الطقس السيئ يهدد باجتياح مصر.. والعوالق الترابية تنتشر في أجواء السعودية

مزارعون فلسطينيون يحاولون إنقاذ محصولهم من أضرار العاصفة.. وبريطانيا تستعد لموجة برد جديدة

TT

في الوقت الذي تستمر فيه حالة انتشار العوالق الترابية في الأجواء، التي شهدتها أغلب المدن السعودية خلال اليومين الماضيين، أعلن في مصر عن تحسن الأحوال الجوية عقب الموجة العاصفة التي تعرضت لها مختلف المحافظات على مدى 4 أيام.

إلا أن خبراء الطقس أكدوا أن مصر سوف تتعرض لموجة باردة جديدة مع نهاية الأسبوع الحالي، وتشهد عدم استقرار في الأحوال الجوية ابتداء من ليل الجمعة، وهو ما أكدته توقعات هيئة الأرصاد الجوية الأوروبية والأميركية.

وعلى صعيد آخر، تشهد بريطانيا موجة من البرد ينتظر أن تزداد شدة ابتداء من غد الجمعة، إذ يتوقع أن تسجل العاصمة لندن هبوط الحرارة إلى 4 درجات تحت الصفر، فيما ستسجل اسكوتلندا 6 درجات تحت الصفر بحلول ليل الجمعة. وقالت هيئة الأرصاد الجوية البريطانية إنها تتوقع أن تؤدي الرياح الباردة الآتية من القطب الشمالي إلى هبوط حاد في الحرارة إلى 10 درجات مئوية تحت الصفر، خصوصا في المرتفعات. وقالت الهيئة إن الطقس سيزداد سوءا في غرب بريطانيا أكثر من شرقها الذي تأثر بموجة البرد السابقة، الأمر الذي سيؤدي إلى اضطراب الحركة والنقل.

وتجدر الإشارة إلى أن هطول الثلوج بغزارة في بريطانيا قد أدى إلى اضطراب الإمدادات، ومنها الغذائية. وقد توقفت بعض المتاجر الغذائية الكبرى عن تلبية طلب زبائنها بتزويدهم بأنواع الأغذية التي يشترونها عبر الإنترنت لصعوبات تتعلق بالإمدادات والنقل. كما يتخوف الخبراء من تأثير الطقس السيئ على مشتريات الزبائن مع اقتراب أعياد الميلاد، وهو الموسم الذي تزدهر فيه المبيعات التجارية التي تضيف الأموال إلى خزينة الدولة بعد تحصيلها الضرائب المفروضة على البضائع.

وتشهد الأجواء السعودية حالة من التحسن في مدى الرؤية الأفقية مع استمرار وجود العوالق الترابية على شرق السعودية ووسطها وجنوبها، ويشمل ذلك وادي الدواسر (جنوب العاصمة السعودية)، وشرورة، ويمتد حتى منطقة نجران (جنوب البلاد). وقد تسببت العوالق والأتربة المثارة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة (غرب البلاد) والأجزاء الداخلية للجنوب الغربي في عدم وضوح الرؤية. كما تشهد الأجواء في شمال البلاد سماء صحوة إلى غائمة جزئيا، وكذلك في الجنوب وأجزاء من غرب السعودية.

أما في ما يتعلق بالطقس البحري فيتوقع أن تكون الرياح السطحية على البحر الأحمر (غرب البلاد) شمالية غربية إلى غربية، بسرعة 15 إلى 40 كلم في الساعة، وارتفاع الموج من متر إلى متر ونصف المتر، وحالة البحر من خفيف إلى متوسط الموج. كما أنه من المتوقع أن تكون الرياح السطحية على الخليج العربي شمالية غربية بسرعة 18 إلى 45 كلم في الساعة، وارتفاع الموج من متر إلى متر ونصف المتر، وحالة البحر متوسط الموج إلى مائج.

وتشهد مناطق شرق ووسط وجنوب السعودية نشاطا في الرياح السطحية مع وجود العوالق الترابية والأتربة المثارة. وتكون السماء صحوة إلى غائمة جزئيا على مناطق شمال وجنوب وأجزاء من غرب المملكة، تتخللها خلايا من السحب الركامية على المرتفعات الجنوبية الغربية والغربية خاصة.

وعلى صعيد ذي صلة، حذرت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة يوم أمس على موقعها على شبكة الإنترنت من ظهور أتربة مثارة وعوالق ترابية تحد من مدى الرؤية الأفقية إلى أقل من كيلومترين على مناطق الشرقية، والرياض، والقصيم، والمدينة المنورة، ومكة المكرمة (الجزء الشرقي منها)، ونجران، وعسير، والباحة، خاصة على المناطق المفتوحة والطرق السريعة، لذا يجب أخذ الحيطة والحذر ابتداء من الساعة العاشرة صباحا إلى الساعة العاشرة.

وبلغت درجة الحرارة العظمى في العاصمة السعودية 24 درجة مئوية، والصغرى 7 درجات مئوية، ونسبة الرطوبة 50 في المائة، في أجواء تشوبها عوالق ترابية. كما سجلت درجات الحرارة في العاصمة المقدسة مكة المكرمة: العظمى 33 درجة مئوية، والصغرى 20 درجة مئوية، ونسبة الرطوبة 50 في المائة.

أما في شرق السعودية فتصل درجة الحرارة العظمى إلى 25 درجة مئوية، أما الصغرى فتصل إلى 10 درجات مئوية، ونسبة الرطوبة تصل إلى 60 في المائة، مع وجود أتربة وعوالق قد تمتد إلى غبار.

وفي جنوب السعودية، تصل درجة الحرارة العظمى في أبها إلى 21 درجة مئوية، أما الصغرى فتصل إلى 8 درجات مئوية، وبلغت نسبة الرطوبة 85 في المائة، ويتخلل ذلك تكون سحب ركامية رعدية.

وفي مصر، انتظمت حركة الملاحة الجوية والبحرية بالمطارات والموانئ، بعد انقضاء الموجة العاصفة. وكان سوء الأحوال الجوية في مصر قد أسفر عن وفاة نحو 50 مواطنا، بينهم 26 جراء انهيار مصنع للملابس بمدينة الإسكندرية، إضافة إلى عشرات المصابين في حوادث سير مختلفة.

وتضرر عدد كبير من المنازل والمباني أغلبها في مدن شمال مصر، كما أدى سوء الأحوال الجوية إلى اضطراب حركتي الطيران والملاحة في معظم المطارات والموانئ، قبل أن يعاد تشغيلها وفق جداولها مجددا يوم أول من أمس.

إلى ذلك، تسبب سوء الأحوال الجوية في جنوح إحدى سفن الشحن الإيطالية قبالة ميناء الإسكندرية، وغرقها لاحقا صباح أول من أمس، عند محاولة جرها إلى داخل الميناء لإصلاح عطب أصاب أحد محركاتها. وتبدو الأضرار التي لحقت بالمزارعين الفلسطينيين جسيمة في مدينة طمون شمال شرقي الضفة الغربية، بعد تعرضهم لعاصفة هوجاء ضربت يوم السبت الماضي منطقة الشرق الأوسط والأراضي الفلسطينية، مصحوبة بأمطار غزيرة ورياح شديدة بلغت سرعتها 100 كلم في الساعة. وهطلت الأمطار الغزيرة بعد أشهر من الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة.

وقد دُمر معظم البيوت البلاستيكية للمحاصيل الزراعية تدميرا كاملا، واقتلع النايلون الذي يغطي المزروعات في غور الأردن، وغطى الطين والرمال الحقول. وبدلا من الاعتناء بمحصولهم، يعمل المزارعون في بلدة طمون بنشاط على إزالة وجمع قطع البلاستيك المنتشر على الأرض، ورفع الحديد من بين شتلات الطماطم والفراولة، آملين في إنقاذ ما تبقى من محصولهم، إذا لم يقضي عليه البرد! ويتحدث المزارع مصطفى أحمد أبو مطر بأسى وهو يشير إلى محصول الطماطم الذي زرعه قبل أشهر عدة ودمرته الأمطار الغزيرة والرياح «زرعت محصولي في 21 سبتمبر (أيلول) على دونم ونصف الدونم. كلفتني البيوت البلاستيكية والزراعة نحو 40 ألف شيقل (نحو 12 ألف دولار)، تضاف إليها خسارة المزروعات التي تبلغ قيمتها نحو 50 ألف شيقل (16 ألف دولار)».

وأضاف أن «المنطقة هنا تقع بين جبلين. تجمعت الرياح في هذا السهل وحطمت بيوتنا البلاستيكية! وخلايا النحل ومزارع الدجاج»، مشيرا بيده نحو سفح الجبل إلى بيوت الدجاج التي هدمتها الرياح.

وحض وزير الزراعة الفلسطيني إسماعيل دعيق، المزارعين الذين زارهم في مناطق الضفة الغربية الاثنين على «العمل جاهدين لإنقاذ المحصول القادم». وقال الوزير «من يستطيع أن يصلح فليفعل لأنني أخشى على المعاملات من البيروقراطية. نحن نعوض بالمنشآت من تدمر محصوله وبيوته البلاستيكية!.. ولا نعوض بالمال».

وأوضح أن «كمية المياه التي سقطت في منطقة طمون في الأيام القليلة الماضية كانت 197 ملم، أي ثلث مياه الموسم بكامله». وأكد الوزير أن الحصيلة النهائية للخسائر الزراعية الفلسطينية جراء العاصفة سيعلن عنها الأحد، مشيرا إلى أن «منطقة طمون هي من أخصب المناطق الزراعية الفلسطينية، وأن مزارعيها نشيطون وقاموا بتطوير أنفسهم وذلك بإدخال زراعة المواد العضوية للتصدير والأعشاب الطبية المختلفة، وقد اكتسبوا خبرة العمل الزراعي عند إسرائيل وطبقوها في أراضيهم».

ويزرع عبد الباسط بشارات دونمين يملكهما بالبندورة، ويجني منهما نحو 70 ألف دولار على مدار العام، وهو لا يعرف بعد مجمل خسارته.

ورفع عبد الباسط صندوقا عن الأرض وقال «هذا نحل ميت، لكنه ليس نحل العسل. إنه نحل بري يطلق عليه اسم بامبو بيز، نستخدمه لتلقيح المزروعات ونضعه بين البيوت البلاستيكية. حتى هذا لم ترحمه العاصفة».

أما رئيس جمعية طمون التعاونية للزراعة المحمية محمد حسين بشارات فقال «لقد تأثرت المزروعات داخل الدفيئات (البيوت البلاستيكية) جراء العاصفة في طمون تأثيرا قويا». وأضاف أن «حجم الأضرار بلغ نحو 90% من المحاصيل بشكل عام. وتأثرت البنية التحتية من شبكات ري وبيوت بلاستيكية وحديد بنسبة 75% بأضرار مباشرة، بينما تضرر نحو 90% إلى 95% بشكل غير مباشر».

وأضاف بشارات «نتوقع أن تقوم وزارة الزراعة بمساعدة المزارعين، فكلنا أمل في ذلك، لان عندنا أكثر من 200 عائلة تعمل بالزراعة في البلد، وهناك أكثر من 250 عاملا زراعيا كانوا يعملون في المستوطنات باتوا يعملون في أرضهم». وأضاف «نزرع منتجات كثيرة بهدف التصدير مثل الأعشاب الطبية والفراولة والورود والقرنفل والنعناع والريحان والجرجير، إضافة إلى الطماطم والخيار والخضراوات الأخرى».

وقدر إبراهيم قطيشات، مدير عام الإرشاد في وزارة الزراعة، خسائر طمون والمنطقة بخمسة ملايين شيقل من دفيئات وبيوت دجاج ومحاصيل وأعلاف. وفي مدينة قلقيلية التي لحقت بمزروعاتها أضرار كبيرة، قال إبراهيم بدير، بلهجة محتدة «محصول الخيار تدمر بالكامل جراء سقوط البرد عليه»، مشيرا إلى سقف الدفيئة الذي اقتلعته العاصفة والشتلات التي طمرها الطين. وقال فيصل الهندي، منسق اتحاد جمعيات المزارعين، إن «إحصاءاتنا تظهر أن 300 دونم من البيوت البلاستيكية تضررت من أصل 2000 دونم، وهي في حاجة إلى التعويض».