لوكاشينكو يتجه للفوز برابع فترة رئاسية في بيلاروسيا

منافسوه التسعة شككوا مسبقا في نزاهة الاقتراع

رئيس بيلاروسيا لوكاشينكو مع نجله نيكولاي قبل الاقتراع في مينسك أمس (أ.ف.ب)
TT

في محاولة للفوز بفترة رئاسية رابعة خاض الرئيس ألكسندر لوكاشينكو أمس الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا ضمن قائمة تضم 10 مرشحين. لكن المرشحين الـ9 الآخرين شككوا في نزاهة الاقتراع، وقالوا إنهم لن يعترفوا بنتائج هذه الانتخابات ودعوا قوى المعارضة إلى الخروج إلى الشارع تعبيرا عن احتجاجهم ومعارضتهم لها. وقال المرشح الرئاسي فلاديمير نيكلياييف في مؤتمر صحافي في مينسك مع المرشح الآخر أندريه سانيكوف إن «هذه الانتخابات ليست حرة ولا شرعية».

وسمح للناخبين بالتصويت قبل أيام من الموعد الرسمي للانتخابات الرئاسية، لكن المرشحين نيكلياييف وسانيكوف اتهما نظام لوكاشينكو بالاستفادة من الانتخاب المبكر للاستبدال ببطاقات اقتراع الناخبين الذين صوتوا، بطاقات أخرى لصالح الرئيس لوكاشينكو الذي فاز بـ83% من الأصوات في 2006. ولا يمكن سوى لـ0.25% من ممثلي المعارضة المشاركة في اللجان الانتخابية، وبالتالي المساهمة بشكل محدود في فرز الأصوات. ونتيجة لذلك دعا 7 من المرشحين الـ9 المعارضين إلى تظاهر فور إغلاق مراكز الاقتراع في ساحة أكتوبر في وسط مينسك التي منع التظاهر فيها وتم تحويلها إلى ساحة للتزلج تلقى إعجاب الشباب.

وقال بعض الناخبين وبينهم ديمتري كريسنيك: إنه من الصعب جدا تغيير النظام، نظرا لعمليات التزوير الممكنة ولشعبية لوكاشينكو، خصوصا بين المتقاعدين. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن كريسنيك قوله عند مغادرته مركز الاقتراع في مينسك، حيث كان عدد الناخبين الذين تحدوا البرد قليلا: «صوت لمصلحة (المعارض) ياروسلاف رومانتشوك؛ لأنه يضمن إيجاد وظائف ويريد تغيير الدستور لمزيد من الديمقراطية». أما فالنتينا فقد أعطت صوتها للوكاشينكو الذي تعتبر أنه يضمن النظام والاستقرار في البلاد. وقالت هذه الناخبة التي رفضت ذكر اسم عائلتها: «إنه ليس المرشح المثالي، لكن الآخرين لا يقدمون شيئا جديدا باستثناء الدعوة إلى التظاهر». لكن غالينا تقدر النظام في هذا البلد «حيث يمكننا التجول من دون خوف في الليل والنهار». إلا أن هذه السيدة التي تبلغ الخمسين من العمر ولا تعرف لمن ستصوت، انتقدت لوكاشينكو «لضعف الاقتصاد وغياب آفاق الوظائف للشباب».

كانت قد وصلت إلى بيلاروسيا بعثات المراقبين الدوليين الذين بلغ عددهم ما يزيد على ألف مراقب يمثلون البرلمان الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي ومنظمة بلدان الكومنولث وعددا من الدول الأجنبية لمتابعة العملية الانتخابية، فضلا عن قرابة 700 من الصحافيين الأجانب.

جاءت انتخابات أمس إثر انفراجة في علاقات بيلاروسيا مع كل من روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. كان لوكاشينكو، في محاولة منه لاستمالة ممثلي الاتحاد الأوروبي وروسيا، قد أعلن أنه «تصالح» مع الرئيس الروسي ميدفيديف بعد حملة من الملاسنة الكلامية بين الرئيسين، بينما أعلن رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين عن مزايا تفضيلية سياسية واقتصادية ثمة من قال إنها تقدر بـ4 مليارات دولار قيمة الضرائب التي أسقطتها روسيا عن صادراتها من النفط إلى بيلاروسيا، في الوقت الذي أكد فيه لوكاشينكو أن برلمان بيلاروسيا سيصدق على اتفاقيات إنشاء المجال الاقتصادي الموحد مع كل من روسيا وكازاخستان.

وفي لقائه مع عدد من المراقبين الأميركيين، أعلن لوكاشينكو أيضا أن بلاده تدرك أن للولايات المتحدة مصالحها ونفوذها بوصفها قوة عظمى وأنها على استعداد للتعاون معها في مواجهة التحديات والأخطار الرئيسية في القرن الحادي والعشرين، مؤكدا ترحيبه بتطبيع العلاقات معها على أوسع نطاق. وأشار إلى استعداد بيلاروسيا للرد على أي مبادرة إيجابية من جانب الولايات المتحدة من منظور الكثير من العوامل والمصالح المشتركة بين البلدين؛ لذا لم يكن غريبا أيضا أن يعد الاتحاد الأوروبي بتقديم مساعدات تقدر بـ3 مليارات يورو إلى بيلاروسيا في حال جرت الانتخابات الرئاسية على نحو يتسم بالشفافية والحرية والنزاهة حسب تصريح رادوسلاف سيكورسكي، وزير الخارجية البولندي، وهو ما وعد به لوكاشينكو.

كان الرئيس لوكاشينكو قد فاز لأول مرة في انتخابات الرئاسة عام 1994 التي أطاح فيها بممثلي الاتجاهات الانفصالية الذين شاركوا في إنهاء وجود الاتحاد السوفياتي السابق، مما أسهم في تقاربه مع روسيا التي أعلن معها لاحقا دولة الاتحاد من دون خطوات عملية حقيقية لوضع الاتفاق حيز التنفيذ. وعاد لوكاشينكو ليعلن تغيير الدستور في استفتاء شعبي عام 2004 بما يسمح له بالترشح للرئاسة أكثر من ولايتين متتاليتين، وهو ما قوبل برفض عالمي ومحلي لم يغير على أرض الواقع شيئا، شأن عدم اعتراف المراقبين الدوليين بعدم نزاهة الانتخابات الرئاسية التي خاضها لوكاشينكو.