لوكاشينكو يكتسح انتخابات الرئاسة في بيلاروسيا.. والشرطة تعتقل مرشحين شاركوا في مظاهرة احتجاج

أقرب منافسيه نال 2.56% من أصوات الناخبين

عناصر من الشرطة تواجه أمس المتظاهرين في مينسك احتجاجا على نتائج الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا (أ.ف.ب)
TT

حسبما كان متوقعا، فاز ألكسندر لوكاشينكو بفترة ولاية رابعة في الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا، التي كان شارك فيها تسعة مرشحين آخرين. وتشير النتائج الأولية بعد فرز أصوات الناخبين إلى فوز لوكاشينكو بنسبة أصوات تقدر بـ79.76 في المائة من أصوات الناخبين المشاركين في التصويت، أي ما يزيد عن خمسة ملايين ناخب، بينما لم يفز أقرب منافسيه، أندريه سانيكوف، سوى على 2.56 في المائة، وياروسلاف كوستوسيف على 1.97 في المائة، وفلاديمير نيكليايف على 1.77 في المائة، وهي نسب تقترب من النتائج التي سجلتها إحصاءات استطلاع الرأي بعد الخروج من مراكز الاقتراع، وقالت إن لوكاشينكو حصل على 76.4 في المائة، وسانيكوف على 3.22 في المائة ونيكليايف على 3.35 في المائة، وكوستوسيف على 3.31 في المائة.

وعلى الرغم من كل الشائعات التي تروجها المعارضة في بيلاروسيا حول تزوير الانتخابات، فإن الشواهد كانت ترجح أن المعركة حسمها قبل بدايتها تردد وانقسام مرشحي المعارضة، وعدم اتفاقهم حول مرشح واحد، في الوقت الذي تعالت فيه لدى بعضهم الشعارات المعادية لروسيا، التي ينادي بعضها بإلغاء وضعية اللغة الروسية كلغة رسمية ثانية في بيلاروسيا، وبناء شبكة الحدود مع روسيا، وهو ما يرفضه شعب بيلاروسيا لارتباطه بالكثير من علاقات القرابة والصداقة مع سكان المناطق الروسية المجاورة التي يدخلونها من دون تأشيرات.

وكانت الاتهامات بالعمالة للكرملين مثار انتقادات بين أوساط المعارضة، في الوقت الذي كان فيه لوكاشينكو على خلاف حقيقي مع قياداته بلغ حد الملاسنات الكلامية مع رئيسي الدولة والحكومة في موسكو قبل تسوية العلاقات فيما بينهم قبل الانتخابات بوقت قليل، ولقاء الرئيسين لوكاشينكو وديمتري ميدفيديف في موسكو في وقت سابق من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وقالت ليديا يرموشينا، رئيسة اللجنة العليا للانتخابات إن عدد المؤيدين للرئيس لوكاشينكو في الانتخابات الأخيرة يقلون بنسبة 3 في المائة عن عدد مؤيديه في الانتخابات الماضية، لكنها أشارت أيضا إلى أن عدد المشاركين في الانتخابات الأخيرة كانوا يقلون أيضا عن الانتخابات السابقة، حيث بلغت نسبتهم 90.66 في المائة، بدلا من 92.60 في المائة.

وما إن جرى إعلان هذه النتائج حتى خرجت جماهير المعارضة إلى وسط العاصمة مينسك، قاصدين مقري الحكومة والبرلمان، يحاولون اقتحامه محطمين زجاج أبوابه ونوافذه، وهو ما تصدت له الشرطة وقوات الأمن، وما أسفر عن مواجهة أدت إلى تعرض الكثيرين للضرب والإصابات، ومنهم خمسة من المرشحين، واعتقال ما يقرب من الألف متظاهر، منهم ثمانية من المرشحين، بينما جرى نقل أحدهم، وهو فلاديمير نيكليايف مصابا برضوض وكدمات إلى المستشفى لتلقي العلاج. وقد توجهت رئيسة اللجنة المركزية للانتخابات إلى المراقبين الدوليين تناشدهم عدم الربط بين نتائج الانتخابات وما قامت به الشرطة وأجهزة الأمن لتفرقة المتظاهرين، مؤكدة أن المهمة الرئيسية للمراقبين الدوليين تظل في إطار تقديرهم للعملية الانتخابية، وليس ما يحدث بعد الإعلان عن النتائج من إجراءات احتجاج لا تؤثر على إرادة الناخب في الإدلاء بصوته، وتحديد خياره قبل ذلك بما يقرب من عشرين ساعة.

وقالت مصادر الشرطة إن هناك أيضا ضحايا من جانب قوات الأمن أصيبوا بسبب اعتداءات المتظاهرين عليهم، نافية ما قيل حول سقوط قتلى. على أن هناك أيضا من المرشحين من أدان تصرفات زملائه، مثل ياروسلاف رومانتشوك، الذي حمل على من وصفهم بمثيري الشغب الذين يمكن أن يكونوا سببا سوف تتذرع به السلطة لقمع الحركة الديمقراطية وحظر نشاط كل الأحزاب السياسية. وقال إنه لا يخشى اتهامه بالخيانة، لكنه يؤكد ضرورة تحمل ثلاثة من زملائه وهم نيكليايف وسانيكوف وستاتكيفيتش لمسؤولية ما حدث وسقوط الضحايا بين المتظاهرين من المدنيين، على اعتبار أن الثلاثة سبق أن أعلنوا أنهم سوف يكونون مسؤولين عن تنظيم المظاهرات السلمية.

وأشار مرشح آخر، وهو فيكتور تيريشينكو، إلى أن محاولة اقتحام مقر الحكومة كانت قد دبرت قبل موعد إجراء الانتخابات بعشرة أيام وهو ما رفضه في حينه على حد قوله. وكشف عن أنه جرى التفكير أيضا في مهاجمة مقر الرئاسة ومبنى الإذاعة إلى جانب مقر الحكومة، لكنه رفض الكشف عن أسماء المتهمين في تدبير هذه الخطط، مؤكدا أن ذلك من صميم عمل النيابة وأجهزة الأمن.

وقد أعلنت فصائل المعارضة مطالبها إلى المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، واعتبار هذه الانتخابات ليست عادلة وغير نزيهة. وفي حين أعلنت بعثة منظمة بلدان الكومنولث عن اعترافها بنزاهة وعدالة وديمقراطية الانتخابات، وقالت إنها جرت على نحو يتسم بالشفافية من دون مخالفات جسيمة تذكر، أشار آخرون، ومنهم «فريدوم هاوس» إلى أنهم لا يثقون في إجراء أي انتخابات حرة في بيلاروسيا. وأصدرت هذه المنظمة بيانا تشير فيه إلى وجود المخالفات التي تمثلت في الاعتداء على المتظاهرين احتجاجا على نتائج الانتخابات، وضرب بعضهم، ومنعهم من الحديث إلى وسائل الإعلام المستقلة.

وعزا ديفيد كرامر نائب رئيس المنظمة مهاجمة مراكز الإنترنت ومحال بيع الهواتف المحمولة إلى محاولات السلطة إخفاء تزوير نتائج الانتخابات.

واختلفت التقديرات أيضا فيما يتعلق بما قامت به أجهزة الأمن لمواجهة تظاهرات المعارضين، وما تخلل ذلك من تجاوزات واعتقالات، حيث قال سيرغي ليبيديف رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة بلدان الكومنولث إنه يعتبرها مشروعة، مشيرا إلى وجود الأشكال والآليات اللازمة للإعراب عن الاحتجاج على نتائج الانتخابات، وهو على النقيض مما قاله آخرون من ممثلي الدول الغربية وسفارة الولايات المتحدة في مينسك ممن أدانوا ما وصفوه بالعنف والتجاوزات من جانب قوات الأمن ضد المتظاهرين، بينما شجبوا عمليات الاعتقال بين صفوفهم.