متقي يدفع ثمن معارضة نجاد

عمل في ظل خاتمي ونجاد ويوصف بالمعتدل

منوشهر متقي
TT

دفعت الخلافات بين وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي والرئيس محمود أحمدي نجاد إلى إقالة الأول أثناء توجهه لتسليم رسالة للرئيس السنغالي، وإلى الدفع برجل خبير في الشأن النووي، هو علي أكبر صالحي، للقيام بأعمال وزارة الخارجية الإيرانية، وذلك في وقت تستعد فيه البلاد لجولة مفاوضات مع الغرب بشأن برنامجها النووي المثير للجدل، وتشير المصادر إلى احتمال استمرار الخلاف بين المجموعة المساندة لمتقي ومجموعة نجاد، خاصة أن نوابا بمجلس الشورى الإيراني وعدوا بمساندة متقي حين بدأت بوادر خلافه مع نجاد قبل نحو 90 يوما.

وعين متقي وزيرا للخارجية عام 2005 خلفا لكامل خرازي، في ظروف مشابهة، كانت تحمل زخما وجدلا سياسيا داخليا في إيران. وبحسب مصادر إيرانية وتقارير أخرى يبدو أن خلافات بين متقي ونجاد هي السبب في الإقالة حيث كانت تقارير صحافية قالت في سبتمبر (أيلول) الماضي إن أحمدي نجاد يفكر في تغيير وزير خارجيته على خلفية نزاع نشب بينهما حول السياسة الخارجية، وتنديد متقي بتدخل نجاد في أعمال وزارته، وعدم الرجوع إليه في كثير من الإجراءات والخطوات التي تعتبر من صميم عمل الخارجية.

وكان متقي قد هدد في ذلك الوقت بالاستقالة من منصبه في حال استمرار الرئيس الإيراني في اتخاذ قرارات دون التنسيق مع وزارة الخارجية، حيث جاءت تلك التهديدات خلال اجتماع للحكومة الإيرانية، احتجاجا على التدخلات غير المقبولة من جانب نجاد في شؤون وزارته. وفي ذلك الوقت تضامن عدد كبير من أعضاء البرلمان الإيراني مع متقي في موقفه ضد نجاد بل هددوا بخطوات تصعيدية، حيث تفجرت الأزمة بين الرئيس ووزير خارجيته حينما تعارضت آراء هذا الأخير مع آراء نائب نجاد، حميد فقيه، بشأن مسؤولية تركيا عما يعرف بمذبحة الأرمن التي وقعت على أيدي الدولة العثمانية في مطلع القرن الماضي. وبحسب تقارير متفرقة اعتبر متقي تصريحات فقيه غير مسؤولة وتتسبب في توتر العلاقات الدبلوماسية بين طهران وأنقرة. وفي ذلك الوقت نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست أن يكون وزير خارجية بلاده استقال من منصبه، وقال لوكالة الإنباء الإيرانية الحكومية إن «الأنباء التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام الأجنبية حول استقالة وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي لا أساس لها من الصحة»، ووصف الأنباء التي ترددت قبل شهرين بأنها مستقاة من «مصادر خبرية تحاول إثارة الخلافات والفرقة بين المسؤولين الإيرانيين وبث الخلافات داخل الدول الإسلامية لإضعافها أمام تهديدات الكيان الصهيوني لكن من الأفضل لها أن تضع نهاية لهذا الأسلوب غير الأخلاقي». وفي مطلع هذا الشهر كشفت مصادر إعلامية غربية عن أن متقي أضاع فرصة للحوار مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أثناء مشاركتهما في مؤتمر أمني في البحرين. وكان هذا آخر ظهور دولي لمتقي في منتدى المنامة حول الأمن في الخليج يومي الثالث والرابع من الشهر الجاري.

وقالت تقارير إن الوزيرة كلينتون فشلت في التواصل الدبلوماسي مع الوفد الإيراني المشارك في المؤتمر على الرغم من أن كلمة كلينتون في المؤتمر كانت موجهة إلى وفد إيران بشكل مباشر. وأوضحت تقارير أخرى أن متقي لم يأبه للباب الذي واربته كلينتون لتجديد الحوار مع الإيرانيين والتمهيد للقاء دولي لاحق في جنيف، وأن متقي بدلا من هذا ظل ينظر إلى المائدة وإلى أطباق الطعام أمامه دون أن يلقي بالا لكلمة كلينتون. ونقلت تقارير عن كلينتون قولها للصحافيين على متن الطائرة أثناء عودتها لواشنطن الأسبوع الماضي: قمت لكي أغادر، وكان وزير الخارجية الإيراني (متقي) يجلس على بعد مقعدين مني ويصافح الناس، وعندما شاهدني توقف وبدأ يبتعد، وعندها قمت بالنداء عليه: «مرحبا أيها الوزير»، فأعرض بوجهه وأعطاني ظهره. وقالت مصادر إيرانية إن متقي وُوجه فيما بعد في طهران بمثل هذه الانتقادات ورد عليها بأنه لم يتعمد تجاهل الأميركيين المشاركين في المؤتمر.

وجاء قرار نجاد بإقالة متقي في وقت يقوم فيه الوزير بزيارة السنغال ليسلم رسالة من نجاد إلى نظيره السنغالي. وولد متقي عام 1953 بمدينة بندر غاز إحدى البلدات في محافظة جوليستان الشمالية، ذات الأهمية الخاصة إبان حكم الشاه رضا بهلوي، باعتبارها ممرا إلى الاتحاد السوفياتي السابق. وبعد انتهائه من دراسته الأولية، التحق بالجيش وعمل كمعلم بإحدى المدارس الحكومية في مدينة مشهد بإقليم خراسان. كما ارتحل إلى الهند لاستكمال دراسته في مجال علم الاجتماع، عقب إنهائه الخدمة الإلزامية بالجيش، وذلك قبيل سنوات قليلة من نشوب الثورة الإيرانية عام 1979، وتحصل على شهادة البكالوريوس من جامعة بانغلور في الهند.. ثم حصل على درجة الماجستير من جامعة طهران في مجال العلاقات الدولية. وبعد قيام الثورة الإيرانية، اختير متقي من قبل أهالي بلدته كنائب بالبرلمان. ثم رشحه أعضاء البرلمان كرئيس للجنة الأمن والعلاقات الخارجية نظرا لخبرته وموهبته السياسية. وعمل متقي أيضا كسفير لدى تركيا عام 1985، ثم عين سكرتيرا عاما للعلاقات الأوروبية بوزارة الخارجية الإيرانية عام 1989، ثم نائبا لوزير الخارجية للشؤون الدولية عام 1999، فنائبا لرئيس مؤسسة الثقافة والاتصالات الإسلامية عام 2001.