أسانج لا يزال في السجن بعد موافقة القاضي على إطلاق سراحه بكفالة.. والسويد تتحدى القرار

البحث في الاستئناف خلال 48 ساعة.. وجمع مبلغ 200 ألف جنيه إسترليني يشكل تحديا لمحاميه

كريستين أسانج والدة مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج تغادر محكمة ويستمنستر في لندن أمس بينما يتحدث محاميه لوسائل الإعلام (أ.ف.ب)
TT

لم يدم ابتهاج جوليان أسانج بموافقة القاضي على إطلاق سراحه من السجن بكفالة مالية، طويلا، أمس، إذ أعلن الادعاء السويدي بعد ساعتين، أنه سيتحدى القرار في محاولة لإبقاء مؤسس «ويكيليكس» في السجن لحين البت في قرار تسليمه إلى السويد، وهي عملية قد تستغرق «سنوات»، بحسب ما قال محاميه أمس. وقضى أسانج، الذي أوقف منذ أسبوع، ليلة أخرى في السجن في بريطانيا أمس، رغم الموافقة على إطلاق سراحه بكفالة بلغ قدرها 200 ألف جنيه إسترليني.

ومن المتوقع أن يمثل أمام المحكمة مرة جديدة في الساعات المقبلة، لكي يستمع إلى حكم القاضي، للمرة ثالثة، في قضية إطلاق سراحه من السجن. وحدد القاضي جلسة جديدة في 11 يناير (كانون الثاني) المقبل، للبحث في قضية تسليمه إلى السويد. إلا أن الجلسة المرتقبة خلال الساعات الـ 48 المقبلة، ستكون للبحث في طلب الادعاء استئناف قرار إطلاق سراحه بكفالة. ووصف محامي أسانج، البريطاني مارك ستيفنز، القضاء السويدي بأنه «يستغل النظام»، وقال بعد إعلان الادعاء استئنافه القرار: «الادعاء السويدي لن يوفر أي جهد لإبقاء جوليان أسانج في السجن... هذا فعلا يتحول إلى مسرحية».

ولكن استئناف القرار لم يكن العقبة الوحيدة التي حالت أمس دون خروج أسانج من السجن على الفور. إذ يشكل المبلغ الكبير الذي حدده القاضي، عقبة أخرى أمام الإفراج السريع عنه. وقال محاميه ستيفنز في تصريح خارج قاعة المحكمة أمس: «لا يمكن أن أقول كم ستستغرق عملية جمع الأموال من وقت، لأننا نجمع الأموال نقدا. لا يمكن أن ندفع بالشيكات لأن صرف الشيكات المصرفية يأخذ 7 أيام، ولا يمكنه أن يستعمل بطاقات فيزا وماستر كارد للدفع». وكانت الشركتان قد أوقفتا التعامل مع «ويكيليكس»، واتهمهما أسانج أمس في رسالة كتبها من السجن، وأرسلها مع والدته كريستين الذي زارته في السجن، بأنهما «أدوات للسياسية الخارجية الأميركية».

وكان القاضي في محكمة في لندن قد رفض الأسبوع الماضي إطلاق سراح أسانج بكفالة، بعد أن ألقت الشرطة البريطانية القبض عليه تنفيذا لمذكرة توقيف أصدرتها السويد بحقه. وتحجج القاضي المرة الأولى برفض قرار إطلاق سراحه، بأن أسانج الاسترالي، قد يهرب لأنه ليست له روابط اجتماعية قوية في بريطانيا. ولم يحدد أسانج الأسبوع الماضي عنوانا معينا عندما سئل عن التعريف عن عنوانه في المحكمة. وأعطى في البداية عنوان صندوق بريدي في بريطانيا، قبل أن يعطي عنوانا في أستراليا. إلا أنه هذه المرة، قدم أسانج الذي يعرف عنه أنه يعيش حياة أشبه بالـ«بدو الرحل»، عنوانا ثابتا، تبرع به فون سميث، صحافي بريطاني يملك نادي فرونتلاين في وسط لندن. وعندما يطلق سراحه، في حال تم ذلك، سينتقل أسانج إلى منزل كبير أقرب إلى القصر، يملكه سميث، في الينغهام هول بمنطقة سافولك الواقعة شرقي لندن. وقال سميث الذي حضر الجلسة أمس، إلى جانب نحو عشرة أشخاص من المشاهير في المجتمع البريطاني بينهم جمايما خان وابنة بي نظير بوتو: «هذا القرار كبير... لا يتعلق فقط بحرية الصحافة، بل بالإنترنت. نحن - الصحافيين - يجب أن نكون قلقين جدا من إمكانية وضع قوانين تحد من الحرية». وأضاف ردا على سؤال حول ما إذا كان قلقا على أمنه بعد أن سمح لأسانج بالبقاء في منزله: «أنا أعي أن هناك مخاطر، ولكن لن أراوغ بالقرار الذي اتخذته بالسماح له باستعمال منزلي. لا أتوقع من أحد أن يهددني».

كما قدم محامو أسانج مجموعة من الضمانات الأخرى لضمان موافقة القاضي على إطلاق سراحه، من بينها تسليم جواز سفره وتعليق حلقة إلكترونية لتتبعه في رجله. وفرض القاضي حظر تجول على أسانج بين الساعة العاشرة صباحا والثانية بعد الظهر، ومن ثم بين العاشرة ليلا والثانية صباحا. وسيتعين عليه أن يسجل مع أقرب مركز شرطة، كل ليلة في الساعة السادسة مساء.

وعلى الرغم من أن المحامي ستيفنز تحدث عن ثقة أسانج بالقضاء البريطاني، وأشاد بالعدالة البريطانية بعد موافقة القاضي على إطلاق سراح موكله، فإنه لم يتردد بانتقاد الظروف المحيطة بأسانج في السجن. وقال عندما سئل عن شعور موكله: «هو مسرور جدا لوجوده في بريطانيا، وهو يؤمن بالعدالة البريطانية، وقد تشجع بذلك اليوم... ولكن هناك مشكلة جمع الأموال، وحتى يتم ذلك سيبقى في السجن بظروف من الحقبة الفيكتورية، ولكننا سنطالب بتحسين ظروفه». وحتى إنه استعمل تعبيرا بريطانيا يدل على سجون مظلمة في أبنية مهدمة تحوي فقراء القوم، وهو «أوضاع ديكنازية». وقال إن أسانج يقبع في السجن الانفرادي لـ«23 ساعة يوميا، ولا يسمح له بالتواصل مع المساجين الآخرين، ولا أن يقرأ الصحف». وأشار إلى أن الصحيفة الوحيدة التي يسمح له بقراءتها هي الـ«ديلي إكسبرس»، وهي صحيفة تابلويد لا تعنى إلا بقصص المشاهير والفضائح. وأضاف أن مجلة الـ«تايم» الشهيرة أرسلت له نسخة من عددها، رفض الحراس تسليمه إياها، وسلموه المغلف فارغا. ويتصدر أسانج رجل العام في مجلة «تايم»، بحسب تصويت القراء.

وهاجم ستيفنز أيضا مرة جديدة القضاء السويدي، واشتكى بعد أن وصفه بأنه «يستغل النظام»، من أنه لم يسلمه حتى الآن الأدلة التي استند عليها الادعاء في تهم الاغتصاب الموجهة إلى أسانج. وقال منتقدا استئناف قرار إطلاق سراحه: «عملية التسليم قد تستغرق سنوات، ولذلك لا نفهم لماذا يريد المدعي العام تحويل الأمر إلى مسرحية». ونقل محامي أسانج عنه «قلقه» على من يعملون معه في «ويكيليكس»، ولكنه أكد أن الموقع سيستمر بالنشر ولن يتوقف عن العمل.