إخلاء قصر عدل جبل لبنان بعد بلاغ كاذب بوجود قنبلة معدة للتفجير

مصادر قضائية لـ «الشرق الأوسط»: التحذير رسالة ويجب تشديد حماية المحاكم

TT

استقطب قصر العدل في بعبدا (جبل لبنان) الاهتمام الأمني والقضائي والسياسي على مدى أربع ساعات، بعد ورود اتصالين مجهولي المصدر يفيدان بوجود عبوة ناسفة معدة للتفجير، مما أدى إلى إخلاء المبنى بالكامل من القضاة والموظفين والمحامين والمتقاضين، والبدء بعملية البحث عن العبوة المزعومة بإشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الذي وجد مع الخبراء منذ اللحظة الأولى وواكب عمليات التفتيش ميدانيا.

وانتهت ساعات الترقب والعمل الحثيث والمتواصل بإعلان مفوّض الحكومة القاضي صقر صقر، أن البلاغ كان كاذبا، وأنه وضع يده على التحقيق في ما حصل، وكلف مديرية المخابرات في الجيش اللبناني بإجراء التحقيقات الأولية بإشرافه شخصيا وتعقب مصدر الاتصالين وكشف هوية صاحبيهما.

وقال وزير العدل إبراهيم نجار لـ«الشرق الأوسط»، إن «السلطة القضائية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية المختصّة بدأت التحقيق، وهي تتبع مصدر الاتصالات التي وردت إلى قصر العدل وأعطت هذا البلاغ الكاذب». ورفض نجار إعطاء تفسيرات لما جرى. وقال: «يتعذر علي إعطاء تفسير أو استنتاج في غياب أي إثبات، وهذا الأمر بات في يد الأجهزة المختصة».

وأكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا البلاغ وإن كانت المؤشرات تدل منذ الدقائق الأولى على أنه كاذب، لم يكن بالإمكان إهماله، وهو أخذ على محمل الجد وجرى التعامل معه كما تقتضي المسؤولية حفاظا على هيبة العدالة، وحياة القضاة والموظفين والمحامين». ورأى أن «ما حصل ربما يكون إنذارا أو رسالة ما، تستدعي اتخاذ أعلى درجات الحيطة وتشديد الحماية الأمنية لقصور العدل والمحاكم في كل المناطق اللبنانية».

وكان الاتصالان الهاتفيان قد وردا إلى مكتب قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان جان فرنيني، ومكتب النائب العام الاستئنافي القاضي كلود كرم، عند الساعة الثانية عشرة وأربع دقائق ظهرا، وفي خضم الازدحام داخل قصر العدل حيث كانت عشرات الجلسات منعقدة ومئات المتقاضين والمحامين يتابعون ملفاتهم. وادعى المتصلون أنهم ينتمون إلى تنظيم «جند الشام»، ونصحوا بإخلاء المبنى لوجود قنبلة في أحد المكاتب، أدخلت في حقيبة وهي ستنفجر بعد 10 دقائق.

وبالفعل أخلي المبنى بكامله على الفور من كل من بداخله، كما أخرج السجناء الذين كانوا في نظارة قصر العدل ووضعوا في سيارة لنقل الموقوفين وأبقيت على مقربة من قصر العدل وسط حراسة أمنية مشددة. وضرب الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي طوقا أمنيا محكما حوله ومنعوا المواطنين والسيارات من الاقتراب، وقطعت الطرقات المؤدية إليه من كل الاتجاهات. وحضر خبراء من قسم الهندسة وقسم المكافحة في الجيش اللبناني ومن مكتب مكافحة الإرهاب وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، الذين استعانوا بالأجهزة الإلكترونية الكاشفة للمتفجرات وبالكلاب البوليسية وبدأوا بعملية مسح للمبنى بحثا عن القنبلة المزعومة، وشمل المسح مكاتب القضاة والأقلام وقاعات المحاكم والممرات والمراحيض، ولم يقتصر الأمر على المبنى من الداخل، إنما انسحب إلى محيط قصر العدل من مدخله الرئيسي مرورا بمرآب سيارات القضاة وحتى مسافة شعاعية لا تقل عن مائة متر في المحيط.

وأفيد أنه على أثر الانتهاء من تفتيش القاعات ومكاتب القضاة والممرات جرى استدعاء بعض الموظفين لفتح المكاتب التي كانوا فيها قبل مغادرتهم إياها، وبالفعل حضر هؤلاء وتم التأكد من خلوها من أي جسم غريب. وبعد الاطمئنان إلى عدم وجود عبوة والتثبت من أن البلاغ كان كاذبا، بدأت التحقيقات في القضية وجرى الاستماع إلى الموظفين الاثنين اللذين تلقيا الاتصالين بإشراف القاضي صقر صقر، كما بدأت الأجهزة الأمنية بتعقب مصدر الاتصالين التهديديين لمعرفة هوية الفاعلين والغاية من وراء البلبلة التي حدثت والتي رجّحت المصادر أن يكون الهدف منها إرباك الأجهزة الأمنية والقضائية وتعطيل جلسات التحقيق والمحاكمة في قصر العدل.