الأدميرال مولن: مستعدون جدا للتعامل مع أي تهديد إيراني.. وملتزمون بأمن الخليج

المسؤول الأميركي حث أفغانستان على التحلي بـ«الصبر الاستراتيجي» تجاه باكستان

TT

قال الأدميرال مايك مولن، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، إنه واثق من أن إيران تعمل على بناء قنبلة نووية، وأن الولايات المتحدة وجيران إيران «قلقون» من طموحاتها النووية، مؤكدا أن الخيار العسكري لمواجهة التهديدات الإيرانية موجود على الطاولة. ومن جانب آخر، طمأن المسؤول الأميركي كابل بشأن الهجمات على الحدود، قائلا إنه من «الممكن جدا» أن تجتث باكستان المتمردين من معاقلهم داخل أراضيها، التي يستخدمونها كقاعدة لشن هجمات قاتلة داخل أفغانستان.

وأكد الأدميرال مولن خلال لقائه ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وفقا لـ(أ.ب)، أن «الولايات المتحدة تأخذ التزاماتها الأمنية في الخليج على نحو جاد جدا»، وأضاف «نحن مستعدون جدا» للتعامل مع أي تهديد من قبل إيران، في إقرار مباشر غير عادي بأن لدى واشنطن خططا لمواجهة الجمهورية الإسلامية في حال قيامها بأي تحرك، وشدد قائلا: «هناك تهديدات حقيقية للأمن والاستقرار هنا (الخليج)، ونحن لم نخف قلقنا من إيران».

لكن المسؤول الأميركي لم يوضح ماهية الخطط الموجودة على الطاولة وكيفية التعامل مع إيران ومواجهتها.

وتأتي تصريحات مولن سعيا منه لتهدئة مخاوف جيران إيران التي اتضحت إثر تسريبات الموقع الإلكتروني «ويكيليكس» الذي كشف عن خشية دول الخليج من توجهات إيران النووية ودعوتهم الولايات المتحدة إلى التدخل.

وأدلى مولن بتصريحاته تلك خلال وجوده في البحرين.

وقال مولن: «من وجهة نظري، أنا أرى إيران مستمرة في نهجها بتطوير أسلحة نووية، وأنا أعتقد أن هذا التطوير وإنجاز هذا الهدف سوف يزعزع الأمن في المنطقة».

لكن مولن أضاف أنه يرغب في تجنب استخدام القوة لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، قائلا إنه يخشى «عواقب غير مقصودة» من شن هجوم على إيران، غير أنه شدد على أن الخيار العسكري ما زال على الطاولة في حالة الحاجة إليه، حسب ما أوردته وكالة الأسوشييتد برس.

وتنفي إيران نيتها تصنيع قنبلة نووية، وتؤكد أن برنامجها النووي ذو أهداف سلمية، ولا يتعدى استخدامها لإنتاج الطاقة الكهربائية أو في تطوير علاجات طبية.

غير أن الجمهورية الإسلامية تعاني من سلسلة من العقوبات التي فرضت عليها من قبل مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، ناهيك عن عقوبات أخرى أحادية من قبل الولايات المتحدة وكندا واليابان وأستراليا وغيرها، مستهدفة المصارف والطاقة، واضطرت على أثرها طهران إلى الموافقة على استئناف المحادثات النووية التي جرت بالفعل يومي 6 و7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي في جنيف مع مجموعة دول «5+1»، وهي الدول الأعضاء الخمس في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا.

وتوصل اجتماع جنيف إلى الموافقة على عقد جولة ثانية من المحادثات في مدينة إسطنبول التركية في يناير (كانون الثاني) المقبل، حسب طلب إيراني سابق.

وفي هذا السياق أعلنت أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الذي يترأسه سعيد جليلي، عن أن مساعده علي باقري، وهو أحد المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي، سيتوجه اليوم إلى تركيا «في إطار المشاورات المستمرة بين البلدين».

وذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإيرانية الرسمية (إرنا) أنه من المقرر أن يلتقي باقري مع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. وكان مساعد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في شؤون السياسة الخارجية والأمن الدولي قد زار تركيا، والتقى داود أوغلو قبل انعقاد محادثات جنيف.

وتأتي زيارة المسؤول الإيراني إلى تركيا بعد أيام من تسرب تقارير حول مفاوضات سرية بوساطة تركية لتسليم ما بحوزة إيران من اليورانيوم المخصب مقابل رفع العقوبات.

إلى ذلك، وعودة إلى مولن، الذي زار باكستان قبل توجهه إلى منطقة الخليج، فقد أعرب عن أمله في طمأنة الأفغان بشأن الهجمات على الحدود، قائلا: إنه من «الممكن جدا» أن تجتث باكستان المتمردين من معاقلهم داخل أراضيها، التي يستخدمونها كقاعدة لشن هجمات قاتلة داخل أفغانستان.

ودعم قول مولن المراجعة الجديدة التي قامت بها الإدارة الأميركية للسياسة الإقليمية، مشيرا إلى احتمال فشل الجهود المبذولة لمقاومة التمرد داخل أفغانستان في حالة غياب حكم مركزي ومحلي أفضل واقتصاد محلي أكثر قوة. لكنه أوضح في اجتماع مع صحافيين أفغان أن باكستان، بحسب الرأي العام هنا، لا تزال تمثل عقبة رئيسية تحول دون الانتصار على التمرد داخل أفغانستان.

وقال مولن: «من أجل تحقيق التقدم الذي نحتاجه في أفغانستان، من المهم تحقيق تقدم في باكستان أيضا»، مؤكدا للصحافيين أنه أوضح لمسؤولين عسكريين باكستانيين رفيعي المستوى أنه «يرغب بشدة في القيام بالمزيد من العمليات ضد هذه الأماكن واقتلاع الإرهابيين من جذورهم». وأضاف أنه وازن بين المكاسب العسكرية الباكستانية والخلايا الإرهابية خلال العامين الماضيين، وأنه رأى أنه «من الممكن للجيش الباكستاني تحقيق الهدف الذي ينهي وجود تلك المعاقل الآمنة».

لكن على الرغم من إعراب الأدميرال مولن عن ثقته في قدرة باكستان على محاربة المتمردين داخل حدودها، يطرح الكثير من المحللين سؤالا شائكا وهو: إلى أي مدى تلتزم بالقيام بذلك؟ وحث مولن خلال جولته في المنطقة على التحلي بـ«الصبر الاستراتيجي» تجاه باكستان، وقال إن قادتها يدركون خطر التمرد الداخلي الذي يهدد شرعيتهم.

وأشار مولن في ختام أسبوع من الجولات تضمن زيارة باكستان وأفغانستان والعراق، إلى نجاحات في ميدان المعركة ضد متمردين في معقل حركة طالبان بجنوب أفغانستان. لكنه أقر بضرورة دعم التقدم من خلال بعثات أمنية مستمرة وتحسين وضع الحكم المحلي والتنمية الاقتصادية. وأوضح قائلا: «تعد الكثير من الإنجازات التي حققناها، حتى تلك شاهدتها في الجنوب ضعيفة، ويمكن أن نفقدها. لا يمكن أن نأخذ أي شيء، باعتباره أمرا مسلما به في هذه المرحلة».

وتعد تعليقات الأدميرال مولن، التي جاءت بعد يوم من إعلان الرئيس أوباما مراجعة الاستراتيجية الجديدة تجاه أفغانستان وباكستان خلال عام، من أقوى التصريحات التي تناولت إخفاقات الحكومة الأفغانية، منذ تخلي الإدارة الأميركية عن توجهها الصارم مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، الربيع الماضي بعد التوصل إلى أن ضرر النقد اللاذع العام أكثر من نفعه.

وأضاف مولن: «وبحسب ما توضحه مراجعة الاستراتيجية، فقد حان وقت التأكيد على مميزاتنا في الداخل، ومضاعفة جهودنا، خشية أن لا تلي المكاسب الأمنية، التي تم الحصول عليها بصعوبة، مكاسب أخرى أكثر أهمية في الحكم وسيادة القانون».

ورغم اعتراف مسؤولي الإدارة الأميركية ببقاء فساد الحكومة الأفغانية على حالها، فقد كان من الواضح خلو الملخص العام لمراجعة أوباما للاستراتيجية من أي انتقاد للحكومة بالفساد.

وعند تولي أوباما المنصب العام الماضي تعهد بأن ينأى بنفسه عن الرئيس كرزاي، الذي يرى بعض مسؤولي الإدارة الأميركية، أنه كان على علاقة ودية جدا بالرئيس جورج بوش الابن. ونصحت إدارة أوباما لأكثر من عام الرئيس كرزاي بالعدول عن الفساد، ورد كرزاي بتصريحات غاضبة وثائرة ضد الغرب، مهددا باتخاذ صف حركة طالبان، مما دفع إدارة أوباما إلى التخفيف من حدة استراتيجيتها.

وقال الجنرال ديفيد بترايوس، قائد الجيش الأميركي ورئيس قوات حلف الناتو في أفغانستان، متحدثا إلى صحافيين أميركيين ضمن الوفد الصحافي المصاحب للأدميرال مولن: إن القوات الأفغانية وقوات التحالف «حجمت من تحركات حركة طالبان في الكثير من المناطق في الدولة، وقضت عليها في بعض المناطق، لكن ليس في كل المناطق». وحذر قائلا: «التقدم ما زال هشا ويمكن أن يتعرض إلى انتكاسة».

وقال كارل إيكنبري، السفير الأميركي لدى أفغانستان: إن الإدارة تعتزم الوفاء بتعهدها الخاص ببدء خفض عدد القوات في يوليو (تموز) المقبل، إذا سمحت الظروف. لكنه حاد عن هذا التوجه من خلال تأكيده أن الدعوة التي وجهها حلف الناتو إلى الحكومة الأفغانية لتولي المسؤولية الأمنية لم تعن تخلي الولايات المتحدة، وحلف الناتو عن التزامهما بالبعثة خلال عام 2014.

وللتدليل على أن باقي مسؤولي الحكومة الأميركية قد انضموا إلى القتال، قال إيكنبري إن عدد الدبلوماسيين والعاملين في مجال المساعدة الإنسانية في أفغانستان ارتفع من 300 إلى 1100 خلال عامين.