علاوي يحسم أمره بالمشاركة في حكومة المالكي ويقبل برئاسة مجلس السياسات وفقا لتقاسم السلطة

مكونات كركوك «المتنازعة» تتفق على المطالبة بإسناد منصب نائب الرئيس لشخصية تركمانية

سكان كركوك يتظاهرون وسط المدينة أمس للمطالبة بإسناد منصب نائب رئيس الجمهورية إلى مسؤول أمني تركماني بارز وتعتبر المظاهرة أول «اتفاق» بين مكونات المدينة المتنازع عليها (أ.ف.ب)
TT

حسم إياد علاوي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق وزعيم القائمة العراقية، أسابيع من التردد بالموافقة على المشاركة في حكومة رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي عبر رئاسة المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية وفقا لتقاسم السلطة، وجاء الإعلان قبيل يوم واحد من الموعد المقترح لتقديم جزء من تشكيلة الحكومة الجديدة للبرلمان العراقي للمصادقة عليها، بينما سيتم طرح بقية التشكيلة للتصويت عليها في موعد لاحق حتى تتفق الكتل فيما بينها على أسماء المرشحين.

وكان علاوي قد وافق بالفعل في وقت سابق، ولو بشكل غير معلن، على ترأس هذا المجلس الذي لم تتحدد صلاحياته بعد، وذلك إثر لقاء عقده مع السفير الأميركي في بغداد جيمس جيفري، غير أن لغطا أثير حول صلاحيات المجلس، إن كانت استشارية أم تنفيذية، كما وقعت سجالات بين نواب كتلة علاوي، الذين يطالبون بصلاحيات تنفيذية واسعة للمجلس، وبين نواب التحالف الوطني الذي يضم ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، والائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم، الذين طالبوا بتحديد تلك الصلاحيات، بجعلها استشارية ومجرد توصيات، مؤكدين أنه لا يجوز التجاوز على صلاحيات البرلمان أو رئيس الحكومة.

وكان علاوي، وهو شيعي علماني، يريد إزاحة المالكي من رئاسة الحكومة بعدما حصل ائتلاف العراقية على 91 مقعدا في البرلمان الجديد مع تأييد كبير من السنة، وحذر من أن أي محاولة لتهميش ائتلافه يمكن أن توسع من جديد نطاق التمرد الذي خبت جذوته، لكنه لا يزال يوقع قتلى وجرحى.

وقال علاوي في مؤتمر صحافي عقده في بغداد أمس، إنه سيقبل بوظيفة رئيس المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية التي عرضت عليه في اتفاق لتقاسم السلطة شمل المالكي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في 10 نوفمبر (تشرين الثاني).

وأوضح علاوي: «سنقبل قيادة هذا المجلس اعتمادا على الاتفاقات التي تمت ووقعت بيني وبين السيد بارزاني والسيد المالكي»، وتابع: «ولذلك فلقد قضي هذا الأمر. وإذا حدث أي تغيير في الاتفاقات بشأن السلطة فحينئذ ستكون هناك قصة مختلفة تماما». وعقد مساء أول من أمس لقاء جمع المالكي وعلاوي هو الثاني من نوعه في غضون أسبوع، في خطوة يرى المراقبون أنها ستسرع من تشكيل الحكومة.

وقال المالكي في مؤتمر صحافي عقب اللقاء إنه «اللقاء الثاني الذي يجمعنا خلال أسبوع، وناقشنا قضايا أساسية وجوهرية تتعلق ببنية العملية السياسية وقوة الدولة وحلول لمشكلات العراق»، وأضاف أن «العراق اليوم بعد أن قطع أشواطا في بناء الدولة وثبت أطر الديمقراطية يحتاج إلى نهضة كبيرة لمناقشة كل القضايا نحو تحقيق أهدافنا الوطنية».

وجاء ذلك في وقت أفادت فيه مصادر بأن المالكي سيطرح جزءا من التشكيلة الوزارية على البرلمان اليوم للتصويت عليها، غير أن مصادر في التيار الصدري، المنضوي تحت التحالف الوطني، شككت بقدرته على تقديم تشكيلته الوزارية اليوم لوجود مسائل ما زالت عالقة داخل التحالف الوطني حول الوزارات والشخصيات التي يمكن أن تتسنمها. ويدور الخلاف داخل التحالف الوطني حول تسمية مرشح لشغل حقيبة وزارة الداخلية. ويعتقد أن المالكي سيعلن عن معظم الوزارات، عدا الأمنية منها، الداخلية والدفاع والأمن الوطني، وأنه سيديرها بنفسه بالوكالة إلى حين حسم أسماء المرشحين.

وقالت هذه المصادر إن «هناك أمورا داخل التحالف الوطني لم تحسم بعد، إلا أن المسألة ستبقى مسألة وقت فقط، ويمكن أن تحل في اليومين المقبلين، لكون جميع الأطراف متفقة على الخطوط العامة في التشكيلة الوزارية، وأن الاختلافات في وجهات النظر متعلقة بالمسائل الجزئية فقط».

وفي الوقت الذي أعلنت فيه مصادر في القائمة العراقية عن أن القائمة اتفقت على ترشيح القيادي طارق الهاشمي لمنصب نائب الرئيس، وزعيم جبهة الحوار الوطني صالح المطلك لمنصب نائب رئيس الوزراء، رجحت مصادر أخرى أن يرفض المالكي ترشيح الشخصيتين، لكنها أكدت أن المالكي ليس لديه اعتراض على ترشيح القيادي في تيار المستقبل رافع العيساوي.

وأضافت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «القائمة العراقية تنوي تقديم مرشحيها للمناصب السيادية والوزارات كحزمة واحدة، وأن القائمة اتفقت على ترشيح 11 وزيرا، إضافة إلى منصب المجلس الوطني للسياسات العليا، ومنصبي نائبي رئيس الجمهورية والوزراء».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الشيخ جمال البطيخ، القيادي في القائمة العراقية، أن «اجتماعا مهما سيعقد لقيادات العراقية مساء الأحد (أمس) للانتهاء من أسماء المرشحين».

وقال البطيخ، وهو أبرز المرشحين لوزارة الزراعة، إن «الكثير من الوزارات لم تحسم حتى الآن وسيجري التباحث لتقديمها في جلسة الاثنين (اليوم)». كما أن القائمة العراقية لم تقدم حتى الآن مرشحا لشغل منصب وزارة المالية، وهي إحدى الوزارات السيادية المهمة، غير أن العيساوي يعتبر أحد أبرز المرشحين لها.

من جهته، أكد مصدر في التحالف الوطني، رفض الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط» أن «حصة التيار الصدري (بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر) 5 وزارات، هي النقل والسياحة والبلديات والأشغال العامة ووزارة الإعمار والإسكان ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية».

وأضاف المصدر أن منصب نائب رئيس الوزراء من حصة التيار الصدري، دون أن يفصح عن الشخصية المرشحة، لكنه نفى أن يتولى النائب بهاء الأعرجي، كما أشيع في وسائل الإعلام، هذا المنصب، في ترجيح واضح لترشيح القيادي الآخر في التيار نصار الربيعي.

وفي كركوك، تظاهر المئات من العرب والأكراد والتركمان، أمس، في المدينة المتنازع عليها بين هذه المكونات للمطالبة بترشيح شخصية تركمانية لمنصب نائب رئيس الجمهورية، مما يعكس لأول وهلة اتفاقا بين مكونات هذه المدينة الغنية بالنفط.

وتجمع المئات من أهالي كركوك مطالبين بمنح منصب نائب رئيس الجمهورية لمرشح تركماني، هو اللواء تورهان عبد الرحمن يوسف آغا، الذي يشغل نائب مدير عام شرطة كركوك منذ 2003. وتعد هذه المظاهرة الأولى من نوعها التي يشارك فيها معظم مكونات المدينة وتتوحد مطالبهم بشأن قضية واحدة.