كركوك: المسيحيون يلغون احتفالاتهم بأعياد الميلاد إثر تلقيهم تهديدا من «القاعدة»

10 قساوسة تلقوا الرسالة الموقعة من «وزارة الحرب» في تنظيم «دولة العراق الإسلامية»

شرطي عراقي يحرس مدخل كنيسة في كركوك أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن رئيس أساقفة الكلدان في كركوك أمس إلغاء الاحتفالات بأعياد الميلاد هذا العام في المدينة والاكتفاء بالصلاة إثر تلقيه تهديدات من تنظيم «القاعدة». وقال لويس ساكو، وهو أبرز الشخصيات المسيحية والمختص في حوار الأديان، إنه تلقى تهديدا عبر بريده الإلكتروني من ما يعرف بـ«وزارة الحرب» في «دولة العراق الإسلامية» (ائتلاف بقيادة «القاعدة»). وأضاف ساكو لوكالة الصحافة الفرنسية أن «المسيحيين قرروا عدم الاحتفال بالأعياد والاكتفاء بالصلاة التي لن تكون مثل كل عام ليلا؛ بل ستكون في العاشرة صباحا وسط إجراءات امني». وقال إنه يخشى «على المسيحيين في قداسهم أو بعد خروجهم أن يستهدفوا». وأضاف أن «إلغاء مراسم الأعياد كافة واقتصارها على القداس والصلاة والدعاء حداد على ضحايا كنيسة (سيدة النجاة)». وتسلم عشرة رجال دين مسيحيين الرسالة ذاتها، بينهم ساكو.

وكان عدد من المسلحين اقتحموا كنيسة «سيدة النجاة» في حي الكرادة وسط بغداد في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقتلوا 44 من المصلين بالإضافة إلى كاهنين. وقضى في الاعتداء الذي أعلنت «القاعدة» مسؤوليتها عنه سبعة من عناصر الأجهزة الأمنية أيضا.

وجاء في الرسالة التي وقعها وزير حرب «دولة العراق الإسلامية»: «لقد قرأتم الرسالة بشكل خاطئ وأصابكم العمى في مطالب المجاهدين وهذا سيكلفكم ثمنا غاليا جدا». وأضاف: «إذا استمريتم في استعداء المسلمين واخترتم تحدي المجاهدين حتى لو بقي اثنان من المجاهدين، لتفرغا لقتالكم، لذلك كان عليكم الإصغاء لمطاليبنا».

وطالبت الرسالة المسؤولين المسيحيين بأن «تتبرأوا علنا من أرباب الكنيسة المصرية في حرب إخواننا وأخواتنا ممن دخلوا الإسلام والتنكيل بهم، وأن تظهروا سعيكم بالضغط على تلك الكنسية لبيان حيال أخواتنا وإطلاق سراحهن كما فعلتم جاهدين من إنقاذ طارق عزيز من حبل المشنقة».

ودعت الرسالة كذلك رجال الدين المسيحيين إلى أن «يلتزموا صوامعهم وأديرتهم وأعمالهم» وأن يبتعد «أتباع الكنسية عن الانغماس في مشروع الاحتلال وحلف الشيطان بين الرافضة والصليبين في بغداد».

وقال ساكو إن المسيحيين «سيدعون في صلاتهم هذا العام مثل كل عام إلى أن تعم حالة الأمن والأمان في العراق، وأن يتجاوز الظروف التي يمر بها حاليا للحفاظ على وحدة أراضيه، وأنه على الرغم من أن الوضع في مدينة كركوك يشهد هدوءا نسبيا، لكن تحدث بين فترة وأخرى بعض المحاولات لاستهداف أطيافها، ومن بينها المسيحيون».

ويأتي الإعلان عن رسالة التهديد هذه غداة إعلان المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية اللواء محمد العسكري مقتل ثلاثة «إرهابيين» ليبيين كانوا يعدون لتنفيذ هجمات خلال أعياد الميلاد، وذلك خلال عملية نفذتها القوات العراقية في الموصل شمال بغداد. وقال العسكري إن «قوة خاصة من الجيش العراقي قتلت ثلاثة انتحاريين ليبيين» في عملية نفذت فجر أمس. وأضاف أن «القوة داهمت فجرا منزلا قيد الإنشاء في منطقة الجانب الأيمن لمدينة الموصل (370 كلم شمال بغداد) عندما تعرضت إلى إطلاق نار وهجوم بثلاث قنابل يدوية»، مشيرا إلى أن «قواتنا اشتبكت مع الإرهابيين الثلاثة وتمكنت من قتلهم». وأشار إلى العثور على ثلاثة أحزمة ناسفة وست قنابل يدوية ومسدس ووثائق.

وأكد العسكري أن «الإرهابيين وصلوا إلى المكان أول من أمس (السبت) وكانوا يستعدون لتنفيذ هجمات انتحارية بالتزامن مع أعياد الميلاد». ومنذ عام 2004 تعرضت نحو 52 كنيسة وديرا لهجمات بالمتفجرات، كما لقي نحو 900 مسيحي مصرعهم فضلا عن أعمال خطف طالت المئات منهم لطلب فدية. وكان عدد المسيحيين يتراوح بين 800 ألف ومليون ومائتي ألف قبل الاجتياح الأميركي للعراق ربيع عام 2003، وفقا لمصادر كنسية ومراكز أبحاث متعددة. ولم يبق منهم سوى أقل من نصف مليون نسمة إثر مغادرة مئات الآلاف منهم. كما انتقل بضعة آلاف إلى مناطق آمنة في شمال البلاد مثل سهل نينوى وإقليم كردستان.