التلوث في طهران سببه اتجاه الحكومة لإنتاج الغازولين بعد الحظر الدولي

مسؤولون أثاروا الشكوك حول أن سحابة الضباب من صنع إيراني

TT

فجأة، أصبح من العسير رؤية واحد من أبرز معالم طهران، سلسلة جبال إلبروز الواقعة على الحدود الشمالية للمدينة. بدلا من ذلك، تحولت أعين الإيرانيين، وشكاواهم، نحو جدار كثيف وسام من الضباب، نادرا ما غاب عن الأعين على مدار الشهرين الماضيين.

ووصف أزاده كيمياي (32 عاما) مدير علاقات عامة، واحدة من المشكلات الصحية التي عانى منها سكان منطقته على مدار أكثر من شهر بقوله: «تعرضت لمرض في عيني لأسبوعين متتاليين. وعانى اثنان من زملائي من المشكلة ذاتها. وأخبرني الطبيب أن التلوث هو السبب». وتعد متاعب العين واحدة من بين قائمة طويلة تتضمن الصداع والشعور بدوار وإرهاق.

بعد إصدار نفي شديد لوجود المشكلة في بادئ الأمر، ثم إلقاء اللوم على الطقس الشتوي - رغم أن المنطقة تعرضت لدرجات حرارة أعلى من المعدلات المعتادة في ذلك الوقت من العام خلال نوفمبر (تشرين الثاني) ومطلع ديسمبر (كانون الأول) - لجأت الحكومة الإيرانية منذ ذلك الحين لإجراءات تعويضية كبرى، مثل إعلان مفاجئ عن عطلة عامة ليومين وفرض تعليمات مرورية صارمة.

لكن حتى مع بدء هذه الإجراءات في ترك تأثير يقاوم التلوث، فإن التصريحات الصادرة مؤخرا عن سياسيين ومسؤولين أثارت الشكوك حول أن سحابة الضباب من صنع إيران، جراء إصدار المسؤولين أوامرهم لخمسة مصانع بتروكيماويات كبرى على الأقل بالتحول لإنتاج الغازولين بعدما دفعت ضغوط غربية الكثير من كبريات شركات التكرير في العالم لوقف الواردات لإيران.

تبعا لما ورد برسائل إلكترونية عرضت على خبراء بالصناعة ثم نشرت عبر مواقع إخبارية غير رسمية ومدونات، ربما يحتوي المعروض الجديد من الغازولين المحلي في إيران على مستويات مرتفعة من المركبات الأروماتية، تزيد على ضعف المستوى الذي يسمح به القانون الإيراني. وينتج حرق هذه المركبات الأروماتية داخل محرك سيارة عوادم مكدسة بتركيزات عالية من «الجزيئات الطائرة» أو دقائق، والتي بجانب الضباب المعتاد الناجم عن الأكسيد النتري والأوزون، تسبب مشكلات خطيرة بالقلب والجهاز التنفسي.

وأعرب خبير بصناعة النفط، رفض كشف هويته خوفا من التعرض لانتقام، عن اعتقاده بأن «الحكومات السابقة علمت أن مصانع البتروكيماويات بإمكانها إنتاج هذا النمط من الغازولين. لكن أحمدي نجاد اتخذ خطوة إضافية وأقدم على تنفيذ ذلك - رغم ما يحمله الأمر من تداعيات - بغية خدمة أهداف شعبوية وسياسية»، في إشارة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.

وصرح عبد الحسين بيات، المدير الإداري للشركة الوطنية للبتروكيماويات الإيرانية، لوسائل إعلام حكومية أن التلوث في العاصمة لا صلة له بالغازولين الناجم عن المنشآت البتروكيماوية، مشيرا إلى أن المنتج المحلي يتوافق مع، بل ويتفوق على المعايير الدولية.

إلا أن محمد رضا رضائي، عضو البرلمان الداعم لإدارة أحمدي نجاد، بدا أنه يعترف بأن الحكومة زادت إنتاجها المحلي من الغازولين وأن المستويات الخطيرة من تلوث الهواء تبدو الثمن الذي تتكبده البلاد للحفاظ على استقلاليتها عن القوى الأجنبية.

وقال في تعليقات قدمت للبرلمان، الاثنين، ونشرها موقع «أسر إيران» الإلكتروني الإخباري غير الرسمي: «زيادة التلوث أمر طبيعي، لكن للأسف يبدو أن البعض يفشلون في رؤية القضية الأساسية. الأمر المهم هو أن نبدأ في إنتاج الغازولين، وهذا أمر قيم للغاية». وأضاف «لا شك أن هناك مشكلات وشوائب، لكن مع استمرار الإنتاج ستسوى المشكلات ونصل إلى الغازولين القياسي».

وعلى الرغم من امتلاكها ثالث أكبر احتياطيات نفط مؤكدة بالعالم، فشلت إيران في زيادة قدرة منشآتها التكريرية المتهالكة لاستيعاب الطلب المحلي على الغازولين المتزايد بسرعة، وهو طلب شجعته الأسعار المنخفضة المدعومة وتنامي أعداد الشباب بين السكان الذين يسعون وراء امتلاك مركبات خاصة بهم كمؤشر على استقلاليتهم. ورغم استمرارها في نفي إمكانية أن يكون للغازولين المنتج محليا أي صلة بمستويات التلوث القياسية، اعترف أعضاء بإدارة أحمدي نجاد أن الصحة العامة تجابه مخاطر أكبر من أي وقت مضى. في أواخر الشهر الماضي، أعلنت وزيرة الصحة مارضية واحد دسترجدي زيادة المشكلات الصحية المرتبطة بالتلوث بنسبة 30% وارتفاع معدلات حالات الطوارئ بالمستشفيات بنسبة 18%، رغم عدم ذكرها الفترة التي شهدت الزيادة.

إلا أنه خلال أيام، سرب مسؤول من الحكومة البلدية بطهران إحصاءات صادرة عن وزارة الصحة حول الوفيات الناجمة عن التلوث عبر موقعه الإلكتروني الشخصي، التي تشير إلى أن العدد تجاوز 3.600 خلال الشهور التسعة الأولى من السنة الإيرانية، وهي أرقام لم تكشف أمام الرأي العام الإيراني حتى الآن.

* خدمة «نيويورك تايمز»