بعد أميركا وإسرائيل.. طهران تتهم إسلام آباد بالتورط في التفجيرات الانتحارية

مسؤول باكستاني لـ«الشرق الأوسط»: الادعاءات أكاذيب

TT

اتهمت إيران مسؤولين باكستانيين، أمس، بالتورط في الهجوم الانتحاري الذي وقع جنوب شرق البلاد مؤخرا ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية «إرنا» عن علي عبد الله، نائب وزير الداخلية رئيس شعبة الأمن، قوله: «بعض المسؤولين الباكستانيين المحليين متورطون في العمل الإرهابي في جابهار». وأضاف أن المسؤولين «منحوا تصاريح للإرهابيين لعبور الحدود إلى داخل إيران». وتبعد مدينة جابهار الساحلية نحو 100 كيلومتر عن الحدود الباكستانية. وقال عبد الله إن «قاعدة الإرهابيين على الجانب الآخر من الحدود الباكستانية. وعلى الرغم من التحذيرات الكثيرة من جانب إيران، لم يفعل الجانب الباكستاني شيئا لاعتقال الإرهابيين». وذكرت آخر المعلومات الواردة من مكتب حاكم المحافظة أن ما لا يقل عن 34 شخصا قتلوا، وأصيب عشرات آخرون الأربعاء في تفجير انتحاري استهدف مسجدا بمحافظة سيستان بلوشستان، المتاخمة لباكستان وأفغانستان. وذكرت مصادر أن نحو 39 شخصا قتلوا، وأصيب أكثر من مائة آخرين. وأعلنت جماعة جند لله السنية المسلحة مسؤوليتها عن الهجوم. كما قال كاظم جلالي، المتحدث باسم اللجنة الأمنية في البرلمان إن الإرهابيين المتورطين في هجوم الأربعاء تلقوا تدريبهم في باكستان.

وقال جلالي للوكالة: «يتعين على باكستان توضيح موقفها تجاه هؤلاء الإرهابيين، ويتعين على حكومتنا اتخاذ خطوات جدية وعملية في هذا الصدد». وكان مسؤولون اتهموا الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية في وقت سابق بدعم جماعة جند الله.

وأدان الرئيس الأميركي باراك أوباما الهجوم الإرهابي باعتباره «عملا مشينا وجبانا»، بينما أدانه أيضا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «بأشد العبارات الممكنة». وقال مسؤولون إن إرهابيا قتل إلى جانب الضحايا عندما انفجرت قنبلته. كانت السلطات الإيرانية اعتقلت في وقت سابق هذا العام زعيم جند الله، عبد الملك ريغي، وأعدمته في يونيو (حزيران) في سجن إيفين بطهران.

جاء ذلك بينما أعلنت إيران أنها ألقت القبض على ثمانية أشخاص يشتبه في أنهم وراء التفجيرات التي ضربت مدينة جابهار حيث قال التلفزيون الإيراني نقلا عن مسؤول في وزارة المخابرات إن إيران قبضت أمس على ثمانية أشخاص تشتبه في أنهم مسؤولون عن تفجيرين انتحاريين في جنوب شرقي البلاد قتل فيهما 35 شخصا.

وأعلن متمردو جماعة جند الله السنية مسؤوليتهم عن التفجيرين اللذين وقعا خارج مسجد أول من أمس خلال احتفال الشيعة بذكرى عاشوراء قائلين إنه رد على إعدام زعيم الجماعة في يونيو (حزيران) الماضي. وكان عدد القتلى الذي أعلن 39 ولم يعرف على الفور لماذا اختلف العدد الذي أعلن في اليوم التالي وصار 35. ونقل التلفزيون الرسمي عن مصدر مطلع في وزارة المخابرات قوله: «في عملية خاصة للمخابرات نجح أفراد وزارة المخابرات في إلقاء القبض على ثمانية إرهابيين آخرين مسؤولين ومرتبطين بهذه الجريمة... في إقليم سيستان وبلوشستان هذا الصباح». وقال المسؤول الذي لم يذكر التلفزيون اسمه أن مثل هذه الهجمات توجهها أجهزة مخابرات الأعداء بهدف إيجاد حالة من انعدام الأمن ومنع تحقيق الرخاء الاقتصادي في منطقة جنوب شرقي البلاد. وكانت وكالة أنباء الطلبة نقلت عن مسؤول محلي قوله في وقت سابق أمس: ألقي القبض على إرهابي مرتبط بالهجومين قرب الحدود مع باكستان. وقال مسؤولون إيرانيون الأربعاء إن أحد المهاجمين قتل على أيدي الشرطة واعتقل آخر وهو يحاول الفرار من البلاد. وصرح وزير الداخلية مصطفى محمد نجار للتلفزيون الإيراني بان المهاجمين مرتبطون بباكستان ودربوا هناك. وسيستان وبلوخستان إقليم فقير يقع على حدود باكستان وأفغانستان ويتعرض لاضطرابات حيث تزعم أغلبية سكانه من السنة التعرض للتمييز على أيدي السلطات الشيعية. وتقول إيران إن جماعة جند الله مرتبطة بـ«القاعدة» وتتهم باكستان وبريطانيا والولايات المتحدة بدعمها لزعزعة الاستقرار في منطقة جنوب شرقي البلاد حيث تعيش الأقلية السنية في إيران. وردا على اتهامات المسؤولين الإيرانيين قال مسؤولون باكستانيون إن إسلام آباد تعاونت مع طهران عدة مرات منذ فبراير (شباط) الماضي في مكافحة الإرهاب الإقليمي. ووصف المسؤولون الاتهامات الإيرانية بأن مسؤولين باكستانيون قدموا تسهيلات لمنفذي التفجيرات الأخيرة بأنها أكاذيب.

وأشار مسؤول باكستاني لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاستخبارات الباكستانية هي التي قدمت معلومات لنظيرتها الإيرانية أدت إلى اعتقال زعيم منظمة جند الله عبد الله ريغي في فبراير الماضي. كما أشار المسؤولون الباكستانيون إلى أن استخبارات البلدين تتبادل المعلومات بشكل دوري عن جماعة جند الله، وأن إسلام آباد اعتقلت عبد الحميد الريغي شقيق زعيم جند الله في عام 2008 وسلمته إلى طهران. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية كثفت باكستان دورياتها الحدودية.

وفي إطار ردود الفعل أعلنت دمشق دعمها التام لموقف إيران في محاربة الإرهاب، وأدان مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية «بقوة» التفجيرين الإرهابيين اللذين وقعا أول من أمس في مدينة جابهار الإيرانية، وقال المصدر السوري المسؤول إن سورية «تدين بقوة التفجيرين الإرهابيين اللذين وقعا في مدينة جابهار في جمهورية إيران الإسلامية الشقيقة وراح ضحيتهما عدد كبير من الأبرياء بينهم أطفال ونساء». وأعرب عن دعم سورية «التام» لموقف إيران في محاربة الإرهاب، مؤكدا إدانة سورية «المطلقة لأي فعل إرهابي وتعبر عن أصدق تعازيها لقيادة وشعب جمهورية إيران الإسلامية ولأسر الضحايا الأبرياء».

وفي الوقت الذي لقيت العملية إدانة دولية وعربية واسعة، فإن إيران اتهمت المخابرات الأميركية والإسرائيلية بالقيام بهذه العملية، حيث اعتبر رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني أن التفجير الانتحاري أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص في مسجد بمدينة جابهار بإقليم سيستان بلوشستان جنوب شرقي البلاد «من عمل أجهزة المخابرات الأميركية والإسرائيلية».

وندد لاريجاني بشدة بالتفجيرات «الإرهابية»، مشيرا إلى أن «هذه العمليات الإرهابية تنفذ بأموال أجهزة المخابرات الأميركية والإسرائيلية». وأضاف لاريجاني أن هذه «الأعمال الإرهابية لن تمر دون رد». وقال إن «لأجهزة المخابرات الأميركية والإسرائيلية دورا في هذه العمليات الإرهابية وكذلك الاغتيالات التي استهدفت العلماء النوويين الإيرانيين»، مؤكدا أن مثل تلك الممارسات «لن تمر دون رد من قبل الشعب الإيراني».

وتقع مدينة جابهار في محافظة سيستان بلوشستان المحاذية لباكستان وأفغانستان، وتشهد المدينة أحداثا دامية مستمرة منذ 10 سنوات يقودها متمردون من البلوش السنة ضد الحكومة الإيرانية التي أعدمت زعيم جماعة جند الله بعد اعتقاله في ظروف غامضة. هذا ويتهم البلوش الحكومة الإيرانية بإقصائهم وعدم السماح لهم بممارسة حريتهم الدينية وقد كان آخر أعمال العنف العملية التي شهدتها المدينة في يوليو (تموز) الماضي والتي أدت إلى مصرع 27 قتيلا و250 جريحا. وكانت جماعة جند الله أعلنت مسؤوليتها عن هذا الهجوم.

وأدان مسؤولون لبنانيون منهم رئيس الوزراء سعد الحريري ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة وزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط, الهجوم الارهابي في إيران.