الشهرستاني.. الرجل الذي لا يبتسم

توقعات باحتفاظ «العدو الأول» للأكراد بوزارة النفط

حسين الشهرستاني (رويترز)
TT

من المرجح أن يحتفظ وزير النفط العراقي الحالي حسين الشهرستاني، بمنصبه في الحكومة العراقية الجديدة، حيث يواجه مهمة شاقة لتحقيق أهداف طموحة لإنتاج النفط وتهدئة المخاوف داخل «الأوبك» تجاه حجم خطط إنتاج العراق من النفط.

وساعدت رجاحة عقل الشهرستاني، وهو عالم نووي، على إبرام صفقات مع شركات نفط أجنبية، قد تسهم في زيادة إنتاج العراق من النفط إلى أربعة أمثاله. وبحسب تقرير لوكالة «رويترز»، فإن لدى العراق خططا طموحة لزيادة طاقة الإنتاج من 2.5 مليون برميل يوميا إلى 12 مليون برميل يوميا، خلال السنوات الست أو السبع المقبلة، لكن محللين يشككون في ذلك، ويقولون إن إنتاج ما بين ستة وسبعة ملايين برميل يوميا هدف أكثر واقعية.

وداخل العراق تشمل العقبات التي تعترض تنفيذ خطة الشهرستاني، الافتقار للأمن والقوانين العتيقة وتداعي البنية التحتية والانقسامات الطائفية.

وقال بيل فارين برايس من «بتروليوم بوليس أنتليجنس» عن الشهرستاني: «كان الشخص المناسب للاضطلاع بالمسؤولية خلال جولات المناقصات، لأنه لا يمكن لأحد أن يشتريه»، غير أنه تساءل قائلا: «لكن هل هو الشخص المناسب لتولي المسؤولية خلال مرحلة التنفيذ، حين تحتاج شخصا يفهم الصناعة ويمكنه أن ينجز المهام؟».

أما بخصوص شركات النفط الدولية، فإن وجوده يرقى للتعهد بالوفاء بالعقود التي أبرمها في غياب ضمانات رسمية، نظرا لعدم صدور قانون النفط والغاز الجديد في العراق بعد.

وبالنسبة للأكراد الذين أبرموا عقود نفط وصفتها بغداد بأنها غير دستورية، فإن الشهرستاني هو العدو الأول.

وقال سامويل تشيزوك، محلل الطاقة في «آي إتش إس»: «يبدو الشهرستاني ضمانة للاستمرار من وجهة نظر الشركات التي تستثمر في جنوب العراق، (لقد) بنى (الشهرستاني) سمعة بصفته تكنوقراطيا متمكنا وحليفا (لرئيس الوزراء نوري) المالكي، ولكنه أضحى أيضا خصما للفصائل الكردية لضغطه بقوة من أجل مد السيطرة الوطنية، لتشمل موارد النفط والغاز في المنطقة الكردية».

ولد الشهرستاني في عام 1942، ودرس في بريطانيا وروسيا وكندا، وكان مستشارا علميا بارزا للجنة الطاقة الذرية العراقية. وألقي القبض عليه في عام 1979 بسبب أنشطته ضد نظام الرئيس الأسبق صدام حسين.

وحسب روايته، فقد جرد من ملابسه وعلق في السقف من رسغيه، وعذب بصدمات كهربائية والضرب المبرح. وقال إنه كان يردد المعادلات الرياضية لمساعدته كي يتحمل التعذيب.

وبعد أن قضى سبعة أشهر في السجن أخذ ليمثل أمام برزان التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام، الذي عرض عليه العمل في برنامج سري للأسلحة النووية في العراق.

ونقل الشهرستاني عن التكريتي قوله إن أي شخص يرفض خدمة بلاده لا يستحق أن يحيا. وذكر الشهرستاني الواقعة في كتابه «الهروب إلى الحرية» الذي ألفه عام 1999، وروى أنه أجابه قائلا: إن ما يطلبه ليس خدمة للبلاد. وفي النهاية حكم عليه بالسجن لمدة 20 عاما وأمضى 11 عاما في السجن، من بينها فترة في سجن انفرادي.

وهرب الشهرستاني من سجن أبو غريب الشهير، حين تساقطت عليه القذائف أثناء حرب الخليج الأولى في عام 1991. وهرب مع أطفاله وزوجته الكندية إلى إيران، حيث أشرف على جماعة تساعد اللاجئين العراقيين.

وعاد إلى العراق في عام 2003، ورفض عرضا لرئاسة حكومة مؤقتة قبل أن يصبح وزيرا للنفط في عام 2006.

وتتباين آراء من عملوا مع الشهرستاني حول الرجل الذي تبنى خطا متشددا مع شركات النفط التي توافدت لتطوير أكثر حقول النفط الواعدة في العالم على الرغم من افتقاره للخبرة في مجال صناعة الطاقة.

ويقول ساسة ومسؤولون نفطيون إنه تبنى موقفا صارما في محاربة الفساد حين تولى وزارة النفط، وأشيد بإجرائه مناقصات على درجة كبيرة من الشفافية. والشهرستاني شيعي متدين يعيش حياة بسيطة ولم تغيره الفترة التي أمضاها في الوزارة، إلى حد ما.

وقال مسؤول تنفيذي أجنبي في شركة نفط: «التقيت السيد الشهرستاني في عام 2006 في لندن، ولم يكن يبتسم حينذاك. كان ذلك قبل أن يبرم أي عقود. قابلته مرة أخرى العام الحالي في بغداد بعدما أبرم عقودا، ولم يكن يبتسم أيضا». كما يقول منتقدون إنه لا يقبل النصح.

وثمة خلاف دائر بين الحكومة المركزية وحكومة منطقة كردستان منذ أشهر بشأن صفقات وقعتها كردستان مع شركات نفط أجنبية. وقال الشهرستاني مرارا إن هذه العقود غير قانونية، ليعاديه كثيرون.

وقال مسؤول نفطي يعمل معه عن كثب: «حين يقول لا.. تكون لا، سيتوصلون لحل وسط، ولكن لن يتراجع البتة عما قاله من قبل».