منتدى في باريس يؤكد أن أمن الخليج حاجة عالمية

جدل حول مبادرة اسطنبول.. وقلق من السباق النووي

TT

«أمن الخليج» عنوان المنتدى الدولي الأول الذي استضافته العاصمة الفرنسية طيلة يوم الأربعاء بدعوة من مركز الدراسات العربي - الأوروبي والمعهد الأورو - متوسطي. ويرأس المركز الدكتور صالح بكر الطيار، بينما يرأس المعهد الوزير السابق هيرفيه دو شاريت. وحضر مسؤولون وخبراء وباحثون من دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا وإيران والعراق ومصر والمغرب واليمن ودول أوروبية والولايات المتحدة الأميركية وكندا وممثل عن الحلف الأطلسي وآخرون. وجاء من قطر محمد عبد الله الرميحي، مساعد وزير الخارجية، ومن اليمن الدكتور عبد الكريم الأرياني، مستشار الرئيس اليمني ورئيس الوزراء السابق، ومن السعودية اللواء الدكتور علي بن فايز الجحني، عميد كلية التدريب في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، والدكتور عبد العزيز الصقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، ومن تركيا أمر الله إيشلر، كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي. وأدار وزير الدفاع الفرنسي الأسبق هيرفيه موران الجلسة الثانية عارضا الرؤية الفرنسية والأوروبية لاستقرار المنطقة.

وانتظمت أعمال المنتدى في أربع جلسات إضافة إلى جلستي الافتتاح والختام بحيث تناولت الهموم والتحديات الأساسية لمنطقة الخليج كالتالي: القوى الإقليمية وأمن الخليج، القوى الدولية وأمن الخليج، المشاريع النووية وتأثيراتها على أمن الخليج وأخيرا الإرهاب والتطرف وأثرهما على أمن الخليج.

ورغم أن الموضوع ليس جديدا، فإنه جاء مفيدا من أكثر من زاوية. فقد تميز أولا بصراحة غير معهودة في اللغة الدبلوماسية إذ عبر المشاركون بقوة وبلغة مباشرة عن مواقفهم وآرائهم وهو ما برز بوجه خاص في تناول الخليجيين للتهديد الإيراني للمنطقة الذي لا ينحصر فقط في البرنامج النووي الإيراني وبأبعاده العسكرية. كذلك ألقى المنتدى الضوء على استراتيجيات الأطراف الإقليمية والدولية وعلى حسابات كل جهة إزاء منطقة تحتضن ثلثي الاحتياطي النفطي في العالم. وبينت المداخلات أن أحد عناصر اختلال التوازن في الخليج تغييب العراق كقوة عسكرية وازنة كما أظهرت استراتيجيات دول المنطقة الباحثة عن ضمانات خارجية لأمنها بسبب صعوبة التوصل إلى ضمانات إقليمية. والخلاصة التي خرج بها المجتمعون أن أمن الخليج حاجة عالمية وليس فقط مصلحة إقليمية أو وطنية وهو ما شدد عليه محمد عبد الله الرميحي الذي رأى أن «توفير أمن الخليج مسؤولية عالمية».

وعرض الرميحي الموضوع الأمني من زاويتين: الأمن الداخلي والمحلي من جهة وهو «من مسؤولية الدول التي أثبتت قدرة» في التعاطي معه، والأمن «الخارجي» من جهة أخرى. وفي هذا الخصوص، رأى المسؤول القطري أن «صعوبة الاعتماد على الأمن الإقليمي وضعف الدور العربي يدفع الدول الخليجية التي من واجبها توفير التنمية والأمن والشراكة والتوازن الاستراتيجي» إلى «النظر إلى الخارج» والبحث عن «شراكات مع الدول العظمى» وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية ثم الدول الأوروبية المعنية بالمنطقة بالدرجة الأولى من غير أن يعني ذلك «تخلي» الدول الخليجية عن مسؤولياتها.

وفي هذا السياق، أبدى دو شاريت أسفه لـ«الغياب» الأوروبي رغم أن «من مصلحة دول مجلس التعاون الحصول على ضمانات متعددة وليس الاكتفاء بالدور الأميركي وحده». وربط دو شاريت بين توفير الأمن والاستقرار في الخليج وبين إيجاد حل للموضوع الفلسطيني من جهة وعودة العراق عنصرا فاعلا على المستوى الإقليمي من جهة أخرى.

وكان ممثل الحلف الأطلسي غابرييل غاسكون، رئيس الدائرة السياسية وشؤون الأمن في الحلف قد نوه بدور الحلف من خلال ما يسمى «مبادرة إسطنبول» التي أطلقت عام 2004 ووقعت عليها الدول الخليجية باستثناء السعودية وسلطنة عمان. غير أن أكثر من متدخل خليجي شكك في جدية هذه المبادرة التي وصفها بأنها «غير مفهومة». وقال هيرفيه موران إن الحلف الأطلسي «ليست له مبادرات أمنية في منطقة الخليج». وشغل موران منصب وزير الدفاع لثلاث سنوات ونصف السنة وخرج منه في التعديل الوزاري الأخير في فرنسا.

ونوه مستشار رئيس الوزراء التركي بموقف بلاده المناهض لفرض عقوبات اقتصادية وتجارية ومالية على إيران، معتبرا أن الحل الوحيد المقبول هو في الحوار مع طهران. غير أن المتحدثين الخليجيين مثل عبد الحسين شعبان «باحث عراقي» والدكتور عبد الخالق عبد الله «أستاذ جامعي إماراتي» شددا على «القلق الخليجي» لما تمثله إيران من تهديد وتحديات، مباشرة أو بالواسطة، فضلا عن إدخالها السباق النووي إلى المنطقة «إذ تأكد أن برنامجها النووي ذو أهداف عسكرية»، فضلا عن امتلاكها أجندة سياسية واستراتيجية «تتخطى منطقة الخليج». ووصف عبد الخالق عبد الله التجاور مع إيران في الخليج بأنه «صعب» لأنها تريد أن تكون «الآمر الناهي فيه»، وهو ما ترفضه الدول الخليجية، بحسب ما قال.