مصادر الحريري لـ«الشرق الأوسط»: بعض حلفاء بري يريدون تحويل اللبنانيين إلى «شهود زور» على ضياع بلدهم

تضاؤل إمكانية انعقاد مجلس الوزراء... وحزب الله مصر على ملف «الشهود» أولا

TT

زادت المواقف التي أعلنها رئيس مجلس النواب نبيه بري في اليومين الأخيرين لناحية تمسكه بالمخرج الذي اقترحه لحل ملف «شهود الزور» وتحميله فريق «14 آذار» مسؤولية التعطيل من «طين» الأزمة الوزارية «بلة»، مع اقتراب إجازة الأعياد واستعداد قسم كبير من المسؤولين اللبنانيين للسفر في إجازات خاصة إلى الخارج.

وعلى الرغم من المحاولات التي يبذلها رئيس الحكومة سعد الحريري بالتنسيق مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الذي استقبل أمس وزير حزب الله حسين الحاج حسن، فإن إصرار كل من الرئيس بري وحزب الله على إحالة الملف إلى المجلس العدلي، أدى أمس إلى تراجع إمكانية انعقاد مجلس الوزراء قبل عيد الميلاد أو حتى في الفترة الفاصلة بين عيدي الميلاد ورأس السنة.

وفي هذا السياق، شددت مصادر مقربة من الرئيس الحريري لـ«الشرق الأوسط» على أن «المطلوب اليوم هو الدخول من المسرب القانوني لحل مسألة (شهود الزور) واحتكام الطرف الآخر إلى القانون عبر الهيئة الاستشارية التي طرحها الرئيس الحريري، وعدم تضييع الفرص الكبيرة على لبنان وضرب الاستقرار بشكل مجاني».

وتعليقا على مواقف الرئيس بري، رأت هذه المصادر أن «الرئيس بري يعرف أن الموضوع يحتاج إلى توافق في مجلس الوزراء»، مذكرة بأنه «أقفل مجلس النواب لسنوات على رغم مطالبة أكثر من نصف نواب المجلس بانعقاده، فيما يعارض اليوم 20 وزيرا مبدأ التصويت، والمطلوب أن يرضخوا للفريق الآخر». وأكدت: «إننا نقدر جهود الرئيس بري ولكننا اليوم لا نريد التصويت بل الاحتكام إلى القانون ومنه نمر إلى التوافق»، وقالت: «نريد نية واضحة، وما يطرحه الرئيس بري قد يكون انطلاقا من نية واضحة، لكن هناك بعض الأطراف في فريق (8 آذار) يريدون تزوير إرادة جميع اللبنانيين وتحويلهم إلى (شهود زور) على ضياع بلدهم».

وفي سياق متصل، ذكّر وزير البيئة محمد رحال، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أنه «عندما طرح ملف شهود الزور على طاولة مجلس الوزراء لم يطرح بالطريقة التي تتم مقاربته فيها اليوم، وتم التوافق على تكليف وزير العدل إبراهيم نجار إعداد تقرير قانوني حوله، وفي ما بعد لم يوافق وزراء المعارضة على تقرير نجار».

ورأى رحال أن «تعطيل مجلس الوزراء يشكل نسفا لاتفاق الدوحة الذي أقر عدم جواز التعطيل تحت أي عنوان سياسي»، معربا عن اعتقاده بأن «ما يجري هو بمثابة ممارسة ضغط على الرئيس الحريري الذي يستمر في محاولة تدوير الزوايا من خلال الاتصالات التي يقوم بها».

ولفت إلى أن «الرئيس سليمان حاول تمرير نقل اعتمادات لبعض الوزارات في الجلسة الأخيرة ورفض وزراء (8 آذار) ذلك»، مشيرا إلى أن ذلك «يشكل دليلا صارخا على أن الموضوع السياسي هو العنوان الأساسي للفريق الآخر الذي يعطل كل ما عداه من ملفات أخرى عالقة». وعما إذا كان فريق الحريري بوارد القبول بمبدأ التصويت، أكد أن «الموضوع لا يتعلق بمبدأ التصويت، وتبين من طريقة معالجة الموضوع أن وزراء رئيس الجمهورية ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط يعارضون مبدأ التصويت»، واضعا ما يجري في «إطار التضييق على وزراء الطرفين».

وفي إطار أبرز المواقف الوزارية الصادرة أمس في بيروت، جدّد وزير حزب الله حسين الحاج حسن التأكيد على تمسّك المعارضة «ببت بند شهود الزور بأي طريقة في مجلس الوزراء»، مشددا على أن «المعارضة مستعدة بعد ذلك لدرس كل البنود الواردة على جدول الأعمال». ورأى أن «استمرار الحكومة ولو بالظرف الحالي بتصريف الأعمال أفضل من الفراغ»، و«تدني إنتاجها أفضل من عدم وجودها»، مشدّدا على أن «من يعطل الحكومة هو من يقف حاجزا ببت ملف شهود الزور».

وانتقد وزير السياحة فادي عبود «المسعى لتسخيف موضوع شهود الزور»، وسأل: «إذا كان هذا الموضوع يعدّ بسيطا ويمكن الانتقال إلى البنود الأخرى، فلماذا الإصرار على عدم التصويت»، مشددا على «وجوب الخروج من موضوع التعطيل والاتهامات المتبادلة». وأشار إلى أن «نغمة التعطيل حاصلة وقائمة قبل أن يصل ملف شهود الزور، وأصبحت هذه النغمة طريقة في العمل لا علاقة لها بالموضوع الأخير». ورأى أن «أي محاكمة لأي إنسان تنتظر القرار الظني، ولكن على أي أساس تمّ توقيف الضباط الأربعة، وألم يتوقفوا جراء إفادة وشهادات شهود الزور».

وأوضح وزير الدولة وائل أبو فاعور أن موقف النائب جنبلاط من اقتراح الرئيس بري حول موضوع «شهود الزور» كان «عدم الممانعة شرط موافقة رئيس الحكومة لأنه في النهاية رئيس مجلس الوزراء»، معتبرا أن «القرار السياسي بمحاكمة شهود الزور أصبح أمرا موافقا عليه من قبل كل القوى السياسية، إلا أنه يبقى الإجراء القانوني وهو إجراء تقني، يعني إما إحالته إلى القضاء العادي أو القضاء العدلي». وأعرب عن قناعته بأنه «لا مبرر لتعطيل عمل الحكومة»، وقال: «نفضل التوافق حول هذا الموضوع، إذ لا يستحق الأمر خلق مشكلة في البلد». ودعا وزير الدولة جان أوغاسابيان إلى «تحييد أمور الناس عن ملف (شهود الزور)، ما دام هذا الملف هو ملف خلافي بين الفرقاء السياسيين»، لافتا إلى أن «الهدف من إحالة هذا الملف إلى المجلس العدلي إسقاط المحكمة الدولية الخاصة بلبنان».

وحول تمسك الرئيس بري بموقفه، أشار أوغاسابيان إلى أننا «نتمسك بموقفنا أيضا»، وقال: «في عام 2006 وبحجة الديمقراطية التوافقية أقفل المجلس النيابي وحصل اعتصام وذهب البلد إلى المجهول، فالفريق الآخر يعمل بموجب معادلة إما تسير القوى السياسية كما يريدون ووفق رغبتهم ومشيئتهم وإما يشلون البلد».