لبنان يتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل.. بسبب زرع منظومتي تجسس

نائب من حزب الله لـ «الشرق الأوسط»: لا أمل لدينا بأن تردع الأمم المتحدة العدو.. ولكن الخطوة جيدة جدا

رئيس الجمهورية ميشال سليمان وقرينته وفاء سليمان يشاركان في حفل أقيم لأبناء أعضاء الحرس الجمهوري بمناسبة أعياد الميلاد (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

بعد ثلاثة أيام على اكتشاف الجيش اللبناني بالتنسيق مع حزب الله منظومتي تجسس إسرائيليتين في منطقتي الباروك وصنين، تقدمت وزارة الخارجية والمغتربين عبر بعثة لبنان الدائمة في الأمم المتحدة بنيويورك بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، مؤكدة على أن «زرع هاتين المنظومتين في عمق الأراضي اللبنانية يشكل انتهاكا صارخا للسيادة اللبنانية وللقوانين والأعراف الدولية ولقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701». وذكرت الشكوى اللبنانية أن «هذا الخرق يهدد السلم والأمن الدوليين، كما أنه يمثل عملا عدوانيا ضد الأراضي اللبنانية ويؤكد مجددا استهتار إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة».

وبينما طالب وزير الخارجية والمغتربين، علي الشامي، الاتحاد الأوروبي بالضغط على إسرائيل للانسحاب الفوري من جميع الأراضي اللبنانية وتطبيق القرارات الدولية بما فيها القرار 1701، وصف النائب عن حزب الله، بلال فرحات، التحرك اللبناني في اتجاه مجلس الأمن بـ«الجيد جدا». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لدينا ولو أمل ضئيل بأن تقوم الأمم المتحدة بخطوات لإلجام العدو عن انتهاكاته اليومية للأراضي والأجواء اللبنانية، ولكن يبقى احتجاجنا أمام المجتمع الدولي أساسيا ليدرك العالم أن إسرائيل لم تلتزم يوما بالقرار 1701، وهي تتمادى بانتهاك حرمة الكيان اللبناني خارقة كل الخطوط الداخلية». وشدد فرحات على أن نجاح «المقاومة والجيش بالكشف عن هذه الشبكة يؤكد أن لبنان يقوم بثالوثه المقدس (المقاومة والجيش والشعب) ولا جدوى للواحد دون الآخر»، وأضاف: «التعاون والتنسيق الدائمان بين المقاومة والجيش استراتيجية أساسية للحفاظ على لبنان وكيانه، خاصة أنه يتأكد لنا يوميا أن المؤامرة الإسرائيلية لا تقتصر عند تدمير المقاومة، بل تهدف إلى تدمير الكيان اللبناني ككل».

وكانت وحدة متخصصة من الجيش اللبناني قامت بتفكيك المنظومة الأولى الموجودة في منطقة صنين، وهي عبارة عن خمسة أجزاء تحوي نظاما بصريا، ونظام إرسال الصورة، ونظام استقبال إشارات التحكم بالمنظومة، وإدارة التحكم بالمنظومة، ومصادر تغذية المنظومة بالطاقة.

وتعمل هذه المنظومة بتقنية فنية عالية، تصل إلى حد الكشف عن أهداف بعيدة المدى وتحديدها بشكل دقيق، وتحديد إحداثيات أهداف أرضية لتسهيل ضربها. كما يعمل الليزر حتى حدود الـ20 كلم، بما يؤمن تغطية كامل السلسلة الشرقية ومنطقتي صنين والباروك والمناطق المجاورة، ونقل ما يجري فيها. أما المنظومة التجسسية الثانية التي اكتشفت في منطقة الباروك، فهي عبارة عن صخرتين مموهتين زرعتا على ارتفاع 1715 مترا، تحوي جهاز استقبال وإرسال يغطي معظم بلدات البقاع الغربي والأوسط وصولا إلى المناطق السورية، وعدد كبير من بلدات الجنوب وصولا إلى حدود فلسطين المحتلة.

وأوضح الخبير في حقل الاتصالات، العميد المتقاعد محمد عطوي، أن «ما تم اكتشافه لا علاقة له بوسائل الاتصالات كما يشاع، فالشبكة ليست لتمرير المكالمات الهاتفية، بل شبكة مراقبة لتصوير مواقع القوى الأمنية والمقاومة».

وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، أكد عطوي أن «المنظومتين زرعتا مباشرة بعد حرب يوليو (تموز) 2006، وما يدل على ذلك أنهما مزودتان ببطاريات من نوع (الركينة الناشفة) التي تدوم من 4 إلى 5 سنوات»، وقال: «العدو بعد هزيمته في حرب يوليو أراد تحديث بنك معلوماته عن المقاومة، وبالتالي بدأ في زرع منظومات التجسس والعملاء أينما كان، علما بأن مواقع المنظومات المكتشفة مؤخرا أساسية استراتيجيا وجغرافيا، لأن الكاميرات المزروعة كانت قادرة على تصوير مواقع القوى الأمنية ومواقع المقاومة، بالإضافة إلى مراكز رادارات الجيش السوري الموجود على الحدود اللبنانية - السورية».

ولفت عطوي إلى أن «الكشف عن هاتين الشبكتين قد تم إما حسيا، أي من خلال فنيي المقاومة، وإما، وهو المرجح، إلكترونيا، إذ إن هذه الأجهزة تبث إشارات يمكن التنصت عليها وتحديد مراكزها»، وأضاف: «في حال كانت قد اكتشفت إلكترونيا يكون حزب الله قد دخل عالم الحروب الإلكترونية المجهولة لدى كل الجيوش العربية».

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية نقلت عن مصادر أن «منظومتي التجسس والتصوير اللتين أعلن الجيش اللبناني عن الكشف عنهما في منطقتي صنين والباروك ليستا من الجيل المتقدم، وأن حزب الله كان قد اكتشفهما قبل عدة سنوات وليس قبل عدة أيام أو أشهر».

وتحت عنوان «خدعة حزب الله» نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن هذه المصادر قولها، إن «الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله استخدم معلومات غير جديدة لتحويل الأنظار اللبنانية عن القرار الظني المقرر صدوره قريبا، والمرتقب أن يلقي المسؤولية في اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري على عاتق الحزب».

وفي المقابل، توالت المواقف اللبنانية المهنئة بالإنجاز اللبناني والمستنكرة للخروقات الإسرائيلية المستمرة. وفي هذا الإطار، اعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير»، النائب أيوب حميد، أن «استمرار العدو الإسرائيلي في زرع منظومات التجسس وشبكات العملاء، فضلا عن تماديه في خروقات السيادة الوطنية، يؤكد الخطورة العدوانية الإسرائيلية، ويستدعي من الجميع التنبه لهذا الخطر والتمسك بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة»، وشدد عضو الكتلة نفسها، النائب علي عسيران، على أن «الشعب اللبناني بجميع فئاته سيتصدى للحرب الإسرائيلية ضد لبنان بكل الأدوات والأشكال»، لافتا إلى أن «معادلة الجيش والشعب والمقاومة وحدها هي الكفيلة بصد كل مؤامرات إسرائيل ضد هذا الوطن».