الشرقية، التي تمتد حتى الأجزاء الشمالية من منقطة الرياض بما فيها العاصمة نفسها، إضافة إلى الأجزاء الواقعة ما بين الرياض والمنطقة الشرقية والمتمثلة في محافظات الخبر والدمام والظهران إلى الأحساء. وربما تكون هذه هي المرة الأولى التي تحظى فيها محافظة جدة بحالة استثنائية من تلك التحذيرات، والتي من شأنها أن تبعث الطمأنينة لدى ساكنيها، وذلك بحسب ما أوضحه المصدر المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه.

وقال خلال اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «بالنسبة لمحافظة جدة، فإنها لا تدخل ضمن التحذيرات، باعتبار أن أجواءها مستقرة، بينما من المتوقع في مناطق السعودية الأخرى التي تشهد عواصف رملية، وقوع حوادث مرورية نتيجة انعدام الرؤية، أو سقوط لوحات إعلانية وأعمدة كهربائية جراء الرياح الشديدة».

اللواء عادل زمزمي، مدير إدارة الدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة، أبان أن منطقة مكة المكرمة ومحافظة جدة لم تشهدا أي تحذيرات نتيجة هذه التقلبات الجوية، لافتا إلى أن الأوضاع مستقرة حتى الآن.

وبحسب بيان صادر من المديرية العامة للدفاع المدني، فقد حذرت المواطنين والمقيمين بالسعودية من التعرض لأخطار الأمطار والسيول، خاصة في هذه الأيام التي تشهد تراكم سحب متفرقة على بعض مناطق المملكة، الأمر الذي قد يتسبب في هطول أمطار غزيرة وحدوث سيول جارفة.

وأوضح العقيد صالح بن علي العايد، مدير الإدارة العامة للعلاقات والإعلام في المديرية العامة للدفاع المدني، عن خطورة تجمع مياه الأمطار في البرك والمستنقعات والأودية والدخول إليها بالسيارات أو عن طرق التجول فيها مرورا أو سباحة لما يعقب ذلك من خطورة الانجراف أو السقوط وصعوبة الخروج والغرق المؤدي إلى الوفاة.

من جهته، أعلن العقيد عبد الرحمن الشهري، مدير العلاقات العامة في إدارة مرور الرياض، بدء المرور تنفيذ الخطة المعدة لمثل تلك الظروف الجوية، والمتضمنة التواصل مع وسائل الإعلام وتكثيف التواجد الميداني بحسب المواقع التي تشهد انعداما في الرؤية.

المنطقة الشرقية عاشت هي الأخرى أمس أجواء عاصفة شرق المتوسط التي أسفرت عن موجة من الغبار بدءا من نحو الساعة العاشرة صباحا بسرعة قاربت الـ55 كيلومترا حتى غطت كامل سماء المنطقة في تمام الساعة الثانية ظهرا، في حين تدنت الرؤية الأفقية إلى نحو 500 متر.

أمام ذلك، أوقف حرس الحدود في كل من القطيف والدمام والخبر، التصريح لمراكب الصيد، حيث وصفت الأجواء بالخطرة على حياة مرتادي البحر، في ظل تأكيدات العقيد محمد الغامدي مدير الشؤون العامة بحرس الحدود في المنطقة الشرقية، على إيقاف تصاريح الصيد للمراكب.

مطار الملك فهد في الدمام شهد حركة اعتيادية بحسب إدارة العلاقات العامة في المطار، ما عدا تأخيرا لرحلتين إحداهما تابعة لطيران اليمنية السعيدة التي تأخرت لنحو 45 دقيقة، بينما تأخرت الثانية قرابة ساعة و47 دقيقة والتي كانت متجهة إلى نجران.

وبحسب تنبؤات الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، فإن آثار العاصفة ستبقى لعدة أيام، والتي تتمثل في العوالق الترابية وبعض النشاط للرياح السطحية على المنطقة الشرقية، إلا أنها لن تكون بتأثير العاصفة التي شهدتها المنطقة نهار أمس، إضافة إلى حدوث تغير ملموس في درجات الحرارة، كونها ستبدأ في الانخفاض التدريجي خلال الفترة المقبلة.