مصادر سورية لـ «الشرق الأوسط»: الأسد وساركوزي ناقشا كيفية احتواء التوتر في لبنان

نائب عوني ينفي سعي المعارضة إلى إشعال «الفتنة» بسبب محكمة الحريري

TT

قالت مصادر سورية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن الرئيسين السوري بشار الأسد والفرنسي نيكولا ساركوزي، ركزا خلال لقائهما الأخير في باريس على مسألتين، الأولى «كيف يمكن دفع الحوار اللبناني لاحتواء التوتر، والثانية الدور الذي من الممكن أن تلعبه فرنسا لمنع تسييس المحكمة». وأكدت المصادر أن سورية «تبذل جهدا كبيرا مع أطراف إقليمية ودولية من أجل دعم الاستقرار في لبنان». وكانت «الشرق الأوسط» قد نقلت عن مصادر فرنسية قولها إن ساركوزي طلب من الأسد خلال لقائهما، أن يتوسط لإلجام أي عمل عسكري قد يتفجر عن إصدار المحكمة الخاصة بلبنان قرارها الاتهامي، الذي من المرجح أن يدين أعضاء من حزب الله. ولم تتمكن «الشرق الأوسط» من الحصول على رد رسمي سوري حول ذلك.

ولكن المصادر السورية قالت إن دمشق «تؤكد دائما على أن حل الأزمة في لبنان يقوم على الحوار»، وأن سورية ليست مع «الاحتكام إلى القوة، سواء أكانت داخلية أم خارجية، فهو لن يأتي بالحل». وبينت المصادر أن سورية تبذل جهدا كبيرا مع أطراف إقليمية ودولية من أجل «دعم الاستقرار في لبنان». وذكّرت المصادر بموقف سورية فيما يخص القرار الاتهامي، وهو «رفض أي قرار اتهامي للمحكمة الدولية غير مبني على أدلة قاطعة»، وأنه «عندما يكون القرار مبنيا على أدلة قاطعة، فإن الجميع يقبله وليس فقط سورية، بل أيضا لبنان، ولكن إذا كان القرار مبنيا على شبهات أو تدخل سياسي فلا أحد سيأخذ القرار على محمل الجد».

وفي بيروت، فضل أحمد فتفت، النائب في كتلة «المستقبل» التي يتزعمها رئيس الحكومة سعد الحريري، عدم التعليق على طلب باريس من سورية العمل على إلجام أي عمل عسكري في لبنان. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات بين الدول تحتمها المصالح المشتركة»، معربا عن قناعته بأنه «لدى الإخوة في سورية الكثير من التقدير للمصلحة اللبنانية - السورية المشتركة، التي تنبع من المصلحة التي تحددها ديمومة العلاقة القائمة بين البلدين».

ومن المتوقع أن ترخي إجازة الأعياد بثقلها على مجمل المشهد السياسي في لبنان، بالتزامن مع إشارة القوى السياسية الفاعلة إلى مسؤوليها بوجوب التهدئة في الخطاب السياسي. وعلى الرغم من أهمية هذه التهدئة التي بدأ سريان مفعولها عمليا بعد محطتي تمرير مجلس الوزراء بـ«أفضل ما يمكن» في ظل الانقسام السياسي الحاصل حول ملف شهود الزور، وإطلالة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأخيرة، فإنه من المؤكد أن التهدئة المفروضة بالقوة لا تعكس على الإطلاق نضج حلول ما، بل تأجيلها واستمرار التعطيل في المدى المنظور على كل المستويات.

وفي حين تستبعد الأوساط السياسية اللبنانية إمكانية إقدام المحكمة الدولية على أي خطوة جديدة فيما يتعلق بالقرار الاتهامي قبل نهاية العام الحالي، لا سيما مع بدء موظفي المحكمة إجازاتهم في الأيام المقبلة، وفي مقدمهم المدعي العام دانيال بلمار، لا يزال السجال السياسي مستمرا في بيروت حول المحكمة الدولية، على ضوء تشكيك فريق «8 آذار» بمصداقيتها وإصراره على موقفه من ملف شهود الزور.

من جهته، قال النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» برئاسة النائب ميشال عون، حكمت ديب، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، تعليقا على الطلب الفرنسي من سورية بالتدخل: «هذه التسريبات تصور فريق المعارضة وكأنه الفريق المعرقل الذي يريد الفتنة ويلعب بالاستقرار»، مشيرا إلى أن «هذا الكلام مرفوض، لأن قرارنا نابع من ذاتنا ونحن ضنينون بالاستقرار وإبعاد شبح الفتنة عن لبنان، ومن هنا تأتي مطالبتنا بحل شهود الزور لنلج إلى الحقيقة». وأضاف أن «الأعياد تفرض نفسها من دون أن يكون قد تم التوصل إلى حلول للمسائل الخلافية، وفي مقدمها شهود الزور»، مؤكدا إصرار فريقه السياسي على متابعة هذا الملف من أجل الكشف عن القتلة والتوصل إلى الحقيقة.

وفي إطار أبرز المواقف الصادرة في بيروت، أوضح وزير العمل، بطرس حرب، أنه «عندما سأل وزير خارجية العراق هوشيار زيباري عن موعد إعلان القرار الاتهامي للإعلام، قيل له إن الأمر سيتأخر إلى ما بعد عيد رأس السنة، لأنه إذا قدم القاضي دانيال بلمار تقريره اليوم فإنه لن يصدر قبل عشرة أسابيع، ومن أجل ذلك قيل إنه سيتأخر»، مشيرا إلى أن «القول بأن هناك مساعي لتأجيل القرار يعني أن هناك قدرة على التحكم في عمل المحكمة، وأنا أعتقد أن ذلك يضرب مصداقيتها».

وكشف النائب في تيار «المستقبل»، هادي حبيش، عن أنه وزميله النائب سمير الجسر قد كلفا بإعداد رد بالوقائع القانونية على ما ورد في المؤتمر الصحافي الأخير لرئيس كتلة حزب الله، النائب محمد رعد، والقاضي سليم جريصاتي، الذي تناول «الكثير من المغالطات القانونية». وأشار إلى أن «النقاط السبع التي تناولها مؤتمر رعد - جريصاتي، لم ترتكز على أسس قانونية سليمة ويجب توضيح الأمر»، مؤكدا أن «المعادلة هي معرفة من قتل رفيق الحريري وليست المواجهة مع حزب الله».

وأكد النائب في حزب «الكتائب»، نديم الجميل، أنه «لا يوجد أحد فوق سقف القانون، وهناك جريمة حصلت في لبنان لا نعرف من قام بها». وقال: «لدينا على الأقل إلى فبراير (شباط) المقبل لمعرفة مضمون القرار الظني، لذلك نتمنى أن تمر الأعياد على خير»، مشيرا إلى أنه «قبل صدور القرار الاتهامي، لا نستطيع أن نحمي أحدا ولا نستطيع أن نعرف من قام بهذه الجرائم، ونحن لن نتنازل عن المحكمة وسنصر عليها لمعرفة الحقيقة، وعلينا وضع كل طاقاتنا في خدمة لبنان، ومصلحتنا هي في (لبنان أولا)».