لقاء علاوي الأخير مع المالكي يعزز فرص تشكيل الحكومة العراقية الجديدة

زعيم «العراقية»: كان أول اجتماع إيجابي معه

إياد علاوي في مكتبه ببغداد (نيويورك تايمز)
TT

لا يعد إياد علاوي، الذي تمكن من التغلب على قتلة مستأجرين أرسلتهم الشرطة السرية إبان حكم صدام حسين إلى لندن وراءه، الرجل الذي يمكنه الاستسلام للهزيمة بسهولة. ولم يقم بذلك - تحديدا - أول من أمس.

ولكن على الرغم من ذلك، فإن الهزيمة جاءت، وربما كان القبول أمرا حتميا.

فبعد مرور أكثر من تسعة أشهر على الانتخابات العراقية التي جعلته على وشك الإطاحة بمنافسة السياسي البارز رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي، وبعد شهر من تعهده بأن لا ينضم إلى حكومة جديدة يترأسها المالكي، أشار علاوي أول من أمس إلى احتمال أن ينضم إليها بعد كل ما حدث. وبدا أن ذلك سيرفع العقبة المهمة الأخيرة أمام تشكيل المالكي لحكومة جديدة، وهو الشيء الذي يجب عليه قانونا القيام به قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وقد قام المالكي بذلك على مضض ووضع شروطا، وحذر من أن الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بشأن تشكيل حكومة ائتلافية موسعة للمشاركة في السلطة تحت قيادة المالكي لا يزال يواجه احتمالية الانهيار.

وقال علاوي (65 عاما) في مقابلة أجريت معه داخل مكتبه المحصن إلى جوار حديقة «الزوراء»: «ما دام أنها لم تتداع، وما دامت هناك شراكة في السلطة، سيبقى جميعنا ملتزما، وأنا شخصيا ملتزم بذلك».

ويظهر ما أقدم عليه علاوي من شبه تنازل لواقع سياسي جديد سياسة حافة الهاوية الصعبة التي أخرجت العراق عن مساره السياسي خلال أغلب عام 2010، ويمكن أن تدفع به إلى مزيد من الأزمات الجديدة في الوقت الذي من المقرر أن تغادر فيه القوات الأميركية العراق العام المقبل.

ولا يزال هناك كثير من الأشياء غير مؤكد، وتجري مفاوضات من أجل تحديد دور وسلطات علاوي كرئيس هيئة أنشئت مؤخرا من أجل الإشراف على قضايا استراتيجية وطنية.

وتنبأ مسؤولون بأنه على ضوء الأوضاع السياسية في العراق على مدار العام، لن يكون بمقدور المالكي الإعلان عن اتفاق نهائي حتى اللحظة الأخيرة.

وكان علاوي، وهو شيعي شغل منصب رئيس وزراء مؤقت بعد الغزو الأميركي عام 2003، على رأس تكتل انتخابي يضم علمانيين شيعة وسنة حصلوا على أكبر عدد من المقاعد في انتخابات أجريت في مارس (آذار) 2010، حيث حصل على 91 مقعدا بالمقارنة مع 89 مقعدا حصل عليها ائتلاف المالكي. ولكن كان تكتل المالكي عاجزا عن تشكيل تحالف مع أي من الأحزاب الأخرى حتى أصبح الوقت متأخرا للغاية.

وتمكن المالكي، وهو زعيم قاس لا يحظى بشعبية كبيرة وتعارضه معظم الطوائف السياسية داخل العراق، من تجميع أغلبية من المقاعد في البرلمان الجديد المكون من 325 عضوا. وتحالف مع أتباع رجل الدين الشيعي المناهض لأميركا مقتدى الصدر، وبعد ذلك تحالف مع الأكراد، على الرغم من أن كليهما عارض إعادة انتخابه لولاية ثانية.

ولم يترك ذلك أمام علاوي خيارات كثيرة بعيدا عن الانضمام إلى حكومة جديدة بدور أقل أو البقاء في المعارضة.

وقال جمال البطيخ، وهو مشرع شيعي من قائمة علاوي «العراقية»: «لم نخطط لهذا ولم نرغب فيه، ولكن، بأمانة، نرغب في أن نكون في مفاصل الدول العراقية من أجل التنفس عبرها».

وقد ترك تردي «العراقية» البطيء والمنتظم - من التكتل الحاصل على أكبر عدد من الأصوات إلى لاعب ثانوي تحت منافس لها - شعورا بالإحباط لدى أنصار علاوي، وكثير منهم سنة ينظرون إلى حكومة تسيطر عليها الشيعة تحت رئاسة المالكي بشكوك كبيرة، إن لم يكن يحدوهم إزاءها عداء واضح. ويقول جاسم محمد علي الحكم، وهو صاحب فندق داخل بغداد: «حصل علاوي على 91 مقعدا، ولكن لم يكن في استطاعته الحصول على 92 مقعدا»، معربا عن إحباط من عجز علاوي عن الاعتماد على النجاح الانتخابي الذي حققه.

ولم يُقصَ السنة المنضوون تحت شعار «العراقية» بصورة كاملة، فقد أصبح أسامة النجيفي رئيسا للبرلمان، وقال علاوي إن تحالف «العراقية» سيحصل على 11 منصبا وزاريا في الحكومة الجديدة من بين 38 منصبا.

ويمكن أن يعطي إنشاء مجلس استراتيجي جديد - اقترحته إدارة أوباما وضغطت من أجل تشكيله - لعلاوي نفوذا أكبر. ومن المقرر أن يكون المجلس، الذي لم يتم الاستقرار حتى الآن على اسمه تحديدا وتركيبته، معادلا لمكتب رئيس الوزراء القوي. ولا يزال غير واضح ما إذا كان المجلس سيكون له حق النقض في ما يتعلق بقرارات يتخذها المالكي. ومن خلال صيغته في البداية، بدا أن المجلس سيقوض من نفوذ البرلمان، الذي من المقرر الآن أن يناقش سلطات المجلس خلال جلسة يعقدها يوم السبت.

ولم يعرب علاوي عن أسف عميق، ولكنه قال إنه منذ البداية يولي اهتماما أكبر بإيجاد حكومة شاملة لها تمثيل حقيقي أكثر من اهتمامه بالمناصب. (وقد أكد الاهتمام الأميركي بمشاركة علاوي اجتماع آخر مع السفير جيمس جيفري قبل المقابلة التي أجريت يوم الأربعاء بوقت قصير).

وقال علاوي: «القضية هنا هي كيف نشكل هذا التحالف، وكيف يمكن وضع أساس للمشاركة في السلطة خلال المستقبل، حيث إني أعتقد أن ذلك شيئا مهما من أجل تعزيز الديمقراطية وإنهاء الفترة الانتقالية».

لكن يشير أنصاره إلى أنه ضُغط عليه من جانب ائتلافه كي ينضم إلى حكومة يترأسها المالكي. وقال أحمد المهنا، وهو عضو في «العراقية»: «إذا تركت الأمور لعلاوي، أعتقد أنه ما كان ليقبل بالمنصب». وقال إن أعضاء التحالف السنة «اعتمدوا على علاوي من أجل إحداث توازن داخل الحكومة».

من جانبه، وجه علاوي انتقادات لتدخل إيران، التي ضغطت من أجل تشكيل حكومة يتزعمها الشيعة على الرغم من خلافاتها مع المالكي. وأرجع علاوي سبب التأخير في تشكيل الحكومة إلى طعون قانونية وسياسية في نتائج الانتخابات. ولكن لم يلق اللائمة على المالكي نفسه. وقال: «لسنا أعداء بصورة شخصية. نعم لدينا برامج مختلفة. ونعم لدينا خلفيات مختلفة». وقال إنه حدث اختراق خلال اجتماع جمع بين الاثنين مساء الثلاثاء. ويبدو أنه كان اجتماعا تصالحيا بصورة غير معتادة على ضوء تنازل علاوي الواضح. وقال علاوي: «كانت هذه المرة الأولى التي أعقد فيها اجتماعا إيجابيا معه».

* خدمة «نيويورك تايمز»