مسؤول باكستاني بارز لـ«الشرق الأوسط»: طهران سلمتنا قائمة بمطلوبين.. وتعاوننا مستمر

نجاد يدعو زرداري إلى اعتقال مطلوبين في هجوم انتحاري وتسليمهم لطهران

TT

تصاعدت أمس حدة الانتقادات الإيرانية للجارة الجنوبية الشرقية باكستان على خلفية التفجير الانتحاري الذي استهدف مراسم إحياء ذكرى عاشوراء في مدينة جابهار في إقليم سيستان بلوشستان الإيراني مؤخرا والذي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.

وكانت السلطات الإيرانية قد سارعت باتهام الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء تنفيذ الهجمات، لكنها لم تغفل في الوقت ذاته عن اتهام مسؤولين باكستانيين محليين بالتسهيل بالتورط في الهجوم، من خلال تسهيل تسلل المهاجمين عبر الحدود المشتركة بين البلدين، الأمر الذي نفته إسلام آباد بشدة. غير أن طهران لم تكتف بالنفي الباكستاني وسارع المسؤولون الأمنيون الإيرانيون إلى حث باكستان على ضبط الحدود بل حذر بعضهم من أنهم سيقومون بواجبهم إذا لم تؤد السلطات الباكستانية واجباتها على الحدود.

هذا التصعيد الإيراني تفاقم أمس عندما أجرى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد اتصالا هاتفيا بنظيره الباكستاني آصف علي زرداري وطلب منه تسليم المتورطين في الهجوم.

وبحسب وكالة أنباء فارس فقد طلب نجاد من زرداري أن تقوم القوى الأمنية الباكستانية «بملاحقة الإرهابيين بالسرعة الممكنة ومن ثم تسليمهم إلى الجمهورية الإسلامية»، مؤكدا أن «اجتثاث الإرهاب هو ما يطالب به مواطنو البلدين». وأعلن أحمدي نجاد عن استعداد القوى الأمنية في إيران لتبادل المعلومات وتقديم المساعدة إلى باكستان بقوله «إن الخطوات اللازمة التي يقوم البلدان بها من شأنه أن يؤدي إلى اجتثاث جذور الإرهاب في المنطقة».

وبحسب الوكالة الإيرانية فقد أكد الرئيس الباكستاني أن بلاده «لن تدخر وسعا في تقديم كافة أشكال التعاون في محاربة الإرهاب».

وفي إسلام آباد، أكد مسؤولون بارزون أن الحكومة الباكستانية قد تسلمت قائمة بأسماء مطلوبين من السلطات الإيرانية.

وأكد مسؤول باكستاني لـ«الشرق الأوسط» قائلا لقد «سلمت الحكومة الإيرانية مؤخرا قائمة بأسماء إرهابيين مطلوبين للحكومة الإيرانية». وأكد مسؤول باكستاني بارز أن بلاده كانت قد تعاونت بشكل مستمر مع إيران في الجهود المبذولة في مجال مكافحة خطر الإرهاب على المستوى الإقليمي. وأوضح أنه منذ فبراير (شباط) الماضي شرعت الحكومتان الإيرانية والباكستانية في هذا التعاون وهناك أمثلة متعددة على ذلك.

وتابع المسؤول قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «اعتقال عبد الملك ريغي (زعيم جماعة جند الله الإسلامية السنية الإيرانية المعارضة التي تنشط في إقليم سيستان بلوشستان وتشن هجمات بين الحين والآخر مستهدفة رجال الأمن الإيرانيين وسكانا شيعة)، في فبراير الماضي ما كان ليتم لولا إبلاغ المخابرات الباكستانية لنظيرتها الإيرانية»، مؤكدا أن بلاده لعبت دورا مهما في عملية الاعتقال.

وبحسب وجهة النظر الباكستانية فإن التعاون بين الطرفين قد تركز على جماعة جند الله، إذ كانت المخابرات الباكستانية قد اعتقلت عبد الحميد ريغي، شقيق عبد الملك، عام 2008 وسلمته إلى طهران.

وبحسب مصادر باكستانية، فإن إسلام آباد عرضت خلال الأشهر الثلاثة الفائتة القيام بدوريات حدودية مكثفة على الحدود لرصد تحركات جماعة جند الله.

لكن السلطات الإيرانية تعتبر التعاون الباكستاني هذا غير كاف، وهذا ما تجلى في تصريح رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء حسن فيروز آبادي أول من أمس والذي حث فيه الحكومة الباكستانية على فرض السيطرة على المجموعات الإرهابية التي تنشط في حدودها مع إيران. وتحدث آبادي عن «الثأر» لضحايا تفجير جابهار قائلا إن «الثأر لدماء شهدائنا الأعزاء في مراسم تاسوعاء الإمام الحسين عبر تفجيرات جابهار هو حقنا وإن هذا التصرف الإجرامي واللاإنساني والإرهابي لا يمكن السكوت عليه ولذا على باكستان ضبط حدودها ومنع تسلل العناصر الإرهابية إلى إيران».

ولم يوضح المسؤول طريقة «الثأر» الإيراني للضحايا، لكن وكالة «فارس» الموالية للحرس الثوري الإيراني ذكرت في تقرير أعدته أن بإمكان إيران اتخاذ خطوات عملية مشابهة لما قام به الجيش التركي عندما دخل الأراضي العراقية لمطاردة حزب العمال الكردستاني التركي المعارض الذي يشن هجماته من داخل الأراضي العراقية.

وقال التقرير إن الرأي العام في إيران يدعو إلى «اتخاذ خطوات عسكرية وأمنية مع الإرهابيين على الأراضي الباكستانية». وأوضح أن «الجيش التركي قد اتخذ قرارا بملاحقة العناصر الإرهابية لحزب العمال التركي داخل الأراضي العراقية بعمق 10 كيلومترات في الشمال العراقي وذلك بعد يوم واحد فقط من مقتل 9 جنود أتراك من قبل عملية قام بها هذا الحزب»، وأضاف «ولم تكتف تركيا بهذا وإنما صار الجيش التركي يخترق الأراضي العراقية مرات كثيرة لملاحقة عناصر حزب العمال كان أكثر فعالية تلك التي حصلت عام 2008 استخدمت فيها القوات الجوية والبرية، ورغم مقتل 27 جنديا تركيا فقط فإن الجيش التركي نجح في تدمير عدة قواعد قتل على أثرها 240 من حزب العمال»، داعية إلى اتخاذ إجراءات حاسمة على الحدود مع باكستان في حال عدم تعاون المسؤولين بشكل جاد هناك.

وتحدث التقرير عن أن توتر الأمن على الحدود مع باكستان قد بدا منذ عام 2005 باختطاف 9 من قوات حرس الحدود الإيرانيين في منطقة سرباز التابعة لمحافظة سيستان وبلوشستان.

وأضاف التقرير أنه بعد «عدة أشهر أقدمت جماعة ريغي الإرهابية في عام 2006 بقطع الطريق في منطقة كرمان عندما ارتدوا ملابس عسكرية واستطاعوا إيقاف إحدى 4 سيارات وإجبار المسافرين على الترجل منها ومن ثم إطلاق النار على 12 منهم بطلقات وجهت على الرأس». وأعلن مسؤول إيراني كبير آنذاك أنه «بعد التقصي والمتابعة لجماعة ريغي الإرهابية توصلنا إلى أن تلك العناصر تستقر على الحدود بين باكستان وأفغانستان لكن لم يكن بمقدورنا تنفيذ عمليات ضدها بسبب الحدود الضيقة هناك».