إيران: 94 قتيلا وجريحا في هجوم انتحاري على احتفال بذكرى عاشوراء في جابهار

إدانة عربية ودولية للهجوم وطهران تتهم مخابرات غربية وإقليمية بالتورط * تنظيم «جند الله»: الهجوم رد على إعدام واعتقال العشرات

مشهد لموقع الهجوم الانتحاري في جابهار (إ.ب.أ)
TT

لقي ما لا يقل عن 39 شخصا مصرعهم وجرح 55 آخرون في هجوم انتحاري بمدينة جابهار جنوب شرقي إيران بالقرب من الحدود مع باكستان، صباح أمس. وفي حين أشارت طهران إلى تورط المخابرات الأميركية والإقليمية، أعلن تنظيم «جند الله» المتمرد، مسؤوليته عن الهجوم. وأدان الرئيس الأميركي باراك أوباما الاعتداء واعتبره جريمة نكراء. وأعلن حاكم إقليم سيستان بلوشستان بجنوب شرقي إيران أن التفجير الانتحاري الذي وقع أمام مسجد في مدينة جابهار استهدف مراسم العزاء في ذكرى عاشوراء.

وأعلن تنظيم «جند الله» في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، مسؤوليته عن هذا الهجوم، مشيرا إلى أن كلا من عبد الرحمن جابهاري وحسان خاشي قاما بتنفيذ هذه العملية التي استهدفت حاكم المدينة وقوات الشرطة والأمن فيها، انتقاما لإقدام السلطات الإيرانية على إعدام 160 شابا من إقليم بلوشستان ذي الأغلبية السنية مؤخرا. كما اعتبر التنظيم أن هذه العملية تعد انتقاما لإقدام إيران على تصفية أميره السابق عبد الملك ريغي الذي أعدمته طهران بعد اعتقاله في ظروف غامضة.

وحذر التنظيم السلطات الإيرانية من أن عملياته ستستمر ما لم تفرج عن المحتجزين من أبناء الأقلية البلوشية، موضحا أن القوات الإيرانية ستكون هدفا لعملياته اللاحقة. ولفت إلى الوضع الاقتصادي السيئ لسكان الإقليم الذي كان يفترض أن يكون منطقة اقتصادية كبيرة بالنظر إلى إمكاناته، لكنه تحول إلى مكان سيئ السمعة بعد ثلاثين عاما على نجاح الثورة الإيرانية. وقالت الحركة الشعبية للمقاومة الإيرانية (جند الله) في بيانها، إن النظام الإيراني بإمكانه منع استمرار عملياتها النوعية داخل الأراضي الإيرانية إذا أعاد الحقوق لأصحابها في الإقليم. ووفقا لشهود عيان، فقد وقع التفجير قرب ساحة فرمنداري في حين كان مصلون يشاركون في الموكب الديني، عندما اقترب أحد الانتحاريين من سيارات إسعاف الهلال الأحمر المتوقفة قرب الساحة حيث كان المصلون و«قام بتفجير نفسه». ونفى عمدة جابهار علي باتني ما أوردته وسائل إعلام إيرانية عن وقوع ثلاثة انفجارات، وقال إن انفجارين فقط وقعا، موضحا أن «الإرهابيين كانوا اثنين وتم رصدهما قبل أن يقوما بأي تحرك، لكن أحدهما تمكن من تفجير سترته الناسفة». كما نفى العمدة أيضا معلومات أوردتها وسائل إعلام إيرانية مفادها أن ثلاثة انتحاريين شاركوا في الهجوم، وأضاف أنه «جرى اعتقال زعيم هذه المجموعة». ووقع الحادث عشية إحياء ذكرى عاشوراء التي تصادف الجمعة العاشر من محرم 1432 حيث تعتبر عاشوراء من أكبر الاحتفالات الشيعية، حيث يحيي الشيعة ذكرى وفاة الإمام الحسين، ثالث أئمة الشيعة، الذي قتل في معركة كربلاء عام 680م. في المقابل، وصف رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، الحادث بأنه عمل وحشي ويهدف إلى إثارة التفرقة بين الشيعة والسنة، معتبرا أنه لا يوجد إنسان يحمل ضميرا يقوم بمثل هذا العمل الإجرامي الغادر في مراسم عاشوراء. وأضاف، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية، إن مثل هذا السلوك إنما يصدر فقط من الكيان الصهيوني وأميركا.

وأشار إلى مصرع العلماء النوويين الإيرانيين قائلا، إن الإرهابيين اغتالوا قبل فترة أيضا علماء نوويين لنا ليوجهوا الضربة لإيران حسب أوهامهم. وذكر بأنه على الإرهابيين وحماتهم أن يعلموا ويدركوا أنه مهما ارتكبوا من مثل هذه الممارسات الوحشية، فإن ذلك يجعل الشعب الإيراني أكثر عزما للوصول إلى أهدافه وأكثر ثباتا في الطريق الذي يمضي فيه. وطبقا لما أعلنه الدكتور فريبرز آيتي المدير العام للطب العدلي في محافظة سيستان وبلوشستان، فقد بلغ عدد ضحايا التفجير 39 قتيلا.

وحمل مساعد وزير الداخلية الإيراني لشؤون الأمن علي عبد الله من سماها الاستخبارات الإقليمية والأميركية مسؤولية العملية، في حين رأى الشيخ قادر سهرابي إمام جمعة مهاباد بغرب إيران أنه ليس بإمكان ما وصفه بالاستكبار العالمي ضرب الوحدة بين الشيعة والسنة من خلال تنفيذه العمليات الإرهابية. كما اتهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بورجردي «أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية» بأنها وراء الهجوم. وتقع مدينة جابهار في محافظة سيستان بلوشستان المحاذية لباكستان وأفغانستان، التي تشهد حركة تمرد دامية مستمرة منذ عشر سنوات يقودها متمردون من السنة من إثنية البلوش التي تشكل نسبة كبيرة من سكان المحافظة.

وقد قوبلت التفجيرات بإدانة عدد من الدول والمنظمات الدولية؛ فقد استنكرت دولة الإمارات العربية المتحدة «بشدة» الانفجار. وقال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي إن بلاده «تدين بقوة هذا العمل الإرهابي المجرم الذي استهدف أرواح الأبرياء الآمنين». كما أدانت مملكة البحرين حادث التفجير، وقالت وكالة أنباء البحرين إن مملكة البحرين «أدانت بشدة العمل الإرهابي الذي استهدف مسجد الإمام الحسين بن علي بمدينة جابهار بالجمهورية الإسلامية الإيرانية». وأعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن تنديده الشديد بـ«الاعتداء الإرهابي المروع» وقال في بيان مكتوب: «أندد بشدة بهذا الاعتداء الإرهابي المروع الذي استهدف مسجدا في جابهار في إيران». من جانبه، أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «بأكثر العبارات حزما» الاعتداء الانتحاري الذي استهدف مصلين في إيران وأسفر عن مقتل 39 شخصا وجرح خمسين آخرين. وقال متحدث باسمه: «إن الأمين العام يدين بأكثر العبارات حزما الاعتداء الانتحاري في مسجد جابهار» جنوب شرقي إيران، ويبدي «صدمته جراء هذا العمل الإرهابي المقيت».