مصادر فرنسية رسمية لـ«الشرق الأوسط»: لا غضاضة في طرح الاستيطان على مجلس الأمن

قالت إن موقف واشنطن «ضعيف».. وأوباما ينتقل من تراجع إلى تراجع

TT

ثمنت باريس «اللفتة» الأميركية إزاءها حيث كانت المحطة «الثنائية» الوحيدة التي توقف فيها مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل عقب جولته في المنطقة. وقالت مصادر فرنسية رسمية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن ميتشل اتصل بوزيرة الخارجية الفرنسية ميشال أليو ماري قبل مغادرته واشنطن وأبلغها رغبته بلقائها في باريس، وهو ما حصل. واليوم تجتمع أليو ماري بالسفراء العرب المعتمدين في العاصمة الفرنسية على مأدبة غداء؛ وهو اللقاء الأول منذ تعيينها في منصبها الجديد بمناسبة التغيير الوزاري الأخير، الشهر الماضي. وفي السياق ذاته، سيلتقي السفراء العرب هذا الأسبوع مستشار الرئيس الفرنسي الدبلوماسي، السفير جان ديفيد ليفيت.

ويتوقع أن يكون موضوع محادثات السلام المتعثرة ومحطاتها اللاحقة أبرز ما سيطرح على طاولة البحث مع المسؤولين الفرنسيين الذين «يشككون» بفاعلية المنهج الأميركي في المفاوضات ويدعون إلى «جهد جماعي».

وقالت المصادر الفرنسية إن باريس تعبر باستمرار عن دعمها للجهود الأميركية رغم تحفظاتها على الطريقة المتبعة. غير أنها ترى أن موقف واشنطن في المرحلة الراهنة «ضعيف» و«أصيب في مصداقيته» فضلا عن أن البعض (في إشارة إلى الجانب الفلسطيني) بدأ يفقد ثقته بجدية واشنطن وعزمها على الوصول إلى نتيجة.

ولا تتوقع باريس جديدا على صعيد المفاوضات للأشهر الثلاثة المقبلة بعد أن دفعت واشنطن نحو مفاوضات غير مباشرة تبعتها، بعد جهود مضنية، مفاوضات مباشرة توقفت بعد ثلاثة أسابيع لتعود بعدها إلى مفاوضات «متوازية». وفي الحالات الثلاث، كان موضوع الاستيطان وتمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي به هو العقبة الكأداء التي أجهضت الجهود الأميركية. وترى المصادر الفرنسية أن الرئيس الأميركي باراك أوباما «خسر» معركته مع نتنياهو وهو ينتقل من «تراجع إلى تراجع».

ورغم كل ذلك، تعتبر المصادر الفرنسية أن «المبادرة» الأميركية الجديدة (أي مفاوضات متوازية لستة أسابيع) يمكن أن تكون مفيدة لجهة «توضيح» مواقف الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني «وإظهار ما يقبلونه وما لا يقبلونه». وأردفت هذه المصادر: «يتعين علينا أن نعرف تصور كل طرف للسلام، ليس فقط في التوجهات الكبرى ولكن في تفاصيل المواقف. والحال أننا اليوم لا نعرف ما الذي يمكن أن يقبله نتنياهو وما لا يقبله وإذا كان الطرفان عاجزين لوحدهما عن إخراج تصور واضح للحل، فإن دور طرف ثالث (أميركي أو اللجنة الرباعية أو أميركي ـ أوروبي) يمكن أن يكون مفيدا». ولذا، فثمة حاجة ملحة إلى أن «يقول كل طرف إلى أين يريد الوصول لنرى بعدها إذا كانت هناك إمكانية للتوفيق بين التصورين». ومن الأمثلة على ذلك موضوع الحدود والتدابير الأمنية ووضع القدس وقضايا الحل النهائي.

ولا تبدو باريس «منغلقة» إزاء موضوع الاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال أعلنت من طرف واحد. غير أنها لا تريد الابتعاد عن الموقف الأوروبي الموحد الذي عبر عنه أكثر من مرة وآخرها بمناسبة اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسل. لكن فرنسا «لا تريد الاستعجال» وهو الخط الذي رسمه الرئيس ساركوزي نفسه، الذي يفضل أن يكون الاعتراف نتيجة توصل الطرفين إلى اتفاق سلام متفاوض عليه. ويبقى أساس الموقف الأوروبي «ورقة» الاتحاد الصادرة في 8 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي. غير أن مصادر سياسية في باريس رأت في موقف الاتحاد الأخير «تسوية» بين من يريد الضغط على إسرائيل والتلويح بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال فشلت المفاوضات، ومن «يتفهم» الموقف الإسرائيلي. ولذا جاء الحديث عن الاعتراف في «الوقت المناسب» دون أن يعين أحد ما المقصود بهذه العبارة ومتى يحل «الوقت المناسب». أما بصدد رغبة الجانب العربي بطرح موضوع الاستيطان على مجلس الأمن الدولي، فإن باريس غير معارضة لهذا التوجه، لكنها تريد قبل كل شيء أن ترى النص الذي سيقترحه الجانب العربي قبل الإعلان عن أي شيء.