سيول تتحدى تهديدات بيونغ يانغ وتجري مناورات بالذخيرة الحية

موسكو تدعو الكوريتين إلى «إظهار ضبط النفس»

TT

تحدت كوريا الجنوبية تهديدات كوريا الشمالية لها بشن حرب إن هي مضت قدما في المناورات المقترحة في المنطقة المتنازع عليها بين الدولتين، وأجرت أمس مناورات بالذخيرة الحية. وكانت كوريا الشمالية قد أطلقت هذه التهديدات بعد فشل اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي في الاتفاق على كيفية نزع فتيل الأزمة المتفاقمة بين الدولتين.

وكانت موسكو قد دعت الكوريتين، على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف إلى «إظهار أقصى درجات ضبط النفس». وقال لافروف إن الوضع بين الكوريتين بات متوترا للغاية، معربا عن أسفه بسبب فشل مجلس الأمن الدولي في تبني بيان بشأن تلك المسألة.

ونقلت وكالة «إيتار تاس» الروسية للأنباء عن لافروف قوله للصحافيين أمس إنه «لا يمكن أن يكون هناك أي تفاؤل بشأن هذا الوضع. ولهذا السبب اقترحنا خلال مطلع الأسبوع الدعوة بشكل عاجل لعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي لإرسال مؤشر من دون إدانة أحد للجميع بأن يظهروا أقصى درجات ضبط النفس. الوضع متوتر للغاية. ولقد عقد الاجتماع وعلى الرغم من أنه لم يتبن أي بيان مع الأسف فإن إشارة واضحة أعطيت خلال المناقشات».

وأضاف لافروف أن أساس هذه الإشارة هو أن الجانبين يتعين أن يمتنعا عن أي أعمال استفزازية وتحركات من شأنها أن تزعزع الوضع.

وكان من المقرر إجراء المناورات الكورية الجنوبية في مطلع الأسبوع لكنها تأجلت لسوء الأحوال الجوية. واستمرت المناورات نحو ساعتين أطلقت خلالها نيران المدفعية دون توقف تقريبا. وأطلقت بعض القذائف من مسافة قريبة وبعضها من مسافة بعيدة. وهزت القذائف المخابئ الواقية من الغارات الجوية على جزيرة يونبيونغ. ولم يبدر عن كوريا الشمالية رد فعل بعد.

وقد نقلت وكالة «رويترز» عن شاهد قوله: «لا يمكنني أن أذكر عدد القذائف التي أطلقت على وجه التحديد. بعضها أطلق من على مسافة بعيدة وبعضها أحدث ضوضاء». وأضاف «المخبأ يهتز والناس هناك وأنا من بينهم قلقون».

وفي المرة السابقة التي أجرت فيها سيول مناورات بالذخيرة الحية من جزيرة يونبيونغ بالقرب من الحدود البحرية المتنازع عليها قبالة الساحل الغربي لشبه الجزيرة الكورية - وذلك في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) - ردت بيونغ يانغ بقصف الجزيرة، مما أسفر عن سقوط قتيلين مدنيين واثنين من مشاة البحرية في أسوأ هجوم على كوريا الجنوبية منذ الحرب الكورية التي انتهت عام 1953.

لكن وسط هذه التوترات تحدث تقرير عن إمكانية حدوث انفراجة دبلوماسية عندما ذكرت شبكة «سي إن إن» أن الوسيط الأميركي بيل ريتشاردسون حصل على تنازلات من كوريا الشمالية بشأن عودة المفتشين النوويين.

وفي الأسبوع الماضي حذرت كوريا الشمالية من أنها ستوجه ضربة أشد إذا مضت كوريا الجنوبية في إجراء المناورات. وما كان من الصين وروسيا إلا أن حذرتا سيول من إجراء المناورات بينما ساندت الولايات المتحدة حق كوريا الجنوبية في إجرائها.

وأثرت التوترات في البداية على الأسواق الكورية عندما فتحت أمس إذ هبط الـ«وون» ما يقرب من اثنين في المائة مسجلا أدنى مستوى منذ شهر أمام الدولار كما فقدت الأسهم واحدا في المائة في التعاملات المبكرة.

وقالت «سي إن إن» نقلا عن مراسلها في بيونغ يانغ إن كوريا الشمالية «وافقت على السماح لأفراد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعودة إلى منشأة نووية في البلاد ووافقت على التفاوض على بيع 12 ألف قضيب وقود وشحنها إلى دولة في الخارج يفترض أنها كوريا الجنوبية». وأضاف المراسل «الشمال وافق أيضا على التفكير في اقتراح ريتشاردسون بتشكيل لجنة عسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية بالإضافة إلى إنشاء خط ساخن منفصل للجيشين الكوريين».

وقالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية إنه لا يمكنها تأكيد الاتفاق، وقال متحدث «لا تتوافر لدينا التفاصيل المحددة بعد لذا فمن السابق لأوانه إعطاء تقييم رسمي».

وطردت كوريا الشمالية المفتشين في أبريل (نيسان) 2009 بعد أن تخلت عن اتفاق سابق بنزع التسلح مقابل الحصول على مساعدات.

غير أن كوريا الشمالية كشفت الشهر الماضي عن تقدم فني كبير في تخصيب اليورانيوم، مما قد يعطي مبررا آخر لإمكانية استعدادها لإنهاء برنامج البلوتونيوم.

وقال الجانبان إنهما سيستخدمان القوة في الدفاع عن أراض قبالة الساحل الغربي يقول كل منهما إنها أراضيه مما أثار قلقا دوليا من أن تخرج المواجهة سريعا عن نطاق السيطرة. ونقلت وكالة «يونهاب» الكورية عن مسؤولين عسكريين قولهم إن القذائف التي ستطلق في المناورة ستسقط على بعد أكثر من 10 كيلومترات من الحدود البحرية.

ولكن بيونغ يانغ لا تقبل بخط الحدود، وقالت الأسبوع الماضي إن إجراء سيول للمناورة سيكون «استفزازا انتحاريا»، فيما قال مسؤولون من كوريا الجنوبية إن الشمال يجري استعدادات عسكرية مماثلة لإجراءات تم رصدها قبل اشتباك الشهر الماضي وإنه يزيل أغطية المدفعية على الساحل وينقل بطاريات مدفعية إلى الأمام.

وتدافع سيول عن المناورات وتقول إنها روتينية تجريها شهريا منذ سنوات بينما قالت الصين وروسيا إن إجراءها في الوقت الراهن لن يؤدي إلا إلى زيادة التوتر.

وكانت روسيا قد دعت إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي في محاولة لمنع تصاعد التوتر لكن القوى الكبرى فشلت في الاتفاق على مسودة بيان بسبب الخلاف على ما إذا كان ينبغي إلقاء اللوم على بيونغ يانغ. وقالت سوزان رايس مندوبة واشنطن في الأمم المتحدة «من غير المرجح تجاوز الخلافات المتبقية». وقال دبلوماسيون آخرون بالمجلس إن من المحتمل أن يعود المجلس للنظر في المسألة.