أسانج: التحقيق الأميركي غير قانوني.. وتم اعتقال وتعقب أشخاص يزعم أنهم مرتبطون بـ«ويكيليكس»

خبراء للكونغرس: يجب تحديث قانون الجاسوسية قبل استخدامه لمحاكمة مؤسس «ويكيليكس»

جوليان أسانج مؤسس موقع «ويكيليكس» في طريقه للقاء وسائل الإعلام أمس مبديا تخوفه من تسليمه إلى الولايات المتحدة (أ.ب)
TT

قال جوليان أسانج، مؤسس موقع «ويكيليكس» أمس، إنه يتعرض هو ومنظمته لتحقيق قاس من قبل السلطات الأميركية، بعدما كشف الموقع النقاب عن برقيات دبلوماسية سرية. وبعد يوم على إطلاق سراحه، قال من أمام المنزل الذي يقيم فيه في منطقة نورفولك ببريطانيا: «نواجه ما يبدو أنه تحقيق غير قانوني.. بعض الأشخاص الذين يُزعم أنهم مرتبطون بنا، تم اعتقالهم، وتعقبهم، وتمت مصادرة أجهزة الكومبيوتر الخاصة بهم، وما إلى ذلك..».

وردا على سؤال حول ما إذا كان يواجه مؤامرة أميركية، قال أسانج: «سأقول إن هناك تحقيقا قاسيا للغاية. سقطت الأقنعة عن البعض وتقوم وظائف البعض على ملاحقة القضايا الشهيرة».

وأفرجت محكمة بريطانية عن أسانج بكفالة لحين عقد جلسة بشأن ترحيله العام المقبل. وتريد السويد استجوابه حول مزاعم تتعلق بتحرش جنسي، لكن أسانج يقول إنه يتعين على السويديين أن يسوقوا الأدلة له أو لفريق الدفاع عنه، وأضاف أسانج: «وبالمثل فإنه في الولايات المتحدة لم يرد تعليق واحد حول ما يحدث، ويبدو أن هناك لجنة تحقيق كبيرة وسرية ضدي أو ضد منظمتنا».

ونفى أي معرفة ببردلي مانينغ، محلل مخابرات سابق في الجيش الأميركي، متهم بإمداد منظمته بتقارير سرية يمكن أن تؤدي لملاحقته قضائيا بتهمة التجسس في الولايات المتحدة، وقال أسانج في مقابلة مع برنامج «صباح الخير أميركا» الذي تذيعه شبكة «إيه بي سي» التلفزيونية الأميركية، إن نظام الكومبيوتر في «ويكيليكس» مصمم للحفاظ على سرية المصادر التي تمد المنظمة بوثائق حكومية حساسة، بما في ذلك البرقيات الدبلوماسية الأميركية السرية التي كشفت تقييمات خفية ومحرجة لزعماء العالم.

ووجه اتهام لمانينغ البالغ من العمر 23 عاما، وهو محلل مخابرات في الجيش الأميركي في وقت سابق من هذا العام بالحصول على شريط فيديو سري لهجوم بطائرة هليكوبتر وقع في عام 2007 أسفر عن مقتل أكثر من عشرة أشخاص في العراق، من بينهم مراسلان لوكالة «رويترز».

واتهم أيضا بأنه قام بتحميل أكثر من 150 ألف وثيقة من وثائق الخارجية الأميركية.

وتقول السلطات الأميركية إن مانينغ قام بتسريب بعض البرقيات التي حصل عليها، ولكنها رفضت الكشف عما إذا كانت هذه البرقيات هي نفس البرقيات التي نشرها موقع «ويكيليكس».

وتقول وسائل إعلام أميركية إن المدعين الأميركيين قد يتهمون أسانج بالتجسس ويطالبون بتسليمه للولايات المتحدة إذا تمكنوا من إثبات أنه ساعد مانينغ في الحصول على المواد السرية، وقال أسانج لشبكة «إيه بي سي»: «لم أسمع قط عن اسم برادلي مانينغ قبل نشره في الصحف»، وأضاف: «تقنية ويكيليكس مصممة من البداية للتأكد من أننا لا نعرف أبدا هوية أو أسماء الذين يقدمون لنا المواد. وفي النهاية هذه هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تضمن بها المصادر أن تظل مجهولة».

وأطلقت محكمة بريطانية سراح أسانج أول من أمس بكفالة قدرها 200 ألف جنيه إسترليني (312500 دولار أميركي)، بعد أن أمضى عشرة أيام في أكبر سجن في لندن.

وتطالب السويد بتسلمه لاستجوابه بشأن مزاعم بارتكابه جرائم جنسية بحق متطوعتين للعمل في «ويكيليكس». وقال أسانج للصحافيين فور أن أطلق سراحه إن قلقه الأكبر هو أن تحاول الولايات المتحدة أن تسلمه لمحاكمته، لا أن يرحل إلى السويد، وعبر أسانج ومحاموه عن قلقهم من أن يكون المدعون الأميركيون يستعدون لتوجيه تهمة التجسس لمؤسس «ويكيليكس» بسبب نشره الوثائق الدبلوماسية السرية.

وقال في مقابلة أخرى مع شبكة «إن بي سي» الأميركية: «ثمة خطأ فادح في هذا الوضع، وهناك شيء ما خطأ في الولايات المتحدة أن يجري تحقيق كهذا سرا ضدي، وفي الواقع ضد منظمتي.. ونرى الآن بالفعل دعوات خطيرة ضد صحيفة (نيويورك تايمز) أيضا».

ولكن إذا كان لدى الحكومة الأميركية أي أمل في محاكمة مؤسس «ويكيليكس»، فعليها أولا أن تتخطى عقبة أساسية كبرى، وهي قانون العقوبات القديم الذي تطبقه.

وأحد أكبر العوائق أمام واشنطن في حال محاكمتها الأسترالي أسانج القانون الأميركي المتعلق بالتجسس الذي يعود إلى قرن مضى، ويقول الخبراء إنه نادرا ما وضع قيد التنفيذ وعفا عليه الزمن.

وقال خبراء أدلوا بشهاداتهم أمام لجنة من الكونغرس الخميس إن قانون التجسس العائد لعام 1917 الذي يمكن أن يشكل أساسا لمحاكمة أسانج، تشوبه عيوب كبيرة. وقال المحامي آبي لويل في شهادته إن هناك «عيوبا في اللغة» والقانون القديم (يعنى كلمات ليس لها معنى) في المصطلحات القانونية الحالية.

ولن يتمكن المسؤولون الأميركيون من استخدام «قانون التجسس» لتوقيف أسانج أو استخدام ذلك القانون لمنع نشر مثل تلك الوثائق المضرة في المستقبل، وأشار الخبراء في جلسة أول من أمس، إلى أن الغاية من القانون منع أعمال تجسس «كلاسيكية» يستخدم فيها الجواسيس أساليب الخلسة والمكر لجمع أسرار خاصة بالحكومات أو شركات الأعمال، غير أن القانون لا يصلح لمحاربة نشر تسريبات في «عصر رقمي» كالبرقيات التي نشرها «ويكيليكس»، وقال إنه سينشر ما يصل إلى 250 ألف وثيقة سرية في الأسابيع المقبلة.

ويقول الخبراء إن القانون بحاجة لتعديلات أو حتى إصلاح كبير قبل اعتباره أداة مفيدة لحفظ الأسرار الأميركية، وقالوا أيضا إن الوقت ربما حان لإعادة النظر في مسألة تصنيف الوثائق في خانة السرية التي تستخدم بشكل مبالغ فيه. وقال المحامي كينيث واينشتاين إن هناك مخاطر في مباشرة المحاكمة بموجب القانون الحالي الذي وضع قيد التنفيذ للمرة الأخيرة في الحرب العالمية الثانية. وقال إن «المخاطر بالنسبة للحكومة كبيرة جدا»، نظرا للحرص الدستوري على حق حرية التعبير، وهو مبدأ بغاية الأهمية في الولايات المتحدة. وقال واينشتاين: «من الصعب التكهن بما قد تطلبه المحكمة كأدلة على النيات والضرر على الأمن الوطني قبل الإذن بمباشرة المحاكمة، إذ إن أي مؤسسة إعلامية لم تمثل أمام المحكمة بتهم التسريبات، مما يجعل هذا المجال غير معروف».