النائب العام المصري يحيل 3 متهمين للمحاكمة بتهمة التخابر لإسرائيل

أحدهم مصري معتقل.. وإسرائيليان هاربان

TT

قرر النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود أمس إحالة 3 متهمين إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا «طوارئ» لاتهامهم بالتخابر لحساب إسرائيل ومحاولة الإضرار بمصالح مصر وعلاقاتها بدول أخرى (سورية ولبنان).

والمتهمون هم كل من: طارق عبد الرازق حسين حسن (37 عاما) ويعمل صاحب شركة تصدير واستيراد، وإيدي موشيه (إسرائيلي الجنسية - هارب)، وجوزيف ديمور (إسرائيلي الجنسية - هارب).

وأعلن المستشار هشام بدوي، المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، في مؤتمر صحافي عقده ظهر أمس الاثنين أن المتهمين الثلاثة قاموا خلال الفترة من شهر مايو (أيار) عام 2007 وحتى أغسطس (آب) الماضي، داخل مصر وخارجها بالتخابر مع من يعملون لحساب دولة أجنبية (إسرائيل) بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، بأن اتفق المتهم المصري طارق عبد الرازق، أثناء وجوده بالخارج، مع المتهمين الإسرائيليين على العمل معهما لصالح المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، وإمدادهما بالتقارير والمعلومات عن بعض المسؤولين الذين يعملون بمجال الاتصالات لانتقاء من يصلح منهم للتعاون مع المخابرات الإسرائيلية بغية الإضرار بالمصالح المصرية.

ونسبت النيابة إلى المتهم الأول المصري أيضا أنه قام بعمل عدائي ضد دولتين أجنبيتين (سورية ولبنان) من شأنه تعريض الدولة المصرية لخطر قطع العلاقات السياسية معهما، بأن اتفق بالخارج مع المتهمين الإسرائيليين لمصلحة المخابرات الإسرائيلية على إمدادها بتقارير بها معلومات عن بعض السوريين واللبنانيين لانتقاء من يصلح منهم للتعاون مع المخابرات الإسرائيلية، وبنقل تكليفات من إسرائيل لأحد عملائها بسورية، وكان من شأن ذلك تعريض الدولة المصرية لخطر قطع العلاقات السياسية مع هاتين الدولتين.

وقالت النيابة: إن المتهم المصري قبل وأخذ ممن يعملون لحساب دولة أجنبية أموالا بقصد ارتكاب أعمال ضارة بالمصلحة القومية للبلاد، فقد أخذ من المتهمين الإسرائيليين 37 ألف دولار أميركي على فترات، نظير التعامل معهما لصالح المخابرات الإسرائيلية للإضرار بالمصالح القومية لمصر.

ونسبت النيابة إلى المتهمين الإسرائيليين الهاربين أنهما اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم المصري في ارتكاب الجرائم السابقة، بأن اتفقا معه بالخارج على ارتكابها وساعداه بأن تحملا نفقات سفره وإقامته بدول الهند وتايلاند وسورية ونيبال ولاوس.. وأمداه بجهاز حاسب آلي (كومبيوتر) مشفر لاستخدامه في حفظ المعلومات والتراسل من خلاله معهما عبر البريد الإلكتروني، فوقعت الجريمة (التخابر) بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.

كما نسبت نيابة أمن الدولة العليا إلى المتهمين الإسرائيليين أيضا أنهما قاما بإعطاء المتهم المصري المبالغ النقدية المبينة بالتحقيقات بقصد ارتكاب عمل ضار بالمصالح القومية لمصر.. بينما نسبت النيابة إلى المتهمين الثلاثة جميعا أنهم اشتركوا في اتفاق جنائي فيمن بينهم لارتكاب الجرائم السابقة.

وقررت النيابة إحالة أوراق القضية إلى محكمة استئناف القاهرة لتحديد جلسة ودائرة المحاكمة التي ستباشر محاكمة المتهمين، مع استمرار حبس المتهم الأول احتياطيا على ذمة القضية، وتكليف السلطات المختصة باتخاذ إجراءات القبض على المتهمين الإسرائيليين وحبسهما على ذمة القضية.

كانت هيئة الأمن القومي المصرية قد أبلغت نيابة أمن الدولة العليا أن المتهم طارق عبد الرازق، الذي سبق له العمل مدربا رياضيا (كونغ فو) بأحد الأندية في غضون عام 2006، سافر إلى دولة الصين للبحث عن عمل.. وأثناء وجوده بها بادر من تلقاء نفسه عام 2007 بإرسال رسالة عبر بريده الإلكتروني لموقع جهاز المخابرات الإسرائيلية مفادها أنه مصري ومقيم في دولة الصين ويبحث عن فرصة عمل، ودون بها بياناته ورقم هاتفه؛ حيث تلقى في شهر أغسطس 2007 اتصالا هاتفيا من المتهم الثالث جوزيف ديمور، أحد عناصر المخابرات الإسرائيلية، واتفقا على اللقاء بدولة الهند ومقابلته بمقر السفارة الإسرائيلية بها؛ حيث تم استجوابه عن أسباب طلبه للعمل مع جهاز الموساد وسلمه مبلغ 1800 دولار أميركي مصاريف انتقالاته وإقامته.

وأشارت التحريات إلى أن طارق عبد الرازق سافر إلى دولة تايلاند بدعوة من جوزيف؛ حيث تردد عدة مرات على مقر السفارة الإسرائيلية بدولة تايلاند. وقدمه جوزيف إلى عنصر تابع للمخابرات الإسرائيلية، هو المتهم الثاني إيدي موشيه، الذي تولى تدريبه على أساليب جمع المعلومات بالطرق السرية وكيفية إنشاء عناوين بريد إلكتروني على شبكة الإنترنت، وكلفه بالسفر إلى كمبوديا ولاوس ونيبال لاستكمال التدريبات، وسلمه جهاز حاسب آلي محمول مجهز ببرنامج إلكتروني مشفر يستخدم كأداة للتخابر والتراسل السري فيمن بينهما؛ حيث يتسم هذا البرنامج بصعوبة اكتشافه أو التعامل معه من دون معرفة الخطوات الخاصة باستخدامه.

وأوضحت التحريات أن المتهم المصري تلقى تدريبا على كيفية تشغيل هذا البرنامج، كما تسلم حقيبة يد للحاسب الآلي تحتوي على وسيلة إخفاء مستندات ونقود وبلوك نوت معالج كيميائيا، وسلمه جهاز تليفون محمول به شريحة تابعة لشركة في هونغ كونغ. وذكرت التحريات أن المتهم الثاني إيدي موشيه أمد طارق بمبلغ 5 آلاف دولار أميركي قيمة مصاريف إنشاء شركة استيراد وتصدير، مقرها دولة الصين، وكلفه بإنشاء عنوان لبريد إلكتروني عبر شبكة المعلومات الدولية على موقع في هونغ كونغ باسم حركي (خالد شريف) بصفته مديرا لتلك الشركة، سعيا للبحث عن أشخاص من داخل دولة سورية للعمل في مجال تصدير زيت الزيتون والحلويات والتسويق العقاري، لانتقاء من يصلح منهم للتعاون مع المخابرات الإسرائيلية.

وأشارت التحريات إلى أنه تنفيذا لتكليفات المتهم الثاني إيدي موشيه، فقد سافر طارق عدة مرات إلى دولة سورية للوقوف على الإجراءات الأمنية في الشارع السوري، والتقى الكثير من أصحاب تلك الشركات، متخذا اسما حركيا (طاهر حسن).. وأعد تقارير بنتائج زيارته قدمها إلى إيدي موشيه في حضور أحد عناصر جهاز الموساد ويدعى أبو فادي، الذي تولى استجوابه تفصيليا عن الإجراءات الأمنية داخل مطار دمشق وكثافة الوجود الأمني في الشارع السوري؛ حيث أبلغه أبو فادي، خلال أحد لقاءاته معه، بوجود صديق له بسورية يعمل بأحد الأماكن المهمة هناك.

وذكرت التحريات أن المتهم طارق سافر إلى سورية عدة مرات، والتقى شخصا سوريا، وحصل منه على معلومات سرية، وتولى طارق حفظ وتشفير تلك المعلومات من خلال وسيلة التراسل المسلمة له وهي جهاز الكومبيوتر المحمول؛ حيث تولى تسليم تلك المعلومات إلى إيدي موشيه، وسلم المواطن السوري مبالغ مالية قدرها 20 ألف دولار أميركي مقابل تلك المعلومات التي تحصل عليها منه، كما سلمه شريحة تليفون محمول تعمل على شبكة اتصالات بهونغ كونغ كوسيلة اتصال بين هذا الشخص وأبو فادي، ضابط الموساد الإسرائيلي.

وأشارت التحريات إلى أن إيدي موشيه كلف طارق عبد الرازق بوضع إعلانات جاذبة عبر شبكة الإنترنت عن وظائف شاغرة في جميع التخصصات، لطلب مهندسين يعملون في شركات الاتصالات بكل من دول مصر ولبنان وسورية.. على أن يكلف طارق بمسؤولية الإشراف عليه وإعداد تقارير لراغبي العمل في هذا المجال عن ظروفهم الاجتماعية ومؤهلاتهم العلمية، سعيا إلى تجنيدهم لصالح المخابرات الإسرائيلية.

وقالت النيابة: إنه ثبت من الفحص الفني لجهاز الحاسب الآلي المحمول وكارت الذاكرة الذي ضبط بحوزة طارق، أنهما يحتويان على ملفات تحمل معلومات سرية تولى طارق تسليمها للمخابرات الإسرائيلية، ووسيلة إخفاء متطورة وعالية التقنية، وهي حقيبة اليد المذكورة، التي لا يمكن كشفها سواء بالفحص الظاهري أو باستخدام أجهزة الفحص الفنية بالأشعة السينية، وتستلزم خبرة فنية عالية لا تتوافر إلا في أجهزة الأمن.

وأوضحت النيابة أنه بتفريغ محتويات صندوق البريد الإلكتروني الخاص بطارق على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، فقد تم العثور على مواقع لتوظيف العمالة بالخارج، ومراسلات بين طارق وإيدي موشيه وكذلك العثور على الإعلان الذي أنشأه جهاز المخابرات الإسرائيلي للبحث عن أشخاص مصريين من العاملين في مجال الاتصالات والحصول على عدد من السير الذاتية الخاصة بأشخاص سوريين وفلسطينيين ومراسلات مع شركات في سورية.