عاصفة ثلجية غير مسبوقة توقع أوروبا في فوضى.. وتصيب حركة النقل الجوية بشلل

إغلاق طرقات ومحاصرة الآلاف داخل سياراتهم في بريطانيا.. ومسافرون عالقون بمطارات فرنسا وهولندا وألمانيا

TT

تسببت العاصفة الثلجية القاسية التي ضربت أوروبا، أمس، في فوضى شلت الحركة العامة في الكثير من البلدان الأوروبية، في فترة تشهد عادة حركة تنقل كبيرة، قبل عيد الميلاد. وأغلق عدد من المطارات وألغي الكثير من الرحلات الجوية في أنحاء بريطانيا وألمانيا وفرنسا وهولندا وإسبانيا. وتعطلت حركة القطارات وأغلق الكثير من الطرقات الرئيسية مما تسبب في محاصرة المئات من المسافرين في سياراتهم.

وفي بريطانيا حيث هبطت درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، تسببت كثافة الثلوج التي سقطت أمس، في إغلاق مطاري هيثرو وغاتويك، أكبر مطارين في البلاد، ريثما يتمكن العاملون من إعادة فتح المدرج. كما أعلنت كبرى شركات الطيران البريطانية، «بريتش إيروايز»، عن إلغاء كل الرحلات الجوية القصيرة المدى، داخل بريطانيا وإلى أوروبا، بينما وعدت بتسيير الرحلات الطويلة في وقت متأخر من يوم أمس، إذا سمحت الأحوال الجوية. وعادة ما تكون نهاية الأسبوع الحالي الأكثر ازدحاما بالمسافرين لكونها تسبق أعياد الميلاد.

وكان من المفترض أن يستقبل المطاران خلال يومي السبت والأحد نحو 840 ألف راكب. وتسببت موجة الصقيع أيضا في حصول اضطراب في حركة المطارات البريطانية الأخرى. وتفيد أجهزة الرصد الجوي البريطانية أن شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يتجه إلى أن يكون أبرد ديسمبر منذ عام 1910، حين بدأ تسجيل معدلات الحرارة. ووصلت درجة الحرارة إلى ما دون 13 درجة في باكينغهامشاير، وإلى 11 تحت الصفر في منطقة مطار غاتويك جنوب لندن.

وعمت الفوضى في مطار هيثرو حيث طلب مسؤولو المطار من المسافرين الذين ألغيت رحلاتهم التوجه إلى منازلهم من دون الانتظار لأخذ حقائبهم من الطائرة، والإبلاغ عن حقائب ضائعة لتسلمها في ما بعد، وتعتبر هذه الفترة الأكثر ازدحاما في مطار هيثرو حيث يسافر نحو 200 ألف شخص عبر مطار هيثرو لقضاء عطلات الميلاد ورأس السنة. وقالت ناطقة باسم شركة الطيران البريطانية، التي تشغل مطار هيثرو، إن هذه العاصفة تتسبب في خسائر فادحة للشركة، وإن قرار وقف الطيران ليس «قرارا نأخذه ببساطة». وأضافت: «لا نريد للمسافرين أن يتجهوا إلى المطار ويعلقوا هنا من دون أن يتمكنوا من العودة لا بالسيارة ولا بالطائرة». وأشارت إلى أن شركة الطيران تؤمن المأكل والمشرب للمسافرين، وتضع البعض في غرف فنادق.

وفي مطار غاتويك، جنوب لندن، عملت نحو 50 آلة جرف للثلج على تنظيف المدرج خلال اليوم في محاولة يائسة لإعادة فتح المطار، حيث كان من المفترض أن تقلع أكثر من 600 رحلة جوية. إلا أنها ريثما انتهت الجرافات من تنظيف المدرج، عاد الثلج الذي كان لا يزال يتساقط بغزارة، وغطى المكان. وتحتم القوانين الأوروبية وقف رحلات الطيران، إذا كان مستوى الثلج أكثر كثافة من 3 سنتيمترات. وقال ناطق باسم مطار غاتويك: «أكثر من 3 سنتيمترات من الثلج تجمعت على المدرجات، ولم يعد آمنا إبقاؤه مفتوحا».

وفي مطار فرانكفورت في ألمانيا، ألغيت نحو 170 رحلة صباح أمس بحسب ما ذكر ناطق باسم المطار. وأمضى نحو 2500 مسافر ليل الجمعة/ السبت في المطار. ونصحت شركة «لوفتهانزا» الألمانية الركاب الذين يملكون تذاكر للسفر على متن خطوطها الجوية، إلى استخدام هذه التذاكر للسفر عبر خطوط السكك الحديدية.

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية، أن الفوضى في حركة الطيران في مطار فرانكفورت، أكبر مطارات ألمانيا، تطورت إلى الأسوأ عندما عمت حالة من الغضب جمعا من المسافرين في المطار. وأفاد شهود عيان بأن الشرطة الألمانية تدخلت لتهدئة ثورة المسافرين الغاضبين. واندلعت ثورة الغضب بين المسافرين بسبب تأخير رحلاتهم وانتظارهم بالمئات في طابور طويل امتد بطول صالة المغادرة (1) انتظارا لإتمام شحن حقائبهم. وسرى اعتقاد بين هؤلاء المسافرين بأن مطار فرانكفورت لم يتعامل بشكل جيد مع مشكلات الشتاء بالشكل الذي أدى إلى تأخر رحلات عدد كبير من المسافرين الذين يحاولون العودة إلى بلادهم قبل أعياد الميلاد.

كما أعرب بعض المسافرين عن اعتقادهم بأن موظفي شركة «لوفتهانزا» للطيران يؤدون عملهم ببطء شديد. وذكر متحدث باسم مطار فرانكفورت أن عدد الرحلات التي ألغيت مجددا حتى ظهر اليوم بسبب الطقس السيئ وصل إلى 172 رحلة. وتجدر الإشارة إلى أن هناك الكثير من المسافرين الذين ينتظرون منذ أول من أمس في المطار للإقلاع أو استكمال رحلاتهم قبل أسبوع أعياد الميلاد. وذكر المتحدث أنه رغم إزالة الجليد من مدارج الإقلاع والهبوط، فإن الوضع في المطار لا يزال متوترا بسبب إغلاق مطارات أوروبية أخرى حاليا.

وشهدت إيطاليا أيضا تساقط ثلوج كثيفة في توسكاني (وسط)، وكذلك بعض الثلوج في روما ونابولي وكابري (جنوب). وفي شمال إيطاليا ألغيت الرحلات الجوية في فلورنسا لبضع ساعات خلال اليوم. وفي بروكسل لم تقلع الطائرات التي كان يفترض أن تتجه إلى لندن وميونيخ وأمستردام، كما تأخر إقلاع الطائرات المتجهة إلى روما. ولقي ثلاثة أشخاص على الأقل حتفهم في إيطاليا بسبب حوادث تتعلق بالثلوج في غضون 24 ساعة فقط، وفقا لما ذكرته تقارير إخبارية.

وفي هولندا أمضى نحو 3 آلاف راكب ليلة الجمعة/ السبت في مطار أمستردام شيبول، حيث ألغيت عشرات الرحلات بسبب تساقط الثلوج. كما أدى تساقط الثلوج وانتشارها على الطرقات إلى فوضى في الطرقات البرية في كل من إيطاليا وبريطانيا وفرنسا.

ومن فوضى النقل الجوي إلى فوضى النقل البري، إذ أمضى المئات من سائقي السيارات ليلتهم داخل سياراتهم في شمال وغرب إنجلترا وشمال إيطاليا، ووصل سمك الثلوج أحيانا إلى 40 سنتيمترا، وفي لندن وحدها وصلت كثافة الثلوج إلى 15 سنتيمترا. وتأثرت أيضا حركة السكك الحديدية، إذ ألغيت الكثير من الرحلات التي تصل لندن بباقي المدن، بينما سيرت معظم شركات النقل خدمة محدودة.

وفي بريطانيا، تقطعت السبل بمئات السيارات خلال الليل على طريق سريع في منطقة لانكشاير بعد وقوع حادثة لإحدى الشاحنات. وسقطت ثلوج جديدة مكونة طبقة سمكها 20 سنتيمترا مساء أمس على بعض المناطق بشمال غربي إنجلترا.

وسجل تأخير في مواعيد رحلات قطارات اليوروستار بين لندن وباريس. وفي محطة فلورنسا سانتا ماريا نوفيلا الأساسية للسكك الحديدية بين ميلانو وروما، توقفت الحركة وسعت السلطات إلى إيجاد مكان لمبيت نحو خمسة آلاف راكب. ونصبت أمام محطة بيزا في إيطاليا خيمتان مدفأتان لاستقبال المسافرين العالقين. وفي فرنسا عرقلت حركة السيارات بشكل واسع خصوصا بسبب وقوع الكثير من الحوادث الناتجة عن الجليد على الطرقات. وتسبب الطقس السيئ وتساقط الثلوج في تأجيل أربع مباريات كانت مقررة يوم أمس ضمن فعاليات المرحلة الثامنة عشرة من الدوري الإنجليزي لكرة القدم. وتأجلت مباريات آرسنال مع ستوك سيتي وليفربول مع فولهام وويغان مع أستون فيلا وبرمنغهام مع نيوكاسل، بعدما أكد الحكام صعوبة إقامة المباريات في هذا الطقس السيئ، حيث أغرقت الثلوج أرضية الملاعب الأربعة التي كانت مقررة لاستضافة المباريات. وفي نفس الوقت، أفلتت مباراتا سندرلاند مع بولتون وبلاكبيرن مع ويستهام من التأجيل لتقاما في موعديهما اليوم ضمن نفس المرحلة.