ساحل العاج تنزلق إلى شفا الحرب

المحكمة الدولية تهدد بملاحقات قضائية.. وأوروبا تستعد للتحرك مجددا دعما لوتارا

أعمال عنف اندلعت خلال مسيرة أراد أنصار وتارا تنظيمها تجاه مقر التلفزيون في أبيدجان أمس (أ.ب)
TT

انزلق الوضع في ساحل العاج إلى شفا الحرب أمس إثر وقوع مواجهات بين القوات المؤيدة للمرشحين المتنافسين في الانتخابات الرئاسية لوران غباغبو والحسن وتارا. وجاء هذا فيما حذر مدعي المحكمة الجنائية الدولية من أنه «سيعلن ملاحقات» بحق من يتسبب في أعمال عنف تسفر عن سقوط أرواح، ومصادقة البرلمان الأوروبي على قرار يطلب من الاتحاد الأوروبي اتخاذ «مبادرات جديدة» لدعم الحسن وتارا.

وحصل تبادل لإطلاق النار بالأسلحة الرشاشة والصاروخية في تييبيسو في وسط البلاد على بعد 40 كلم شمال العاصمة السياسية ياموسوكرو. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر عسكري عاجي قوله إن موكب سيارات رباعية الدفع تنقل عناصر في قوات التمرد السابق العاجية «القوات الجديدة» المؤيدة لوتارا حاول اجتياز حاجز تفتيش لقوات الدفاع والأمن الموالية لغباغبو. وأضاف هذا المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه: «لقد أطلقوا صواريخ عدة (من طراز آر بي جي 7) على موقعنا وقام عناصرنا بالرد. وقد انكفأوا كي يعودوا». كما قال مصدر في القوات الجديدة التي تسيطر على شمال البلاد منذ العام 2002 إن «إطلاق النار انطلق في تييبيسو. هدفنا تفكيك قوات الدفاع والأمن» للتقدم نحو ياموسوكرو.

وقال سكان محليون إن إطلاق النار تجدد في الساعات الأولى من فترة بعد الظهر في تييبيسو المدينة الصغيرة في وسط البلاد تسيطر عليها القوات الموالية لغباغبو على حدود المنطقة الفاصلة سابقا بين الفريقين المتحاربين منذ عام 2003. ولم تتوفر حصيلة فورية أمس حول ضحايا محتملين.

وفي العاصمة أبيدجان، قتل أربعة أشخاص على الأقل بالرصاص أمس أثناء محاولة معسكر وتارا تنظيم مسيرة باتجاه مقر التلفزيون الرسمي. وتبادل عناصر من قوات التمرد السابقة الموالية لوتارا رصاصا كثيفا مع عناصر قوات الدفاع والأمن الموالية لغباغبو أمام الفندق الذي يستعمله وتارا مقرا عاما في أبيدجان. ورفعت القوات الموالية لوتارا حاجزا قطع طريقها نحو مقر الإذاعة والتلفزيون حيث أراد غيوم سورو زعيم القوات الجديدة التوجه مع وزرائه وأنصاره لتنصيب المدير العام الجديد. وكان وتارا عين سورو رئيسا للوزراء.

كذلك، قتل أمس أيضا أربعة أشخاص آخرين على الأقل بالرصاص عندما فرقت قوات الأمن متظاهرين في أحياء شعبية. ففي حي عجمي (شمال) الشعبي قال مصور لوكالة الصحافة الفرنسية إنه شاهد جثث ثلاثة أشخاص قتلوا بالرصاص. وأفاد شهود بأنهم قتلوا برصاص قوات الأمن الموالية للوران غباغبو عندما حاول متظاهرون الوصول إلى مقر الإذاعة والتلفزيون في حي كوكودي المجاور. وفي حي كوماسي (جنوب) الشعبي أيضا شاهد صحافيون عناصر الصليب الأحمر ينقلون جثة قتيل أصيب أيضا بالرصاص.

واعتبرت المسيرة نحو مقر الإذاعة والتلفزيون العاجي الذي يعد من ركائز نظام لوران غباغبو، بمثابة رهان كبير في الصراع بين الرئيسين. وقد اعترفت الأسرة الدولية تقريبا برمتها بفوز وتارا في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ودعت غباغبو إلى التنحي من السلطة. ودعا غيوم سورو أمس الشعب إلى «التعبئة»، وقال: «أدعوكم إلى إلا تأبهوا بديكتاتورية الدبابات والمطالبة بحرية الإعلام المتعدد في وسائل إعلام الدولة».

وفي حي كوكودي الفخم أغلقت الطرق المؤدية إلى مقر الإذاعة والتلفزيون وانتشر العشرات من رجال الجيش والشرطة والدرك. وفي طرفي الشارع الكبير الذي يمر أمام مقر الإذاعة والتلفزيون تمركزت آليات مدرعة ومدافعها موجهة إلى خارج الطوق الذي يفرضه رجال الأمن وأصابعهم على الزناد.

وتحسبا لاندلاع مواجهات محتملة حذر مدعي المحكمة الجنائية الدولية ليوس مورينو أوكامبو في تصريح لتلفزيون «فرانس 24» من أنه «سيعلن ملاحقات» بحق كل من يتسبب في أعمال عنف تسفر عن سقوط أرواح. وعلى غرار فرنسا دعت عشرون منظمة غير حكومية من بينها الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش الطرفين إلى الهدوء.

وقدرت المنظمات عدد القتلى في البلاد منذ الانتخابات بـ«العشرات». وصادق البرلمان الأوروبي أمس على قرار طلب فيه من وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون اتخاذ «مبادرات جديدة» لدعم الحسن وتارا. ودعا البرلمان إلى نبذ العنف. وقال: «أدعو كافة الفاعلين العاجيين إلى احتواء أي محاولة تصعيد وتوتر ومنع أي مواجهات».

وقد طلب النواب الأوروبيون استقالة غباغبو ودعموا «قرار الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات عليه». من جانبه أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن خشيته من «استئناف الحرب الأهلية» في البلاد المقسمة إلى قسمين منذ محاولة الانقلاب سنة 2002. لكن الجيش الذي بقي مواليا لغباغبو حذر من أنه سيحمل الأمم المتحدة مسؤولية أعمال العنف إذا دعمت المسيرة.