تفجيرات استوكهولم: الشرطة السويدية تطلق تعاونا دوليا واسعا للبحث عن شركاء العبدلي

7 خبراء من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي يتوجهون إلى السويد للمساعدة في التحقيقات

شرطيان سويديان يحرسان محطة قطار في استوكهولم أمس (إ.ب.أ)
TT

عززت الشرطة السويدية إجراءاتها الأمنية في العاصمة استوكهولم أمس، بينما يواصل المحققون بحثهم عن شركاء محتملين للانتحاري المفترض تيمور عبد الوهاب العبدلي، المسؤول عن تفجير كان يمكن أن يوقع مجزرة بين المتسوقين قبل أعياد الميلاد ورأس السنة.

وقال المتحدث باسم شرطة ستوكهولم كيل ليندغرين لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم يتم رفع مستوى التهديد، ولكن بعد ما حدث نعتقد أن سكان استوكهولم يحتاجون إلى رؤية مزيد من رجال الشرطة منتشرين في العاصمة، وأن يتمكنوا من التحدث معنا عن هذا الحادث الخطير جدا الذي وقع».

وأضاف: «لدينا قوة إضافية من نحو 40 ضابط شرطة إضافة إلى متطوعين منتشرين في الشوارع وقطارات الأنفاق ومحطات القطارات ومراكز التسوق وفي كل مكان مكتظ، لكي يكون وجودنا ظاهرا وملموسا».

كان تيمور عبد الوهاب، الذي أعلن موقع «شموخ الإسلام» أنه منفذ الهجوم، الشخص الوحيد الذي قتل السبت عندما فجر سيارة مفخخة، وبعد ذلك فجر نفسه في شارع مكتظ بالمارة في وسط استوكهولم. وأصيب شخصان آخران بجروح في تفجير السيارة. كان تيمور يحمل كمية كبيرة من المتفجرات ويعتقد أنه فجر كمية صغيرة منها عن طريق الخطأ، مما أدى إلى مقتله قبل أن يتمكن من تنفيذ ما يبدو أنها مهمة «لقتل أكبر عدد من الناس» حسبما أفاد توماس ليندستراند، كبير المدعين للقضايا الأمنية أول من أمس.

من ناحيتها، ذكرت وكالة الاستخبارات السويدية أنها أطلقت «تعاونا دوليا واسعا» مع سلطات «في دول أخرى بشمال أوروبا وباقي أوروبا، وبالطبع الولايات المتحدة» في بحثها عن شركاء محتملين للانتحاري. وقالت صوفيا أوليف، المتحدثة باسم وكالة الاستخبارات السويدية: «نحن نفحص مختلف أنواع الأدلة». ورفضت أوليف التعليق على العمل الذي يجري لتحديد الإسلاميين المتطرفين في أنحاء السويد، إلا أنه طبقا لصحيفة «أفتونبلاد»، فإن تقريرا لوكالة الاستخبارات، لم يُنشر بعدُ، يظهر أن الوكالة تعلم بوجود نحو 200 إسلامي متطرف يعيشون داخل حدودها. وطبقا للصحيفة فإن نحو 80% من هؤلاء يشكلون «شبكات يمكن أن تقوم بأعمال عنف» بينما النسبة الباقية فهم إما أشخاص «يعملون بمفردهم» وإما أنهم مرتبطون بمتطرفين في الخارج.

وقالت وكالة الاستخبارات السويدية إن 7 خبراء من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) في طريقهم إلى السويد للمساعدة في التحقيقات التي تجري بالتعاون الوثيق مع الشرطة البريطانية؛ نظرا لأن عبد الوهاب عاش في مدينة لوتون البريطانية مع زوجته وأطفاله الثلاثة. وقال وزير الخارجية كارل بلدت لتلفزيون الـ«بي بي سي»: إن الانتحاري كان على ما يبدو «متوجها إلى أكثر الأماكن اكتظاظا في استوكهولم في أكثر الأوقات ازدحاما في العام». وأضاف أنه كان متوجها «إلى مكان لو انفجرت فيه جميع المتفجرات التي كان يحملها.. لتسبب في وقوع خسائر بشرية هائلة كالتي رأيناها في بعض مناطق أوروبا قبل فترة». وتابع: «نحن محظوظون للغاية.. أعني أن التفجير وقع قبل دقائق وعلى بعد أمتار قليلة من المكان الذي لو حدث فيه لوقعت كارثة حقيقية».

وقال المدعي العام: إن الانتحاري «كان يرتدي حزاما ناسفا، ويحمل حقيبة ظهر فيها قنبلة، ويحمل شيئا قيل إنه يشبه وعاء ضغط. لو أن هذه الأشياء كلها انفجرت في وقت واحد، لكانت شديدة القوة». وأضاف «إلى أين كان يتجه؟ لا نعرف. حصل شيء على الأرجح، ربما ارتكب خطأ فانفجرت بعض العبوات وأدت إلى مقتله». وتابع: «حصل هذا خلال التسوق لأعياد الميلاد في وسط استوكهولم وكان مجهزا بشكل جيد بالقنابل، ليس من الخطأ القول إنه كان متوجها إلى مكان يعج بالناس». كان عبد الوهاب سيبلغ 29 عاما الأحد بعد التفجير، وذكرت صحف بريطانية أنه ولد في العراق. وقال المحققون إنه حصل على الجنسية السويدية قبل 18 عاما ولم يلفت انتباه أجهزة الأمن يوما. وقال موقع «شموخ الإسلام» المرتبط بـ«القاعدة»: إن تيمور عبد الوهاب كتب وصية قال فيها إنه تحرك بدفع من «دولة العراق الإسلامية» الفرع العراقي لـ«القاعدة». وقبل وقوع الانفجارين بـ10 دقائق، تلقت وكالة الأنباء السويدية «تي تي» وجهاز الاستخبارات السويدي رسالة إلكترونية مرفقة بتسجيل صوتي يدعو فيه رجل يعتقد أنه الانتحاري «كل المجاهدين في أوروبا»، خاصة في السويد إلى التحرك. كان متشدد قد أكد بادئ الأمر هوية عبد الوهاب في رسالة عبر الإنترنت تضمنت صورته يوم الأحد. وأصدر المتشدد بيانا جديدا أول من أمس يهدد فيه بمزيد من مثل هذه الهجمات إذا لم تنسحب القوات الغربية من أفغانستان. وجاء في الرسالة باللغة العربية وفق ترجمة «فلاش بوينت بارتنرز»، وهي خدمة مقرها الولايات المتحدة تتابع مطبوعات الجماعات المتشددة: «إن معركة استوكهولم هي بداية حقبة جديدة في جهادنا ستصبح فيها أوروبا ساحة لمعاركنا».

كانت مجموعة «سايت إنتليجنس غروب»، وهي خدمة أخرى تراقب مطبوعات المتشددين الإسلاميين، قد التقطت أيضا الرسالة التي أضافت: «يجب على من يصرون على عدم الإذعان لمطالبنا أن ينتظروا هجماتنا التي ستصل إلى قلب أوروبا». ولم يمكن التأكد من مصدر مستقل بأن المتحدث له صلات بعبد الوهاب، ولكن من المتوقع أن تعكف أجهزة الاستخبارات على دراسة الرسالة بحثا عن أي مؤشرات على صلات بشبكة للمتشددين. وإذا تبين أن عبد الوهاب كانت له مثل هذه الصلات، فمن المحتمل أن هذه الشبكة تتآمر لتنفيذ تفجيرات أخرى.

وزاد الهجوم - وهو الأول من نوعه في السويد - المخاوف من شن هجمات في أوروبا أثناء عطلة أعياد الميلاد. وجاء الحادث بعد شهور ساد فيها التوتر في أوروبا بعد أن أصدرت الولايات المتحدة تحذيرا من احتمال أن يشن متشددون هجمات وعقب محاولة فاشلة من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لإرسال طردين ناسفين إلى الولايات المتحدة عبر أوروبا. وقضت محكمة سويدية يوم الجمعة بالسجن 4 سنوات على رجلين على صلة بحركة الشباب المتشددة لتآمرهما لارتكاب عمل إرهابي.