وزير الخارجية الإيراني بالإنابة: السعودية تستحق علاقات مميزة.. وبإمكاننا حل كثير من المشكلات

متقي يتغيب عن حفل لتوديعه.. ومستشار نجاد: الوزارة تلوثت بالحزبية والفئوية

علي أكبر صالحي، وزير الخارجية الإيراني بالإنابة، (يسار) يجلس خلال حفل في وزارة الخارجية الإيرانية ويظهر إلى جانبه نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي متحدثا إلى مسؤولين في وزارة الخارجية (رويترز)
TT

امتنع وزير الخارجية الإيراني المقال، منوشهر متقي، عن حضور مراسم حفل لتوديعه أقيم أمس في مبنى وزارة الخارجية الإيرانية في طهران، بعد إعلان إقالته مؤخرا. ومن جانبه، حضر علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية ووزير الخارجية بالإنابة الحفل، وصرح بأن أولوياته ستكون تعزيز العلاقات مع دول الجوار، وخصوصا مع السعودية وتركيا، كما لوح بغصن الزيتون لأوروبا.

واهتمت وكالات الأنباء الإيرانية بتغيب متقي عن حفل التوديع، ونقلت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية شبه الرسمية عن محمد رضا رحيمي، النائب الأول للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، قوله في الحفل إن الأخير تباحث مع متقي حول تسلمه منصبا آخر.

وبحسب الوكالة، فقد قدم رحيمي شكره للجهود التي قام بها متقي، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الإيراني المقال، «يتصف على الدوام بالتدين والولاء للجمهورية الإسلامية وولاية الفقيه وقائد الثورة الإسلامية من خلال مختلف المناصب التي شغلها كعضو في مجلس الشورى الإسلامي، وعمله سفيرا للجمهورية الإسلامية في عدة دول، ومساعدا للخارجية، إضافة إلى عمله لمدة 5 سنوات وزيرا للخارجية عمل فيها بكل مثابرة وإخلاص».

لكن المسؤول الإيراني عجز عن توضيح أسباب تغيب متقي عن الحفل الذي أقيم على شرفه، وقال: «كان من المقرر إقامة حفل آخر للإعراب عن شكرنا له وللخدمات التي قدمها حتى الآن، على أننا سوف نستفيد من تلك الخدمات الجليلة في مجالات أخرى».

وكان نجاد قد أعلن عن إقالة متقي الأسبوع الماضي بشكل مفاجئ، خلال تواجد الأخير في السنغال، بعد خلافات متصاعدة بين الطرفين، عزتها مصادر إيرانية إلى أنها تعود على الأرجح إلى معارضة متقي لرغبة الرئيس الإيراني في قيام «دبلوماسية موازية» لوزارة الخارجية، تسلم إلى مجموعة صغيرة من مستشاريه القريبين.

وبحسب وكالة أنباء «مهر» الإيرانية فقد أكد رحيمي حاجة السلطات الإيراني إلى خدمات متقي، مؤكدا أنه سبق للرئيس الإيراني أن «أبلغ متقي بأنه ينوي إنهاء فترة عمله في الخارجية، وإقالته لم تكن مفاجئه بالنسبة له (متقي)».

وأضاف رحيمي أن «متقي كان حتى آخر لحظة يتمتع بروح مفعمة بالحيوية والنشاط والعمل الدبلوماسي، ومن هذا المنطلق قام بآخر مهمة عمل إلى السنغال، وأن الحكومة تأمل في أن يبقي منوشهر متقي عضوا في مجلس الوزراء، ويستمر في تقديم الخدمات اللازمة لهذه الحكومة».

كما أشاد رحيمي أيضا بخبرة علي أكبر صالحي، القائم بأعمال وزارة الخارجية الجديد، في مجال العمل الدبلوماسي، قائلا إن «صالحي سوف يعطي دفعا إلى الخارجية، خاصة فيما يتعلق بموضوع الملف النووي الإيراني، حيث إن صالحي له خبرة في هذا المجال».

إلا أن المستشار الصحافي للرئيس الإيراني، علي أكبر جوانفكر، الذي يشغل منصب المدير العام لوكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا)، أدلى في وقت لاحق بتصريحات مغايرة، بأن السبب الأهم وراء تغيير متقي هو «العمل على تحقيق تحولات واسعة في أداء جهاز السياسة الخارجية للبلاد».

ونقلت «إرنا» عن جوانفكر في أول إقرار رسمي بالخلافات داخل السلطة الإيرانية، وانتقاد معلن للوزير المقال، كان رحيمي قد حرص على عدم إظهاره، أنه «خلال الأعوام الأخيرة وما تستوجبه سياسات الحكومة الراهنة، لم نشهد تحولا خاصا في وزارة الخارجية، وأن النجاحات التي حققتها البلاد من ناحية السياسة الخارجية تعود لمبادرات رئيس الجمهورية وحضوره في مختلف دول العالم».

وأضاف جوانفكر: «كان من الضروري أن يتابع منوشهر متقي سياسات رئيس الجمهورية، وبالإجمال رغبات الحكومة، وإيصالها إلى النتائج المتوخاة منها، ولكن الذي كان من المفروض أن يتم لم يتحقق».

وأضاف أن «النقائص الموجودة في السياسة الخارجية للبلاد استوجبت هذا التغيير».

وأشار جوانفكر إلى أن «وزارة الخارجية جهاز واسع، وفي ضوء خصائصها الفنية والتخصصية فمن اللازم أن تكون بعيدة عن أي توجهات حزبية أو فئوية خاصة»، وأوضح قائلا: «من المؤكد أنه في حال تلوث هذه الوزارة وهيكليتها بالقضايا السياسية الحزبية والفئوية، فإن البلاد والشعب سيتضرران في مجال تحقيق المصالح الوطنية»، في إشارة ضمنية إلى التقارب بين متقي ورئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، الذي كان قد وجه انتقادات لسياسات نجاد الداخلية وخططه.

وبدوره، أكد صالحي بعد توليه رسميا مهامه على رأس وزارة الخارجية، أن أولويته الكبرى تكمن في تعزيز العلاقات مع السعودية وتركيا.

وقال صالحي (61 عاما) الذي يدير برنامج إيران المثير للجدل بعد توليه منصبه، كما يشغل منصب نائب الرئيس الإيراني، إن «أكبر أولويات إيران دبلوماسيا ينبغي أن تكون الجيران والعالم الإسلامي. وفي هذا الإطار للسعودية وتركيا مكانة خاصة».

وتابع صالحي الذي يتكلم الإنجليزية والعربية بطلاقة أن «السعودية تستحق إقامة علاقات سياسية مميزة مع إيران، وأن إيران والسعودية يمكنهما كدولتين فاعلتين في العالم الإسلامي حل كثير من المشكلات معا».

وتكتسب تصريحات صالحي حول السعودية أهمية خاصة بعد كشف موقع «ويكيليكس» عن مذكرات دبلوماسية أميركية تظهر هاجس الرياض من تهديدات طهران. من جهة أخرى، تعززت العلاقات في الأشهر الأخيرة بين طهران وأنقرة.

وقال صالحي إن «تركيا دولة قوية تتمتع بموقع استراتيجي وتشاطر إيران أسسا ثقافية وعقائدية»، وأضاف أن إيران والاتحاد الأوروبي «سيستفيدان» إذا غير الاتحاد الأوروبي موقفه حيال طهران، «من المواجهة إلى التفاعل في أسرع وقت».

وشدد على أنه «على الرغم من عدد من التحركات غير العادلة التي أجراها الاتحاد الأوروبي، فإنه يريد علاقات يسودها الاحترام مع إيران لعدد من الأسباب من بينها الطاقة».

وبينما لوح صالحي بغصن الزيتون أمام الدول الأوروبية، فإنه لم يذكر العلاقات مع الولايات المتحدة التي يشار إليها غالبا في إيران بـ«الشيطان الأعظم»، كما أنه لم يشر إلى إسرائيل. كما حث صالحي على أهمية تحسين العلاقات مع سورية والعراق وأذربيجان وأفغانستان وباكستان وروسيا والصين.

وتسلم صالحي منصبه في حفل تسلم وتسليم من سلفه متقي (57 عاما)، وقالت وسائل الإعلام الإيرانية إن صالحي سيبقى إلى أن يوافق مجلس الشورى رسميا على تعيينه.

ويلزم القانون الإيراني رئيس الدولة بعرض تعيينات الوزراء على مجلس الشورى للموافقة عليها. وكان صالحي عينا على رأس منظمة الطاقة الذرية في يوليو (تموز) 2009، برتبة نائب رئيس، مباشرة بعد إعادة انتخاب أحمدي نجاد رئيسا، وتسلم صالحي منصب سفير إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية طيلة أربع سنوات حتى يناير (كانون الثاني) 2004. وقد درس الفيزياء النووية في مؤسسة «ماساتشوستس للتكنولوجيا» في الولايات المتحدة (إم إي تي) الذائعة الصيت، وكان الغربيون ينظرون إليه على أن مواقفه معتدلة.