تظاهرات جديدة في أثينا.. والذروة اليوم في الإضراب العام

البرلمان اليوناني يناقش مشروع قانون هو الأكثر صرامة لاحتوائه على إجراءات تقشفية صعبة

TT

بدأت مؤخرا في اليونان سلسلة جديدة من الإضرابات والاحتجاجات على خطط التقشف الحكومية، لا سيما ضد مشروع القانون الجديد المقدم من وزارتي العمل والاقتصاد بخصوص منح السلطة لأرباب العمل إمكانية تخفيض الأجور وعدم الالتزام بنظم المرتبات المعمول بها في البلاد، وأيضا احتجاجا على التصويت على مسودة خاصة بموازنة 2011 التي تتضمن تعديلات مشددة في سوق العمل الحكومي، منها تخفيض التعويضات التي تصرف للموظفين المفصولين بمقدار النصف. وأعلنت اتحادات نقابات العمال والموظفين، التي تضم في عضويتها نحو 3 ملايين عضو، عن موجة جديدة من الإضرابات في جميع القطاعات تقريبا، تصل ذروتها اليوم، الذي سوف يشهد إضرابا عاما في البلاد، ومن المقرر أن يشارك فيه ضباط المراقبة الجوية، مما سوف يتسبب في إلغاء الرحلات الجوية من اليونان وإليها، كما سوف يصاب القطاعان العام والخاص بالشلل التام؛ نظرا للتوقف عن العمل وإغلاق المصارف والوزارات المختلفة والمصالح الحكومية، كما يشارك في الإضراب المحامون والمهندسون والمدرسون والصحافيون والعاملون في وسائل الإعلام، ويتزامن ذلك مع تجمعات ومسيرات أعلنت عنها أغلب الاتحادات المهنية في وقت سابق. ونظم أمس سائقو المواصلات العامة في الحافلات والترولي والقطارات الكهربائية والسكك الحديد ومترو الأنفاق والقطارات الإقليمية إضرابا عاما لمدة 24 ساعة، يتكرر غدا الخميس وبعد غد الجمعة، أما اليوم الأربعاء فيعملون لعدة ساعات لنقل المحتجين والمتظاهرين إلى مكان التظاهرات. ويحتج اليونانيون على الإجراءات التي تسعى الحكومة لتطبيقها في المشاريع التابعة للقطاع العام والقطاع الخاص تلبية لشروط المذكرة التي وقعتها مع لجنة الترويكا (صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي)، ولقد ضمت الحكومة هذه الإجراءات في قوانين قدمتها للبرلمان للتصويت عليها. من جانبه، أعلن اتحاد عام نقابات عمال اليونان واتحاد العاملين في القطاع العام، التوقف عن العمل أمس الثلاثاء من الساعة 12 حتى الساعة الثالثة ظهرا وعمل تجمع احتجاجي في ميدان سيندغما، المواجه للبرلمان وسط أثينا، الساعة الواحدة ظهرا، احتجاجا على مشروع القانون المعروض على البرلمان للمصادقة عليه، وسوف تتصاعد التحركات لتشهد البلاد إضرابا عاما اليوم الأربعاء، كما قررت جمعية اتحادات موظفي البنوك اليونانية إضرابا يومي 14 و15 ديسمبر (كانون الأول) ونظموا تجمعا احتجاجيا أمس الثلاثاء في ميدان سيندغما. يذكر أن الحومة الاشتراكية اليونانية، بزعامة جورج باباندريو، تجري سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية في إطار جهودها لخفض الإنفاق العام، سعيا للحصول على بقية حزمة الإنقاذ المالي وقدرها 110 مليارات يورو على مدار 3 سنوات من الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. ويعتزم البرلمان اليوناني إقرار موازنة العام الجديد 2011، التي تشمل حزمة أخرى من الإجراءات التقشفية عند منتصف ليل الـ22 من الشهر الحالي، ويبلغ الأعضاء التابعون للحكومة اليونانية (حزب الباسوك الاشتراكي) 157 عضوا داخل البرلمان الذي يبلغ إجمالي عدد أعضائه 300 عضو، وهذا يعني أن تمرير القانون والتصويت عليه تحصيل حاصل؛ لأن المطلوب للموافقة عليه 150 عضوا +1.

ووفقا للقانون الجديد، المقرر أن يتم التصويت عليه هذا الأسبوع كمشروع قانون طوارئ، سوف تتعرض أجور العاملين بالقطاع الحكومي، التي تزيد على 1800 يورو، لخفض نسبته 10%، ومن المنتظر بموجب الموازنة الجديدة تخفيض أجور موظفي شركات القطاع العام بصفة عامة بنسبة تتراوح بين 10 و25%. من ناحية أخرى، تكدست آلاف الأطنان من القمامة والمخلفات في شوارع العاصمة أثينا وضواحيها بعد أسبوع من قيام عمال جميع النقابات بالعمل في حده الأدنى في مجمع النفايات الرئيسي، مما أدى إلى إبطاء عملية جمع المخلفات في المنطقة؛ حيث يطالب المحتجون بتجديد عقود العمل قصيرة الأجل لنحو 100 عامل، وتخشى السلطات من قيام المتظاهرين بإضرام النيران في هذه القمامة المتكدسة وسط أثينا، التي ربما يتسبب اشتعالها في حرائق كبيرة تصعب السيطرة عليها. في غضون ذلك، واجهت الحكومة المؤلفة من حزب الباسوك الاشتراكي هجوما عنيفا من قبل الأحزاب المعارضة احتجاجا على مشروع القانون الجديد، الذي يمس دخل العمال والموظفين، وعقب لقاء جورج باباندريو رؤساء الأحزاب السياسية المختلفة في البلاد بناء على طلبه، ذكر رئيس حزب الديمقراطية الجديدة اليميني أندونيس سامراس، وهو زعيم أكبر أحزاب المعارضة، أنه لا يمكن أن يتواطأ مع الحكومة وسياستها التي تقود إلى طريق مسدود، قائلا: «الحزب اليميني لا يقبل مثل هذا التواطؤ».

ووصفت أليكا باريغا، السكرتيرة العامة للحزب الشيوعي، التعامل مع حكومة حزب الباسوك الاشتراكي بأنه أخطر من التعامل مع حكومة المجلس العسكري الدكتاتوري الذي حكم اليونان في السابق، ولكن باباندريو أجاب قائلا: «إن الوضع في البلاد خطير جدا والحكومة تلقت من الشعب تفويضا بتحمل مسؤولية تغيير البلاد». أما رئيس حزب الحركة الشعبية الأرثوذكسية، يورغوس كاراتزافيريس، فقال في بيان رسمي: «نحن نعارض تماما خفض الأجور والمرتبات مرة أخرى، ويمكن لأرباب العمل تواصل الحوار مع العاملين ووضع جزء من رواتبهم في أسهم البورصة، وبالتالي يكون هناك ضمان بقاء الأعمال والعمال». ورفض رئيس حزب سيريزا التقدمي لقاء رئيس الحكومة وذكر أن لقاءه باباندريو يعتبره انتهاكا لسلوك البرلمانية؛ لأنه في كل مرة يريد، أي باباندريو، تمرير تدابير لا تحظى بشعبية يدعو للقاء طارئ مع زعماء الأحزاب، ويرى أن من المفترض أن يكون اللقاء قبل سن مشروع القانون وتقديمه للبرلمان.