مجلس الوزراء في غيبوبة.. وملف «شهود الزور» يضع مئات القضايا الحياتية في مهب الريح

اللبنانيون يشكون من ارتفاع الأسعار وغياب الرقابة والخدمات

TT

قالت قوى الثامن من آذار كلمتها ومشت: «لا بحث في أي من البنود الـ334 المدرجة على جدول أعمال مجلس الوزراء قبل البت في ملف شهود الزور وإحالته للتصويت». ردّت عليها قوى 14 آذار بالقول: «الملف غير موجود ولا تصويت على بند خلافي». مسرحية حكومية تتكرر أحداثها منذ أكثر من شهر، وكان فصلها الأول حين هدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بمقاطعة جلسات الحكومة في حال عدم البحث في الملف، وإحالة شهود الزور للقضاء. بعدها تضامن وزراء 8 آذار وتكاتفوا ليشكلوا حاجزا منيعا أمام مرور أي بند من البنود الحياتية والمعيشية التي تعني المواطن مباشرة.

وفي المقابل تمترس وزراء 14 آذار وراء مواقفهم، التي يعتبرونها مبدئية، لتكتمل حلقة التعطيل الحكومي بينما يقف رئيس الجمهورية مذهولا وعاجزا، والمواطن يرزح تحت أعباء لا تنتهي، وخاصة مع حلول فصل الشتاء.

فجدول أعمال مجلس الوزراء الذي يرزح تحت ثقل البند الأول، بند «شهود الزور»، محمّل اليوم بمشاريع قوانين، ومشاريع مراسيم، وطلبات لوزارات، تتصل بالقطاعات الصحية، والتربوية، والاجتماعية، والرقابية، وتشجيع الاستثمارات وانتظام عمل المؤسسات.

وقد كان من المفترض أن يبحث الوزراء الثلاثون: التعيينات الإدارية، سبل التعويض عن المواطنين نتيجة الكوارث التي حلت بهم جراء العاصفة الأخيرة، التجديد لحاكم مصرف لبنان، تعيين مدير عام للأمن العام، وفي مسائل تتعلق بالسلامة المرورية، واستئجار الطاقة الكهربائية، وتمديد العمل بالملاكات المؤقتة، وتطويع مأمورين في أجهزة أمنية، وملء شواغر في وزارات متنوعة، وجمع ورمي نفايات، وتنفيذ مشاريع أوتوسترادات، وإنشاء «تعاونية موظفي دولة» للجمارك، وصرف مخصصات للخدمات الاجتماعية، وإنشاء فروع لكليات في الجامعة اللبنانية، ونقل اعتمادات مالية للوزارات تأمينا لسير مرافقها.

ولعل أبرز ما يعانيه المواطن اليوم فلتان الأسعار، وخاصة أسعار المحروقات التي بلغت حدا لم تشهده الأسواق اللبنانية يوما؛ إذ يبلغ سعر صفيحة البنزين حاليا نحو 35000 ليرة لبنانية.

ويرى رئيس اتحاد النقل البري بسام طليس أن «اجتماع الحكومة أو عدمه سيان فيما خص أسعار المحروقات، لا بل عدم اجتماعها لإقرار رسوم جديدة قد يكون أفضل». ويضيف: «من يضمن أن لا يقر الوزراء، وفي حال اجتماعهم، رسوما جديدة على مادة معينة؟». ويوضح طليس لـ«الشرق الأوسط» أن «الرسم المفروض من قبل الحكومة على صفيحة البنزين 9500 ليرة لبنانية، كما أن الـTVA 3500 ليرة، مما يعني أنه لو ألغت الدولة هذه الرسوم لعاد السعر إلى طبيعته كما في كل دول العالم».

وتساءل طليس: «لماذا رُفض مشروع وزير الطاقة جبران باسيل لجهة التخفيف من حجم الرسوم على صفيحة المازوت كبديل عن مبدأ الدعم؟»، وأضاف: «نحن مع دعم المازوت، شرط أن يُرفق بآلية واضحة وصريحة ليستفيد المواطن مباشرة، وليس مافيات التجار».

ويقول سعد الدين حميدي، أمين عام الاتحاد العمالي العام: إنه «وفي ظل الأزمة السياسية القائمة، باتت الخطوات التي يتخذها الاتحاد محسوبة ألف مرة». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «إذا دعونا اليوم للتحرك، يربطونه بصدور القرار الظني؛ فكل خطوة نتخذها تقرأ طائفيا، مناطقيا وسياسيا. نحن نمشي بين الخطوط الحمراء لاجتياز هذه المرحلة بسلامة»، ويلفت إلى أن «الاتحاد يواجه نوعا من الإحراج في التعامل مع مسار الأمور، خاصة أن الأكثرية الساحقة من المواطنين مستعدة للمشاركة في أي اعتصام أو مظاهرة تحت عنوان سياسي، وهي تقف مترددة قبل المشاركة في أي تحرك تحت شعار مطلبي معيشي على الرغم من رزوح عدد هائل من اللبنانيين تحت خط الفقر».

ويقول مطانيوس مخول، أحد سكان قرى الشمال اللبناني: «أسفوا على غابات لبنان الخضراء حين التهمتها النيران، ولكن لم يرف لهم جفن لدى رؤيتنا جائعين أو نشعر بالبرد؛ فلينتظروا المزيد من الحرائق قريبا، فنحن لن ندع أولادنا يموتون من البرد في ظل إهمالهم المتمادي لحاجاتنا واهتماماتنا».

وتقف أم فادي، التي تسكن في ضاحية بيروت الجنوبية، غير آبهة بما قد تؤول إليه أمور الحكومة، فهي تعتبر أن «انعقاد مجلس الوزراء أو عدمه سيان؛ فالأسعار في ارتفاع، لا ماء، لا كهرباء ولا مساعدات صحية».

وتضيف: «اعتدنا غياب الدولة، ونحن نعيش كل يوم بيومه. لم نعد نتطلع للمستقبل؛ فمن يضمن بقاءنا في هذا البلد؟!».