السعودية والمغرب يعرضان تجاربهما في مجال توفير وظائف للشباب في مؤتمر الحوار الاجتماعي بالرباط

وزير العمل المغربي لـ «الشرق الأوسط»: قريبا قانون لخدم المنازل.. وبرنامج للتغطية الصحية للطلاب

جمال أغماني وزير العمل المغربي يتباحث مع نظيره السعودي عادل محمد فقيه (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
TT

قدم كل من السعودية والمغرب تجربتهما أمس لمؤتمر الحوار الاجتماعي، الذي يشارك فيه وزراء العمل العرب، والذي ينعقد في العاصمة المغربية الرباط، بدعوة من مكتب العمل الدولي في جنيف ومنظمة العمل العربية، ويبحث المؤتمر أساليب جديدة لتطوير مفهوم «الحوار الاجتماعي» بين الأطراف الثلاثة، أي الحكومات والنقابات وأصحاب العمل، في حين قال جمال أغماني، وزير العمل المغربي إن المؤتمر «أتاح فرصة نادرة ليتحدث ممثلو الحكومات وأصحاب العمل والنقابات عن تبادل التجارب والاستفادة من بعضهم بعضا».

وجاء في العرض الذي قدمه عادل بن محمد فقيه، وزير العمل السعودي، أن المملكة العربية السعودية أطلقت في أوائل هذا العقد برنامجا واسعا لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في النشاطات الاقتصادية التي تدعمها الدولة من أجل تسريع مسيرة التنمية، وزيادة تنافسية الاقتصاد السعودي وخلق فرص العمل لتشغيل الشباب.

وبالنسبة للمؤسسات الجديدة المتعلقة بتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، قال وزير العمل السعودي، إنه تم تأسيس عدد من الأجهزة المستقلة لتنظيم عملية المشاركة والمحافظة على حقوق المستثمرين والمستفيدين من الخدمات التي تتولاها الشركات بين الدولة والقطاع الخاص. وتحدث فقيه عن مجال الخدمة الاجتماعية، وقال إن برنامج «باب رزق جميل»، وهو أحد برامج مجموعة عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع، تمكن من توفير نحو 150 ألف وظيفة.

وعلى صعيد ذي صلة، وخلال مساهمته في الجلسة الخاصة بـ«حصيلة أعمال مفهوم العمل اللائق بالمغرب» ضمن أشغال المؤتمر، قال ميمون بن طالب، وكيل وزارة التشغيل المغربية (العمل) إن نسبة البطالة بالمغرب تراجعت من 9.6 في المائة عام 2008 إلى 9.1 في المائة العام الماضي، وشمل ذلك جميع الشرائح، خاصة الحاصلين على شهادة جامعية.

وأشار بن الطالب، خلال تقديمه لتقرير عن التجربة المغربية وخلال الفصل الثالث من السنة الحالية، إلى أن معدل البطالة بالمغرب عرف انخفاضا كذلك حيث انتقل من 9.8 في المائة إلى 9 في المائة.

وأوضح أن وزارة العمل المغربية نهجت في هذا الصدد 3 برامج أساسية، تهدف إلى تحسين قابلية العمل بالنسبة لخريجي الجامعات، وهو برنامج «تأهيل» استفاد منه 47 ألفا و650 من الباحثين عن عمل، منذ انطلاقته عام 2007 وإلى حدود نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، مع تسجيل ارتفاع يقدر بنحو 13 في المائة سنويا. وجاء في التقرير أن نسبة إدماج المستفيدين من البرنامج تبلغ 60 في المائة عند نهاية التكوين، حسب الدراسة التي أنجزت حول البرنامج من قبل الوكالة المغربية لإنعاش التشغيل والكفاءات، والبرنامج الثاني هو برنامج «مقاولتي» الذي يروم مساعدة الشباب أصحاب المشاريع إلى خلق مقاولة خاصة بهم، حيث بلغ عدد المقاولات التي بدأت نشاطها في إطار هذا البرنامج 3093 مقاولة ساهمت في خلق ما يناهز 9127 وظيفة. أما البرنامج الثالث فهو برنامج «إدماج» الذي يمنح عدة امتيازات ضريبية ومالية قصد مساعدة الشباب حاملي الشهادات من الاندماج في سوق العمل واستفاد من هذا البرنامج 45 ألفا و756 باحثا عن العمل خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الحالية.

وعلى صعيد متصل، قال جمال أغماني، وزير العمل المغربي إن اختيار المغرب لاحتضان الدورة الأولى من مؤتمر «الحوار الاجتماعي» لم يكن اعتباطيا، بل هو تنويه غير مباشر بالتجربة المغربية. وحول هذه التجربة في مجال الحوار الاجتماعي، قال أغماني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش المؤتمر، إنه خلال تداعيات الأزمة الاقتصادية بالمغرب سمحت آليات الحوار الاجتماعي بوضع إجراءات استثنائية لدعم بعض المقاولات، الأمر الذي أتاح الحفاظ على الوظائف بها، مشيرا إلى أن وتيرة الإضرابات داخل المقاولات تراجعت بنسبة 35 في المائة بعد دخول مدونة الشغل (قانون العمل) حيز التنفيذ.

وبشأن ما دار خلال المؤتمر حول العمل النقابي، قال أغماني «اختار المغرب منذ الاستقلال في أول دستور له، حرية التعبير والتعدد، لذلك توجد اليوم في المغرب 30 مركزية نقابية (اتحاد عمالي)، والحاسم في هذه العملية حسب قانون العمل هو انتخابات مندوبي العاملين، وهي عملية ديمقراطية، جرت العام الماضي، وأفرزت 4 اتحادات عمالية حصلت على 6 في المائة من عدد مندوبي العاملين الذين تم انتخابهم، وهذه هي النقابات التي تشارك في الحوار الاجتماعي، وتشارك على المستوى الدولي في منظمة العمل الدولية، ومنظمة العمل العربية.

وحول موضوع أنظمة التقاعد، الذي طرح بدوره خلال المؤتمر، قال أغماني «إصلاح أنظمة التقاعد مطروح على المستوى الدولي، وليس المغرب حالة معزولة عما يجري في العالم».

وتجدر الإشارة إلى أنه من خلال الدراسات التي أجريت من طرف مكتب مختص وبمساهمة شركاء اجتماعيين في كل مراحل إنجاز هذه الدراسة، وأبدوا موقفهم بما فيهم نقابات وأصحاب عمل، تبين، حسب قول أغماني، فإن الإشكالية الأولى في المغرب تكمن في تعدد الأنظمة «في وقت يطرح فيه علينا تحدي توسيع قاعدة الذين يشملهم التأمين، ونحن اليوم نؤمن 20 في المائة من المغاربة إذ ما زال أمامنا 80 في المائة يجب تأمينها». وأضاف أغماني قائلا «بعض وسائل الإعلام اختزلت مسألة إصلاح نظام التقاعد بمسألة السن، في حين أن نظام التقاعد يشمل كل القوى المنتجة، وفي الجانب الثاني أبرزت الدراسات أن متوسط مدى الحياة، وبفعل التحسن الذي عرفته الرعاية الصحية في المغرب، ارتفع إلى نحو 73 سنة، وفي المقابل حددت سن التقاعد بـ60 سنة، ونجاح أي إصلاح لنظام التقاعد كما أكدت عليه جميع الدراسات الدولية، يتم عبر ما يسمى (التضامن بين الأجيال)، باعتباره مشروعا مجتمعيا تتضامن فيه كل الفئات والطبقات».

وحول القضايا الراهنة التي تعمل عليها وزارته، قال أغماني «أهم الإصلاحات التي نعمل عليها هي مشروع قانون حول تقنين خدم المنازل، الذي قطع مراحل مهمة، وقوانين أخرى مثل تحديث قانون التعويض عن حوادث العمل بالإضافة إلى قانون الصحة والسلامة المهنية كما نعمل على برنامج التغطية الصحية لفائدة الطلبة في العام المقبل، وكذا إيجاد نظام ملائم للتغطية الصحية والاجتماعية للسائقين».