قمة في الخرطوم تشدد على إجراء الاستفتاء في موعده.. وتفضيل الوحدة أو انفصال سلمي

مبارك والقذافي وولد عبد العزيز والبشير وسلفا كير يعقدون جلسة سرية لساعات ويغادرون الخرطوم

الرئيس المصري حسني مبارك والزعيم الليبي معمر القذافي، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، والرئيس السوداني عمر البشير ونائبه الأول سلفا كير أثناء قمة حول استفتاء السودان في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

شددت قمة رباعية عقدت في الخرطوم ضمت زعماء مصر وليبيا وموريتانيا والسودان على إجراء استفتاء تقرير مصير الجنوب في موعده بعد أقل من 20 يوما مع تفضيل خيار «الوحدة بين الشمال والجنوب»، أو حصول انفصال «سلمي» وتفادي الحرب الأهلية، وسط تكتم شديد على تفاصيل المقترحات التي تمت مناقشتها أمس.

وشهدت العاصمة السودانية قمة ضمت الرئيس المصري محمد حسني مبارك والزعيم الليبي معمر القذافي، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، والسوداني عمر البشير ونائبه الأول ورئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت، بعد زيارة قصيرة لزعيمي مصر وليبيا للسودان، تزامنت مع زيارة للرئيس الموريتاني. وفور وصول مبارك والقذافي إلى الخرطوم انخرط الزعماء الخمسة في مفاوضات مغلقة، لم يشارك فيها حتى المسؤولين الكبار الذين رافقوا الزعماء، ولم تتضح تفاصيل اللقاء الذي استمر قرابة الساعتين، في حين غادر مبارك والقذافي العاصمة السودانية فور انتهاء القمة، لكن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط قرأ على الصحافيين بيانا ختاميا للقمة التي عقدت في وقت يواجه فيه السودان موقفا حرجا، ووضعا حساسا بإجراء استفتاء الجنوب في التاسع من يناير (كانون الثاني( المقبل، في حين تواجه شريكي الحكم عقبات كبيرة؛ تمثلت في استفتاء منطقة أبيي الغنية بالنفط وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، بالإضافة إلى ترتيبات ما بعد الاستفتاء، وتشمل النفط، والموارد الطبيعية، والمياه، والجنسية والمواطنة، والديون الخارجية، والمعاهدات الدولية. وقال أبو الغيط: «بحثت القمة أولويات استيفاء استحقاقات اتفاقية السلام الشامل في جنوب السودان، وإجراء استفتاء الجنوب في جو من السلام والهدوء والشفافية والمصداقية، وبما يعكس إرادة شعب جنوب السودان في البقاء في إطار السودان الموحد أو الانفصال السلمي، وهي إرادة جدد القادة المشاركون في القمة احترامها أيا ما كانت نتيجة الاستفتاء. وتتطلع القمة لأن تكون نتيجة الاستفتاء أيا ما كانت إيجابية على مستقبل السودان»، وأشار إلى أن «انعقاد القمة جاء إدراكا من القادة المشاركين فيها لمدى أهمية التطورات التي يمر بها السودان في هذه المرحلة مع بدء العد التنازلي لموعد الاستفتاء على مصير جنوب السودان واستحقاقات مرحلتي ما قبل وما بعد الاستفتاء، التي تتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية كافة للوفاء بهذه الاستحقاقات تحقيقا للسلام والاستقرار في ربوع السودان كافة». وأكدت القمة على أهمية بذل الجهود كافة لدعم الثقة المتبادلة بين طرفي اتفاق السلام الشامل في السودان والعمل على تسهيل الحوار المشترك بينهما وتمكينهما من التوصل إلى اتفاق حول القضايا الخلافية وبما يمهد لإجراء الاستفتاء في أجواء صحية، ومن ثم فقد بحثت القمة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى التقريب بين طرفي اتفاق السلام وعبرت عن دعمها الكامل لهذه الجهود وأهمية استمرارها وعن أملها في التوصل لاتفاق بشأن القضايا العالقة، كما أشادت بتأكيد طرفي اتفاقي السلام الشامل في السودان اتفاقهما حول جانب كبير من هذه القضايا، ودعت إلى استكمال الجهود للتوصل إلى تسوية للقضايا المتبقية. وذكر الوزير المصري أن القمة «عبرت عن ارتياحها وتقديرها لحرص طرفي اتفاق السلام الشامل على مواصلة العمل المشترك لاستكمال ترتيبات إجراء الاستفتاء في جو من الثقة يضمن تفادي أية أعمال من شأنها تعكير جو الهدوء ومناخ الثقة اللازمين لإجراء الاستفتاء، والاتفاق على ترتيبات العلاقات المستقبلية بينهما»، كما بحثت القمة مستقبل العلاقة بين شمال السودان وجنوبه بعد إجراء الاستفتاء، وأكدت أن الروابط العضوية بين الشمال والجنوب، التي تدعمها اعتبارات التاريخ والجغرافيا والثقافة والقيم الاجتماعية والمصالح المشتركة تستوجب من الأطراف كافة العمل على تدعيم واستمرار هذه الوشائج في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبصرف النظر عن نتيجة الاستفتاء، وشددت على ضرورة إقامة علاقات قوية بين الشمال والجنوب تستند إلى اعتبارات المصلحة المشتركة في تحقيق السلام والاستقرار والتنمية الاقتصادية، استنادا إلى عمق العلاقات والروابط التاريخية والثقافية بين شعبي الشمال والجنوب. وتعهد الزعماء بالعمل على تنمية ودعم التعاون بين الشمال والجنوب، والمساهمة الفاعلة في تنفيذ أهدافه وتحقيق التنمية الاقتصادية، وإعادة البناء في جنوب السودان وشماله، وإقامة علاقات تعاون مستقبلي تستند إلى الروابط المشتركة، والالتزام أيضا بتعزيز وتنمية الروابط الاقتصادية بين السودان وأشقائه بحكم اعتبارات الجوار والتاريخ المشترك والمستقبل الواحد. وبحثت القمة إحلال السلام في إقليم دارفور، وعبرت عن إشادتها، بالاستراتيجية الجديدة للحكومة السودانية، التي تستهدف تحقيق السلام والتنمية في الإقليم، ودعت الفصائل الدارفورية كافة لسرعة الانخراط في مفاوضات السلام الجارية في الدوحة والعمل بشكل جدي لتوقيع اتفاق السلام المنشود الذي يعيد الحياة والأمل لأهالي دارفور. وأشادت القمة بالجهود العربية والدولية كافة الرامية لتحقيق السلام في دارفور، والدور الذي قامت به كل من مصر وليبيا وقطر والمجتمع الدولي من أجل التوصل إلى اتفاق سلام شامل ينهي المعاناة الإنسانية في دارفور ويمهد للبدء في عملية إعادة البناء والإعمار في الإقليم.