«ويكيليكس»: أميركا شجعت بابا الفاتيكان على الانفتاح تجاه الإسلام وتركيا

أسانج يدعو لوقف أعمال التحريض على قتله * صحيفة نرويجية تحصل على ربع مليون برقية دبلوماسية أميركية

مؤيدون لمؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج يضعون على وجوهم أقنعة تمثل العلم الأميركي في مظاهرة احتجاجية صامتة امام السفارة السويدية في كييف (أ.ب)
TT

كشفت وثائق نشرها موقع «ويكيليكس» أمس عن أن الولايات المتحدة الأميركية اعتبرت البابا بنديكتوس السادس عشر بابا الفاتيكان «موالي لأوروبا» ومن غير المرجح أن يمثل شخصية بارزة على المسرح العالمي. ونشرت صحيفة «إل بايس» الإسبانية الوثائق الدبلوماسية الأميركية السرية التي نشرها موقع «ويكيليكس». وكتب دبلوماسيون أميركيون بعد اختيار جوزيف راتسنغر الألماني المولد بابا للفاتيكان عام 2005 إن البابا بنديكتوس السادس عشر سوف يواجه «صعوبة في تعلم التعامل مع القضايا الدولية».

وركزت بعض البرقيات على المحاضرة التي ألقاها البابا عام 2006 واستشهد فيها بقول إمبراطور بيزنطي يعود للقرن الرابع عشر عن الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، وقد أثارت هذه المحاضرة غضبا شديدا في العالم الإسلامي. وكتب دبلوماسي أميركي «إنه لأمر صعب تخيله الاعتقاد بأن مثل هذا الاستشهاد من جانب البابا سيمر مرور الكرام». ووفقا لتقدير الدبلوماسي بأن البابا استشهد بهذه المقولة عن قصد لكن دون التفكير في العواقب التي تبعتها اعتذارات من جانب الفاتيكان. وأشار الدبلوماسي إلى أن «توجه البابا إزاء الإسلام وحوار الأديان أصبح يسير بوتيرة أكثر فتورا من سلفه» يوحنا بولس الثاني. وكتب دبلوماسي أميركي أن الفاتيكان اتفق مع واشنطن على أن احتمالية انضمام تركيا التي تعد حليفا للولايات المتحدة للاتحاد الأوروبي طالما عززت حقوق الأقليات الدينية في البلاد. وكتب دبلوماسيون أميركيون عام 2009 «إن الكرسي البابوي لا يعتقد أنه يمكن عقد اتفاقيات لاهوتية مع الإسلام ولكنه مقتنع بأن المعرفة المتبادلة بصورة أفضل سوف تقضي على الشكوك وتسهل التعايش السلمي». إلى ذلك رد مؤسس موقع «ويكيليكس»، الأسترالي جوليان أسانج، على الانتقادات الموجهة إليه من مسؤولين رفيعي المستوى في الولايات المتحدة الأميركية من خلال مقابلة مع شبكة «إم إس إن بي سي» الأميركية. وجاء رد أسانج بعد صدور جملة من التصريحات من قبل نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، والحاكمة السابقة لولاية ألاسكا، سارة بالين، والحاكم السابق لولاية أركنساس، مايك هاكابي. وشبه كل من بايدن وبالين نشر الوثائق والرسائل السرية الأميركية بالعمل الإرهابي، بينما وصل الحد بهاكابي إلى القول «أي حكم غير الإعدام قليل على أسانج».

ورد أسانج على تصريحات هاكابي بالقول «إنه مجرد أحمق آخر يحاول أن يشهر نفسه»، مضيفا «إذا أردنا أن نكون مجتمعا مدنيا بحق، يجب ألا نسمح لكبار المسؤولين بالتحريض على القتل والجريمة عبر قنوات التلفزيون الوطنية». وتحدث أسانج من إنجلترا بعد أن حكم عليه بالإقامة الجبرية إثر إطلاق سراحه لاشتباهه بالتورط في علاقات جنسية «مشبوهة» في السويد. إلى ذلك قال أسانج في لقاء مع «الجزيرة» مساء أول من أمس إنه لم يعقد أي اتفاق مع إسرائيل، وكشف عن أن موقعه سينشر المئات من الوثائق المتعلقة بها في الشهور المقبلة، مؤكدا أن بحوزته نحو 3700 وثيقة في هذا الشأن، 2700 منها فقط مصدرها إسرائيل. وأضاف أن ما نشر عن إسرائيل حتى الآن يمثل 1% أو 2% من الوثائق المتعلقة بها، لكنه أكد أن الصحف العالمية التي اتفق معها على نشر الوثائق هي التي تختار ما تنشره حسب اهتمامها، وقال إن ذلك قد يعكس «انحياز» بعض هذه الصحف، وأن الموقع سينشر كل الوثائق التي لديه عن إسرائيل. وكشف أسانج عن أن هناك وثائق حساسة ومصنفة على أنها سرية وتتحدث عن حرب إسرائيل على لبنان في صيف 2006، وأخرى تتناول موضوع اغتيال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود المبحوح في دبي، وأن هناك حركة برقيات دبلوماسية حول موضوع الجوازات التي استعملها «الموساد» في هذه العملية. وقال إن هناك برقية مثيرة للاهتمام حول شبكة اتصالات حزب الله في لبنان، تتحدث عن ألياف بصرية مر أحدها قرب جدار السفارة الفرنسية ببيروت، مشيرا إلى أن هذه المسألة «تقلق واشنطن لأن السيطرة على الاتصالات مهمة». وأوضح أن هذه الوثائق السرية تتضمن أيضا إشارات إلى «الموساد» معظمها سري وتتحدث عن اتصالات رفيعة في قضية اغتيال شخصية سورية برصاص قناص، مشيرا إلى أن عملية نشر هذه الوثائق المتعلقة بإسرائيل وبعض الدول العربية قد تستمر 6 أشهر.

إلى ذلك، قالت صحيفة نرويجية إنها حصلت على كنز كامل من البرقيات الدبلوماسية الأميركية التي سرب «ويكيليكس» المئات منها عبر 5 صحف عالمية، مما يجعل صحيفة «أفتنبوستن» في أولى وسائل الإعلام خارج الصحف الكبرى مما سيزيد مخاوف الولايات المتحدة من أن تسريب بعض منها سيعرض حياة المخبرين للخطر.

وحتى الآن أصدر «ويكيليكس» نحو 1900 من أكثر من ربع مليون برقية صادرة من السفارات الأميركية وموجهة إلى وزارة الخارجية في واشنطن، وكثير من هذه الوثائق يحتوي على مواد محرجة لقادة الدول الأجنبية. وكثير من الوثائق نشرتها أيضا صحيفة «نيويورك تايمز»، و«لوموند» الفرنسية، و«الغارديان» البريطانية ومجلة «دير شبيغل» الألمانية. وقال مدير التحرير أولي إريك ألميد في جريدة «أفتنبوستن» إنهم لا يوجد لديهم حظر أو قيود على كيفية استخدام المواد، وسينشر مقالات عن الوثائق الأميركية التي يجدها ذات صلة على الإنترنت في الطبعات الورقية.

وقال ألميد لوكالة «أسوشييتد برس»: «لقد تلقينا هذه الوثائق دون قيود ودون دفع أي أموال». ورفض الكشف بالضبط كيف حصلوا على هذا الكم من البرقيات. وقال: «نحن لا نكشف مصادرنا».