الديمقراطيون يفرضون التصويت على «ستارت 2»

أوباما يؤجل إجازته حتى ينتهي الكونغرس من عمله

TT

بعد أشهر من التعثر في دفع مجلس الشيوخ الأميركي إلى المصادقة على معاهدة «ستارت» الجديدة لتقليص الأسلحة النووية الأميركية والروسية ومراقبتها، عمد الحزب الديمقراطي إلى فرض التصويت على المعاهدة في حركة أثارت غضب الحزب الجمهوري. ومن المتوقع أن يصوت مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، لصالح عملية «إغلاق باب النقاش» وفرض التصويت على المعاهدة يوم غد. وتأتي هذه الخطوة بعد أن استطاع الرئيس الأميركي باراك أوباما الحصول على تأييد عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين لصالح المعاهدة، على الرغم من معارضة قيادة الحزب لها.

ووقع أوباما مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف على معاهدة «ستارت2» في أبريل (نيسان) الماضي، بعد أن انتهت صلاحية «ستارت» الأولى في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي. إلا أن أوباما بحاجة إلى مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي لتفعيل المعاهدة الجديدة، وهو أمر عطله الجمهوريون منذ أبريل الماضي بحجة دراسة المعاهدة، مستهدفين عرقلة أجندة أوباما وحمل الديمقراطيين على الاتفاق على تشريعات أخرى.

وبعد أن صادق أوباما على إعفاءات ضريبية يدعمها الجمهوريون الأسبوع الماضي، ظهرت توقعات باحتمال توصل الحزبين إلى اتفاق على «ستارت». إلا أن الخلافات تجددت بسبب عدد من التشريعات الأخرى، منها السماح للمثليين بالالتحاق بالجيش الأميركي. وعلى الرغم من أن الديمقراطيين يمتلكون الأغلبية في مجلس الشيوخ، فإنهم في حاجة إلى دعم ثلثي المجلس للمعاهدة، أي 67 صوتا. وقد أعلن 4 جمهوريين في مجلس الشيوخ حتى الآن استعدادهم للتصويت لصالح المعاهدة.

وكان من المرتقب أن يبدأ أوباما إجازة نهاية العام السنوية مع عائلته السبت الماضي، إلا أن قرار مجلس الشيوخ بمواصلة عمله ودفع التصويت على معاهدة «ستارت» أدى إلى تأجيله السفر إلى هاواي حيث سيقضي إجازة نهاية العام، وتوجهت عائلته إلى جزيرة هاواي ومكث هو في البيت الأبيض أمس لمتابعة مناقشات مجلس الشيوخ الأميركي حول معاهدة «ستارت».

وقضى أوباما يومه أمس في اتصالات بأعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي لحثهم على المصادقة على معاهدة «ستارت»، بعد أن خصص خطابه الأسبوعي للشعب الأميركي، السبت الماضي، لهذه القضية. وحاول أوباما وضع النقاش حول «ستارت» في إطار المصلحة الوطنية بدلا من الصراعات الحزبية، شارحا أن المصادقة على معاهدة «ستارت» لا تعني نصرا للبيت الأبيض أو لحزب سياسي، بل تعني حماية أمن الولايات المتحدة.

ولكن خطاب أوباما لم يقنع قيادة الحزب الجمهوري. وأعلن رئيس الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أول من أمس أنه سيصوت ضد المعاهدة. وعقد الحزب الجمهوري اجتماعا مغلقا أمس لحث أعضائه في مجلس الشيوخ على التصويت ضد المعاهدة، في خطوة قد تهدد جهود أوباما للمصادقة على الاتفاق قبل نهاية العام الحالي.

ويضغط الديمقراطيون من أجل المصادقة على المعاهدة قبل بدء الدورة الجديدة للكونغرس العام المقبل لأن أكثريتهم في مجلس الشيوخ تقلصت من 58 مقابل 42 إلى 53 مقابل 47 بعد انتخابات منتصف الولاية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وخصص الكونغرس جلسة مطولة لبحث معاهدة الحد من الأسلحة النووية مع روسيا أمس. وكرر السيناتور الجمهوري ريتشارد لوغر تأييده لـ«ستارت»، مذكرا بأن «الجيش يفضل آلية (ستارت2) الأكثر مرونة». وأضاف أن المعاهدة الجديدة سوف «تساعد على مزيد من الشفافية» وأنها ضرورية لضمان حق تفتيش المواقع الروسية والأميركية من قبل الطرفين لإبقاء الثقة بينهما ومنع انتشار الأسلحة النووية. ويتمتع لوغر بكثير من النفوذ بين الجمهوريين في الشؤون الخارجية؛ إذ هو العضو الأقدم في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.

ولكن السيناتور الجمهوري من ولاية أوكلاهوما جيمس اينهوف قال أمس: «إننا في حاجة إلى مزيد من الوقت لمطالعتها». إلا أن مجلس الشيوخ قضى أكثر من 7 أشهر لمطالعتها، مع 18 جلسة لبحثها وساعات من المشاورات مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس.

واعتبر رئيس الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد أن «الخيار بسيط: إما تريدون إبقاء الأسلحة النووية خارج أيدي الإرهابيين، أم لا».

ويشدد أوباما على أهمية معاهدة «ستارت» لحماية المواد النووية والتدقيق المتبادل بين الروس والأميركيين، خاصة أن لدى البلدين 90 في المائة من أسلحة العالم النووية. وتلزم معاهدة «ستارت» الجديدة الجانبين بخفض الرؤوس النووية الاستراتيجية المنشورة إلى ما لا يزيد على 1550 رأسا حربيا لكل طرف في غضون سبع سنوات. وتقضي أيضا بتقليص عدد الصواريخ والقاذفات الاستراتيجية المنشورة إلى 700 لكل جانب، وبإقامة نظام للتحقق والتفتيش لضمان الالتزام ببنود المعاهدة.